مستقبل غامض للأطباء والممرضات مع تأجير المستشفيات الحكومية

ذات مصر

أثار موافقة مجلس النواب على قانون "تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية" المعروف إعلامياً بـ "قانون تأجير المستشفيات الحكومية" للقطاع الخاص"، موجة من الجدل والاعتراضات بشأن تأثير القانون على المرضى المصريين ومصير الكوادر الطبية.

وتدور مخاوف بشأن حول هذا القانون والتي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات الطبية بشكل كبير بعد انسحاب الحكومة من المستشفيات التي تمتلكها الدولة، مما يُشكل عبئاً على كاهل ذوي الدخل المحدود، ويُعيق حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة، فضلًا عن تخوفات من إعاقة تحقيق التغطية الصحية الشاملة للمواطنين.

قانون المنشآت الطبية

مرر «النواب» القانون بأغلبية الأصوات، ويسمح للحكومة بمنح تراخيص لإدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية للمستثمرين المصريين والأجانب، وذلك عقب إدخال تعديلات على مشروع القانون من قبل لجنة الصحة في المجلس بدءًا من أبريل الماضي قبل أن يتم عرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب.

يشتمل مشروع القانون على شروط تنص على أن فترة التزام المستثمرين لا تقل عن 3 أعوام ولا تزيد عن 15 عامًا، وفي نهاية فترة التزامهم، يتم إعادة جميع المنشآت الصحية، بما في ذلك التجهيزات والأجهزة الطبية اللازمة لتشغيلها، إلى الدولة بحالة جيدة وبدون أي مقابل، وجرى استثناء "مراكز ووحدات الرعاية الصحية الأساسية" و"صحة الأسرة" و"عمليات الدم وتجميع البلازما" من المشروع نظرًا لأهميتها القومية.

«الأطباء» ترفض القانون: يهدد استقرار 75 من الكوادر الطبية

القانون لاقى تعارض من قطاع كبير من الأطباء في مصر، وأكد أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، أبو بكر القاضي، أن القانون سيؤثر سلبًا على المرضى المصريين، وخاصةً الأشخاص ذوي الدخل المحدود، وأشار إلى أنه يشكل تهديدًا لاستقرار 75% من الكوادر الطبية المعتمدة في تلك المستشفيات، حيث يمنح المستثمر الحق في التخلص منهم وإعادة توزيعهم دون مراعاة الظروف الاجتماعية والأسرية لهؤلاء الأطباء، مما يزيد من معاناتهم ويؤدي إلى زيادة هجرتهم إلى الخارج.

ووجه القاضي رسالة إلى مجلس النواب، ولفت فيه إلى أن القانون يتجاهل حق المرضى المصريين في الحصول على العلاج والرعاية الصحية وفقًا للدستور، وأشار إلى أن المستثمر يهدف في المقام الأول إلى تحقيق الربح، وهذا أمر مقبول، ولكن من سيضمن توفير العلاج للمرضى؟

وأكد أن الإنسان يمكنه التقشف في الطعام والشراب وتحمل الأعباء المختلفة، ولكن ماذا يفعل عند المرض؟ وشدد على أن صحة المواطن المصري هي خط أحمر ولا يجب أن تكون وسيلة لحل المشكلات الاقتصادية والإدارية في وزارة الصحة.

وأوضح أنهم ليسوا ضد الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية، سواء من المستثمرين المصريين أو الأجانب، ولكن يجب إنشاء مستشفيات جديدة وزيادة السعة الاستيعابية لتعزيز النظام الصحي بشكل عام. وأكد أن تطوير المستشفيات الحكومية هو مسؤولية الحكومة، وحق المرضى في الحصول على خدمات طبية بأسعار معقولة يجب أن يكون تحت رعاية الحكومة وليس المستثمر.

مصيرنا واحد.. حملة شعبية تتصدى لقانون تأجير المستشفيات

أعلنت حملة "مصيرنا واحد" اليوم السبت عن إطلاق حملة لجمع التوقيعات الشعبية، تهدف إلى طلب من مجلس النواب رفض مشروع القانون المقدم من وزير الصحة، الذي يسمح للحكومة بتأجير المستشفيات والمنشآت الصحية العامة للمستثمرين المصريين والأجانب.

وأوضحت الحملة في بيانها أن مشروع قانون تأجير المنشآت الصحية الحكومية، الذي من المزمع مناقشته في مجلس النواب، يشكل تهديدًا لاستقرار القطاع الصحي والخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وأشار القانون إلى أن المستثمر سيكون لديه حرية تحديد أسعار الخدمات الصحية بدون حدود محددة، وسيسمح له بتخفيض نسبة العاملين المصريين في المنشأة بنسبة 75% واستبدالهم بـ 25% من العمالة الأجنبية.

وأكدت الحملة أن دعم القطاع الخاص والأهلي في تقديم الخدمات الصحية، الذي يعتبر مبررًا لهذا القانون، لا يعني التخلي عن المستشفيات الحكومية لصالح القطاع الخاص، وإنما يتعلق بتسهيل الإجراءات للمستثمرين لإنشاء وتأسيس منشآت صحية خاصة تعزز عدد المنشآت الصحية الموجودة دون التأثير عليها، وفقًا للبيان الصادر عن الحملة.

الحملة طالبت بجمع التوقيعات بتنفيذ المادة 18 من الدستور، التي تلتزم الدولة بالحفاظ على المنشآت الصحية ودعمها وتقديم الخدمات الصحية وفقًا لمعايير الجودة، وتخصيص مبلغ لا يقل عن 3% من الناتج القومي للصحة.

الحكومة تنفي بيع المستشفيات: استثمار لرفع جودة الخدمة

لا ترى الحكومة أن القانون يشكل تهديدًا للمرضى المصريين أو للكوادر الطبية، وأكدت أن الهدف تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية دون التأثير على تلك الخدمات أو تقليلها، وأصدر المركز الإعلامي للحكومة بيانًا ينفي فيه الأخبار المتداولة حول نية الحكومة بيع المستشفيات الحكومية وتوقف الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

وأكد المركز الإعلامي أن المستشفيات الحكومية ستظل تحت ملكية الدولة وستواصل تقديم جميع الخدمات الصحية بشكل طبيعي ومنتظم للمواطنين.

 وأوضح المركز الإعلامي أن قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية يهدف إلى تمكين القطاع الخاص والأهلي من المشاركة في القطاع الصحي عن طريق إنشاء وتطوير المنشآت الحكومية وتشغيلها وإدارتها.

الكوادر الطبية في مستشفيات المستثمرين.. من التسريح للتوزيع؟ 

قال وزير الصحة خالد عبد الغفار إن المريض المصري الفقير لن يتحمل أي أعباء سواء من مقدم الخدمة قطاع خاص أو حكومي ولن يتأثر بهذا القانون، لأن هناك التزام دستوري. 

وأثار عبد الغفار جدلًا بشأن مصير الكوادر الطبية، إذ قال في لقاء تليفزيوني إن المستثمر لن يكون مجبرًا على الاحتفاظ بكل العاملين في المستشفيات، وأكد أن الحد الأدنى سيكون 25% من الكوادر.

النسبة الضئيلة التي سيبقى عليها المستثمر فتحت الباب حول تسريح الكادر الطبي، والذي سيبلغ نسبته 75% إلا أن الوزير أشار إلى أن هؤلاء سيتم توزيعهم على مستشفيات أخرى بنفس الدرجة المالية والوظيفية.

برلمانيون يرفضون القانون

أعلنت النائبة مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، رفضها لمشروع القانون، وأعربت عن استيائها من تمرير القانون قائلة: "يبدو أن الحكومة تقدم لنا بشكل متكرر قوانين، بدلاً من أن تستقطب مستثمرين وتخولهم الحصول على قطع الأراضي والاتفاق معهم وفقًا لنظام BOT لإنشاء مستشفيات لسد العجز".

كلمة النائبة في المجلس أثناء إجراء مناقشة بشأن القانون كانت مؤثرة، وقالت: "يجب أن يكون هناك مواطنون قادرون على دفع تكاليف الخدمة، وعلى ثقة بأنه سيتم تقديم الخدمة لهم مجانًا. لقد كنا نعمل ذلك في الماضي، إلا أن الواقع يشير إلى عدم قدرتنا على تنفيذه في الوقت الحاضر".

وعلق رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي، قائلاً "لا يا سيادة النائبة"، ما دفع النائبة تؤكد أن رؤيتها وتوقعاتها صحيحة: "أرى الأمر هكذا.. لا أقوم بتشاؤم، ولكن هذا ما أراه، وستتذكر التاريخ أن الحكومة قد استأجرت المستشفيات الحكومية التي تقدم الرعاية للمواطنين".

وأكدت قائلة: "مع تنفيذ هذا القانون، لن نتمكن من العثور على أسرة سريرية للمواطنين المحتاجين. فلنفكر مرة أخرى ومرتين وثلاث مرات قبل اعتماد هذا القانون".

وأكدت قائلة: "مع تنفيذ هذا القانون، لن نتمكن من العثور على أسرة سريرية للمواطنين المحتاجين. فلنفكر مرة أخرى ومرتين وثلاث مرات قبل اعتماد هذا القانون".

«المبادرة المصرية» تحذر من خطورة القانون على الحق في الصحة

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أصدرت بيانًا حذرت فيه من خطورة تأجير المستشفيات الحكومية، وأكدت أن هناك غياب لتسعير الخدمات وآليات شراء الخدمة من قبل الدولة للمنتفعين التابعين لنظم العلاج المختلفة (نظام التأمين الصحي الاجتماعي، والتأمين الصحي الشامل، ونظام العلاج على نفقة الدولة، ونظام علاج غير القادرين).

وذكر البيان أن القانون لا يضمن التزام المستثمر بتقديم الخدمات الصحية التي تحددها الدولة بكل منشأة، أو حتى التي تقوم المستشفيات بتقديمها حاليًا بدون انتقاص أو تغيير في الخدمات المقدمة، أو تقليص في عدد الأسّرة.

البيان الذي احتوى على 5 نقاط أساسية تحذر فيهم الحكومة من خطورة قانون تأجير المستشفيات كان منها أن نص قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الصحة، معتبراً أن القانون الجديد سيسمح بإخراج بعض المستشفيات الحكومية من منظومة التأمين، مما يعطل تطبيقه ويُعيق التغطية الشاملة للمواطنين، وينص القانون على تسليم بعض المستشفيات الحكومية للمستثمرين المصريين والأجانب، دون تحديد حد أقصى لعدد أو نسبة المنشآت.