«قتل الكلمة».. إسرائيل تستهدف الصحفيين في فلسطين ولبنان

ذات مصر

منذ أن بدأ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مئات الجرائم والانتهاكات الجسمية بحق الصحفيين ووسائل الاعلام في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وجرح وفقدان عشرات منهم، وتدمير منازل لهم ولعائلاتهم، فضلا عن تدمير مقار إعلامية.

وأوضحت في تقرير صادر عن نقابة الصحفيين أن 75 صحفياً وعاملاً في  قطاع الإعلام استشهدوا، فيما أصيب نحو 80 صحفياً بجروح، وفقد صحفيان اثنان، بينما قصف الاحتلال منازل عائلات 60 صحفياً، ودمر مقار 63 مؤسسة ومكتباً صحفي، وعطل عمل 25 إذاعة محلية (24 في غزة وواحدة في الضفة)، وأغلق وقيد عمل 3 وسائل إعلامية، واعتقل 43 صحفياً منهم 41 في الضفة واثنان في غزة، حيث لا زال منهم 30 قيد الاعتقال، وأغلبهم تم تحويلهم للاعتقال الإداري.

وأكدت النقابة في بيان لها، أنها تبذل كل جهودها على مستويين، الأول توفير ما يمكنها من مقومات الصمود والحياة واستمرار عمل الصحفيين في قطاع غزة وضخ الحقائق، والثاني قيادة الجهد الدولي لوقف حرب الإبادة واستهدف الصحفيين وتوفير الحماية لهم كمهمة عاجلة، والتأسيس لمحاسبة ومعاقبة قادة الاحتلال في المحاكم الدولية.

 جريمة حرب وسط صمت دولي 

من جهتها  قالت هيومن رايتس إن الضربتين الإسرائيليتين في لبنان اللتين قتلتا الصحفي في "رويترز" عصام عبدالله وجرحتا ستة صحفيين آخرين، هما هجوم متعمد مفترض على المدنيين، وبالتالي جريمة حرب وتشير شهادات الشهود وأدلة الفيديو والصور التي حققت منها هيومن رايتس إلى أن الصحفيين كانوا بعيدين تماما عن الأعمال القتالية الجارية، وكان واضحا أنهم إعلاميون، وظلوا ثابتين لمدة 75 دقيقة على الأقل قبل أن تصيبهم هجمتان متتاليتان ولم تجد هيومن رايتس أي دليل على وجود هدف عسكري قرب موقع الصحفيين.

وقال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس: "هذه ليست المرة الأولى التي يفترض فيها أن القوات الإسرائيلية هاجمت صحفيين عمدا وتسببت بالقتل والدمار ويجب محاسبة المسؤولين والإعلان بوضوح أن الصحفيين وغيرهم من المدنيين ليسوا أهدافاً مشروعة".

بينما علقت منظمة العفو الدولية على الواقعة بأنه هجوم مباشر على مدنيين يجب التحقيق فيه كجريمة حرب.

وقد تحققت منظمة العفو الدولية من صحة ما يزيد على 100 مقطع فيديو وصورة، وحللت شظايا الأسلحة التي أُخذت من الموقع، وأجرت مقابلات مع تسعة شهود وتشير النتائج إلى أنه كان واضحا أن المجموعة تضم صحفيين وأن الجيش الإسرائيلي عرف أو كان يجب أن يعرف أنهم مدنيون، ومع ذلك هاجمهم بضربتين فصلت بينهما 37 ثانية.

وعلى جانب آخر شددت وزارة الإعلام الفلسطينية على أن إصابة الإعلاميين إبراهيم قنن "مراسل قناة الغد"، وصالح المصري وزوجته، وتدمير منزل رامي الشرافي "مدير إذاعة زمن"، وتدمير منزل باسل خير الدين "مذيع قناة القدس اليوم" واستهداف عدة مؤسسات إعلامية لا ينفصل عن سجل دولة الاحتلال الحافل بالقتل والتدمير والملاحقة لحراس الحقيقة.
وأطلقت الوزارة نداءً عاجلاً للاتحاد الدولي للصحفيين ولكل الأطر الدولية ذات الصلة، لحماية الإعلاميين وتحريك دعاوى قضائية بحق قتلتهم.

تاريخ إسرائيل الأسود

ليست هذه المرة الاولى لا إسرائيل في اغتيال وقتل الصحفيين لكن الموضوع كان مستمرا لسنوات عدة ماضية، ومن أبرز الصحفيين الذين اغتالوا الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في ١١ مايو ٢٠٢٢ حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن إصابتها بعيار ناري بالرأس وأن وضعها حرج للغاية وقد تم اغتيالها خلال تغطيتها لاقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين وبعد دقائق أعلنت وزارة الصحة أنها توفيت في قسم الطوارئ بمستشفى ابن سينا التخصصي بمدينة جنين متأثرة بإصابات خطيرة في الرأس.

فيما أكد مدير معهد الطب العدلي في نابلس أثناء تشريحه لجثمان أبو عاقلة أن الرصاصة التي أصابتها كانت قاتلة وبشكل مباشر في الرأس ثم تم دفنها في مقبرة جبل صهيون في باب الخليل بمدينة القدس المحتلة.

بينما في عام ٢٠١٨ استهدفوا الصحفي الفلسطيني أحمد أبو حسين حيث أصيب برصاص متاجر في منطقة الصدر والبطن، بعد استهدافه بشكل متعمد ومباشر، من قناصة الاحتلال، بينما كان يمارس عمله بتوثيق التظاهرات الشعبية السليمة، ضمن مسيرات العودة الكبرى، شرقي مدينة جباليا شمال شرقي قطاع غزة.

اخترق الرصاص "الإسرائيلي" المتفجر، والمحرك دوليا، الجانب الأيسر من صدر وبطن الشهيد، ونقل على الفور للعلاج في مستشفى الإندونيسي في بلدة بيت لاهيا شمال غرب غزة ووفق مصادر طبية، فإن الرصاص " الإسرائيلي" تفجّر داخل جسد الصحفي أبو حسين، وتسبّب بتهتّك كبير في معظم أعضائه الداخلية، الكبد والطحال وجزء من الأمعاء والبنكرياس، وخضع لعمليات جراحية أولى في المستشفى الإندونيسي، على الفور بعد وصوله المشفى.

ضمير العالم "ميت"

عندما عرضت قضية شيرين أبو عاقلة للمحكمة الجنائية الدولية بسبب تصريحات الشهود ولقطات الفيديو تظهر بوضوح أن شيرين أبو عاقلة وزملاءها تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قوات الاحتلال، ولكن ادعت السلطات الإسرائيلية، بأنها قُتلت خطأ خلال تبادل لإطلاق النار.

وفتحت هذه المحكمة تحقيقا بشأن جرائم حرب الأراضي الفلسطينية، لكن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة وتعترض على اختصاصها حيث أقر الجيش الإسرائيلي بأن هناك "احتمالا كبيرا" أن يكون أحد جنوده أطلق النار على أبو عاقلة بعد أن ظن خطأ أنها أحد المسلحين.