أيمن شرف يكتب: ثم ماذا بعد «الحرب على غزة»؟ (3-3)

ذات مصر

هذا الكلام موجه في المقام الأول إلى صناع القرار السياسي في أربع دول تتنافس على النفوذ في الإقليم، هي -بدون ترتيب حسب الدور والقدرة-: إيران ومصر وتركيا والسعودية، إلى الرؤساء والحكام ومستشاريهم السياسيين وقادة أجهزتهم المخابراتية والأمنية.

وبعيداً عن أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية:

ترك المسألة الفلسطينية، كما حدث في كل السنوات السابقة، وترك مستقبل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي قد تحسمه الحرب الدائرة على غزة حاليا في يد الغرب: أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، يعني ضمنيا ترك مقدرات شعوبكم في يدهم.

انتظار أن تتراجع الدول الحامية لإسرائيل والضامنة لبقائها حتى تجنح إلى تطبيق القانون الدولي، وألا تظل إسرائيل مستثناة من الامتثال لقواعده هو انتظار للوهم.

الدول التي أصرت على "حق المحتل في الدفاع عن نفسه" أمام "المقاومة المشروعة للمحتل" لن تكون ضامنة لسلام عادل، سيؤدي في حقيقة الأمر إلى نهاية "إسرائيل" كقوة مهيمنة نافذة في المنطقة، تحدد مستقبل الآخرين.

انتظار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن (وهو قرار غير ملزم في كل الأحوال ما لم تكن أمريكا تحديداً تؤيده وتعمل على تنفيذه فعليا)، هو إقرار بموازين القوى الحالية، أو استسلام لها، هو بمعنى أدق تبرير لحالة العجز عن الأخذ بزمام المبادرة في وضع يبدو واضحا أن بإمكان تلك الدول الأربعة (إيران ومصر وتركيا والسعودية) أن تغير الواقع السياسي في المنطقة وإلى الأبد.

المسرح العالمي جاهز للتحرك، لو امتلكتم المبادرة.

الدول الحامية لإسرائيل ستتراجع لو بادرتم باستخدام قدراتكم، لو بادرتم إلى تجمع دولي يضم روسيا والصين وغيرها من الدول الإسلامية وغير الإسلامية الكبيرة المؤثرة.

محاسبة إسرائيل على كل جرائمها، وإدانة رئيس وزرائها وقائد جيشها وضباطها وجنودها في جرائمهم ضد الإنسانية، لا تكفي، وإنما إعادة إسرائيل إلى مستوى الدول الصغيرة، محدودة الحجم محدودة النفوذ ينبغي أن يكون الهدف، وحرمان أمريكا من رأس الحربة التي تستخدمها في منذ زمن بعيد في بسط نفوذها على المنطقة وفي السيطرة على مقدرات بلدانكم، ومنع نهضة شعوبكم. 

الرأي العام في بلدانكم، والرأي العام العالمي، والرأي العام في الدول الغربية الحامية لإسرائيل، جاهزٌ لتأييد أي تحرك إنساني تدعمه القوة أو التلويح الواضح باستخدامها، مع الاستعداد لاستخدامها.

التحرك المنفرد قد يكون محفوفا بالمخاطر، لكن التحرك الجماعي المنسق كفيل بإحداث تغيير جوهري.

أدركوا اللحظة التاريخية، قبل أن تفوتكم، قبل أن تعودوا كما كنتم، تجلسون في انتظار المكالمات الهاتفية من واشنطن أو لندن أو باريس أو برلين لكي تحددوا بوصلتكم.