مرحلة جديدة لصراع ما بعد الهدنة.. هزيمة جديدة لإسرائيل تلوح في الأفق

ذات مصر

انتهت الهدنة بين إسرائيل وعناصر المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، ودخل القطاع على إثره مرحلة جديدة من التصعيد العسكري ليس فقط من الاحتلال ولكن من الدول الحليفة.

عقب 7 أيام من الهدنة الإنسانية أطلقت على خلفيتها حركة حماس رهائن إسرائيليين من النساء والأطفال، في مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين في سجون إسرائيل، عاد الاحتلال لأساليبه القديمة مرة أخرى وبدأ يمارس عدوانه على المدنيين دون أي اعتبار لقوانين أو مواثيق دولية.

خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مساء أمس يعلن أن حماس لا تستجيب إلا للقوة، وأن إسرائيل ستواصل هجماتها حتى تحقيق أهدافها في الحرب، ونشر خريطة غير واضحة المعالم تعرض "مناطق الإخلاء" في قطاع غزة.

في السابعة صباح الجمعة الماضية، شنت طائرات إسرائيلية سلسلة من الغارات العنيفة على شمال وجنوب ووسط قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد مئات الفلسطينيين، وإصابة أكثر من 500 آخرين.

إسرائيل تهاجم المدنيين

زعم جيش الاحتلال أنه هاجم 200 هدف من البر والبحر والجو في شمال وجنوب القطاع بحلول وقت الغداء، بما في ذلك مدينة خان يونس الجنوبية التي أمر المدنيين بإخلاء القطاع منها.

في ثلاثة أيام، دمر القصف على غزة منازل ومباني أخرى بينما توقفت المساعدات عن سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، مما دفع روبرت مارديني، رئيس الصليب الأحمر، إلى التحذير من عودة "الوضع الكابوسي" للمدنيين.

قالت إسرائيل إن حماس انتهكت الهدنة ولا يمكن تجديدها لأن الحركة فشلت في عرض إطلاق سراح الرهائن المتبقيات في غزة. وقال إيلون ليفي، المتحدث باسم الحكومة: "بعد أن اختارت حماس التمسك بنسائنا، فإنها ستتلقى الآن أم الضربات".

ردت حركة حماس على مزاعم الاحتلال فيما يخص رفض إطلاق سراح أسيرات، وقالت إن بعض النساء المطلوبات كن جنديات إسرائيليات، وإنها عرضت تسليم معتقلين آخرين بالإضافة إلى جثث ثلاثة من أفراد عائلة بيباس قالت إنهم قتلوا في القصف الإسرائيلي، لكن العرض قوبل بالرفض. واتهمت حماس، في بيان لها، إسرائيل باتخاذ “قرار مسبق باستئناف عدوانها الإجرامي على قطاع غزة”.

وأنهى القتال هدنة هشة استمرت سبعة أيام أفرجت خلالها غزة عن 80 رهينة إسرائيلية و24 أجنبيا، بينما أطلقت إسرائيل سراح 240 سجينا فلسطينيا من سجونها. ولم تدخل غزة سوى قدر محدود من المساعدات الإنسانية، حيث لا يزال هناك نقص شديد في الغذاء والمياه والأدوية.

عملية برية على الجنوب

يحاول الاحتلال حفظ ماء الوجه عبر هجومه الغاشم على المدنيين وإزهاق أكبر عدد من الأرواح البريئة، إذ أعلن الاحتلال، اليوم، بدء عملية برية شمال مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة، وذلك في اليوم الثالث بعد انتهاء الهدنة المؤقتة التي استمرت لمدة أسبوع واحد فقط.

منذ بداية العدوان في أكتوبر الماضي، ركز جيش الاحتلال على المنطقة الشمالية من قطاع غزة وتسبب في أضرار جسيمة في الشمال والجنوب. يزعم الجيش الإسرائيلي في عملياته أنه يهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وبشكل رئيسي حركة المقاومة الإسلامية حماس، ويدعي أنه يقوم بعمليات برية لاستعادة الرهائن في غزة.

حتى الآن، لم يتحقق الجيش الإسرائيلي من أي من أهدافه المعلنة خلال العدوان الحالي الذي بدأ في أكتوبر الماضي، حيث لم يتتحقَّق أي من أهدافه في الفترة الأولى من العدوان.

بريطانيا تحلق فوق غزة

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أعلنت وزارة الدفاع البريطانية اليوم نيتها إجراء رحلات استطلاعية فوق قطاع غزة بهدف مساعدة في تحديد مكان الأسرى الذين يحتجزهم المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس.

وأكدت الوزارة أن الطائرات المستخدمة في هذه الرحلات ستكون غير مسلحة ولن تشارك في أي نشاط قتالي، وسيكون دورها الرئيسي هو تحديد موقع الأسرى، ومن المقرر أن تبادل المعلومات المتعلقة بإنقاذ الرهائن فقط مع الجهات المختصة في إنقاذ الرهائن.

أمريكا تحذر من هزيمة استراتيجية

ذكرت مصادر في صحيفة "نيويورك تايمز" أن إسرائيل تعتزم تنفيذ عملية عسكرية مكثفة في قطاع غزة في الأسابيع القادمة، ومن المتوقع أن يتراجع مستوى القتال بعد ذلك إلى مرحلة أقل شدة.

ووفقًا لتقرير الصحيفة، تخطط القوات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في الأسابيع القادمة، ومن المرجح أن تنتقل بعد ذلك إلى عمليات ذات شدة أقل.

كما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير سابق نقلاً عن مصادر، أن المرحلة الأكثر كثافة في العملية البرية الإسرائيلية ستحدث في بداية عام 2024، وقد يستغرق العملية بشكل عام أكثر من عام واحد.

وفي السياق ذاته، أكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي الذي قام بأربع زيارات إلى إسرائيل والمنطقة منذ بداية الحرب، على أن "إسرائيل يجب أن تتصرف وفقًا للقانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب، حتى عندما تواجه جماعة إرهابية لا تحترم أيًا منهما".

وقال بلينكن إن إسرائيل عليها أن تتجنب حدوث نزوح كبير للمدنيين داخل غزة، ويعني أيضًا تجنب إلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات ومحطات الطاقة ومرافق المياه، ويعني أيضًا إعطاء المدنيين الذين نزحوا إلى جنوب غزة الخيار للعودة إلى الشمال فور توفر الظروف، ويجب ألا يكون هناك نزوح داخلي دائم.

بعد نحو 55 يوماً على عدوانها على غزة، تتلقى إسرائيل حتى هذه اللحظة دعمًا غير مشروط من حليفتها الولايات المتحدة بالإضافة إلى جل الدول الأوروبية التي تغض الطرف عن المجازر الشنيعة التي يرتكبها جنود الاحتلال تجاه المدنيين، في ظل فشل على أرض الميدان في إجهاض المقاومة الفلسطينية.