أحمد عطا يكتب: السيسي أردوغان.. الرهانات الرابحة

ذات مصر

حالة من الترقب والحذر تحيط بأول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسي لتركيا وهي الدولة التي لاحقتها اتهامات عديدة بل باتت هدفًا للإعلام المصري بعد ثورة ٣٠ / ٦ وذلك نظراً للعلاقة الكاثوليكية بين التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وحزب العدالة والتنمية الذي يترأسه اردوغان ومعه نائبه القيادي الأخواني ياسين أقطاي، حتى أن تركيا وقتها فتحت أبوابها علي مصرعيها لقيادات الأخوان الهاربة من مصر مثل محمود حسين وجمال حشمت بل وأسسوا برلمان موازي في تركيا.

بل وصارت مصر بشوارعها وحواريها هدفًا لإعلام الإخوان من تركيا يوجه ضربات للمرحلة الجديدة بكل تفاصيلها، هذا بجانب أطماع تركيا في غاز شرق المتوسط، ودور الحليف الوفي الذي لعبته في ليبيا مع رئيس مجلس الرئاسي الليبي فايز السراج وتوقيع مذكرة تفاهم مشترك في ٢٠١٩ وبموجب هذه المذكرة  حصلت تركيا علي حقوق وامتيازات غير مسبوقة من ليبيا بجانب الدفاع عن ليبيا عسكرياً في حالة وجود تهديد من أي دولة اتجاه ليبيا، حتي وقع تغير دراماتيكيا لحق بكل من مصر وتركيا دفع برغبة البلدين في وجود مصالحة وانهاء الخلاف.

ولكن يبقي أهم ملفين لإنهاء أي خلاف بين مصر وتركيا، هما ملف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وملف ليبيا التي تمثل عمق للأمن القومي المصري من الحدود الغربية.

أما عن ملف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان فقد حدثت مفاوضات كثيرة بين البلدين بشأنه وانتشرت الشائعات والأقاويل حول الإفراج عن شباب الإخوان من السجون ممن لم يرتكبوا جريمة مسلحة بعد ثورة ٣٠ / ٦ على غرار المراجعات التي تبناها نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق الراحل اللواء احمد رأفت والذي نجح فيها بامتياز، لهذا انتشرت أخبار مختلفة لم يتأكد صحتها بخروج شباب الإخوان في المرحلة القادمة برعاية تركيا والقيادي التنظيم أمين عام مكتب الارشاد السابق محمود حسين الذي له الكلمة العليا في هذا الملف على الرغم من تبني وظهور حلمي الجزار لهذا الملف مع الدولة.

في حالة حدوث ذلك سيكون هناك عبء رهيب على الدولة والحكومة بسبب أهالي الشهداء الذين وقعوا بسبب العنف المسلح لتنظيم الإخوان بعد ٣٠/٦ وهنا سيبقي السؤال هل يستطيع الأعلام المصري او أي مسؤول بأقناع الشارع المصري بذلك !! خاصة وأن فكرة إعادة تدوير تنظيم الإخوان حتى لو تخلى التنظيم عن العنف مرفوضة. 

أما الملف الثاني وهو الملف الليبي فهناك تنسيق كامل بين مصر وتركيا وأطراف دولية لإعادة ليبيا الي مصاف الدول القوية وخاصة أنها لديها ثروات نفطية ضخمة تمكنها  من تحقيق ذلك بالتنسيق مع  روسيا والإمارات وإيطاليا  تحديدا لأن أمريكا لا يعنيها الشرق الأوسط سوى الحليف الوفي والقريب من أمريكا وهي مصر وليس لها أطماع نفطية في ليبيا.

ويبقي تحقيق المصالح المشتركة بين مصر وتركيا التي يترقبها الجميع من هذه الزيارة الأولي لمصر، تركيا متقدمة في صناعات مختلفة منها صناعة المسيرات او الصناعات الحربية وصناعة الأجهزة المنزلية والأقمشة والأثاث نظرا للخبرات الطويلة التي حصلت عليها من أتراك ألمانيا الذين لعبوا دورًا في إحداث نقلة صناعية لتركيا وهذا هو الرهان الحقيقي لمصر أن يكون هناك تبادل شراكة في مجالات مختلفة وليس بيع مشروعات ناجحة في مصر ولا بيع قطع أراضي بشكل مباشر.

 مصر لديها عمالة رخيصة بالمقارنة بالعمالة الهندية والصينية تحتاج مزيد من التدريب، تركيا دولة طموحة تلعب علي خطط طويلة الأجل لتحقيق انتصارات ومكاسب لدينا معها علاقة تاريخية حتي أربعينيات القرن الماضي. 

 تاريخياً  تم نقل أمهر العمالة المصرية الى الإستانة بأمر من السلطان سليم الأول  لإحداث نقلة صناعية  في تركيا وهذا مذكور عند ابن إياس وفي كتب كثيرة منها غزوات السلطان سليم، لهذا لابد أن ننهض بمصر علي طريقة مال الله لله ومال قيصر لقيصر فلقد انتهي زمن التحالفات وتم استبداله بالمصالح المباشرة.