أحمد عطا يكتب :- جبال الأفيون

ذات مصر

عندما يدفعك الحظ وتتحرك سيراً إلى طريق الخشخاش عبر جبال أفغانستان ستكتشف بعد ساعات أنك دخلت عالم آخر لا تسمع فيه سوى موسيقى الموتى صنعتها الإدارة الأمريكية الحالية، هذا الطريق صمم ليكون بديلاً عن انسحاب القوات الأمريكية من  أفغانستان وعودة طالبان التنظيم الذي تقاسم حكم أفغانستان مع إدارة بايدن وتشاركا زراعة وبيع الأفيون لجميع أنحاء العالم، وهذا التقاسم ترتب عليه  وضع  غير إنساني للشعب الأفغاني الذي خططت له أمريكا بذكاء شديد وهو تحويل جبال أفغانستان  لمزارع تمتد إلى آلاف من الكيلو مترات لزراعة نبات الأفيون الذي صار المصدر الوحيد للدخل لهذا البلد المنكوب الذي دمرته الحروب لأكثر من 40 عاماً.

لهذا أتوقف أمام أمرين الأمر الأول هو وعد بايدن بالإفراج عن 9 مليار دولار دولار لدولة أفغانستان ولم يف بوعده وهو علي مقربة من انتهاء ولايته، الأمر الثاني هو تحويل جبال كندهار إلى أكبر مزرعة في العالم لزراعة وتصنيع الأفيون وتصديره إلى شركات الدواء العالمية التي تحصل على الأفيون الخام بقيمة 3.2 مليار دولار وبسعر أقل من مناطق كثيرة في المغرب وتركيا والبرازيل والمكسيك، حتى أن أجهزة مخابرات دولية ووكلاء تابعين لها يشرفون علي عملية النقل من مصانع الأفيون ومن سوق "توتو" وهو إكبر أسواق أفغانستان لبيع الأفيون وحسب ما أكدت المصادر الدولية أن حالة الفقر في أفغانستان قد وضعت الأسر الأفغانية بين الإغراق في الإدمان حتى أن بعضهم يبيع أطفاله الصغار في مقابل الحصول على الأفيون ويتم بيع الأطفال في العاشرة من عمرهم بغرض ممارسة الجنس معهم "ظاهرة الباشا بازي والغلمان".

علي الجانب الآخر يستمر نهب أفغانستان ما بين الثروات المحرمة مثل الأفيون زراعة وصناعة وما بين الثروات الطبيعية الضخمة التي تتقاتل عليها 4 دول وهم أمريكا وفرنسا والصين وألمانيا أبرزها الذهب والليثيوم واليورانيوم وتحتوي وتضم أفغانستان 10٪؜ من إنتاج العالم في الثلاثة معادن ما جعل الشركات العالمية تتواجد على الأراضي الأفغانية وتدخل في منافسة شرسة تحت مظلة طالبان، ولكن يبقى السؤال الذي فرض نفسه علي الدوائر السياسة في أرجاء العالم ماذا أضافت الولايات المتحدة الأمريكية بوجودها على الأراضي الأفغانية وفي حربها مع طالبان لمدة استمرت عشرون عاماً وانسحاب أشبه بالأفلام التي تصنعها أمريكا بحرفية شديدة وهو فيلم من مشهد واحد صور بالكامل في مطار حامد كرزاي وهو عبارة عن طائرة أمريكية يحاول الشعب الأفغاني المكلوم أن يفر من جحيم طالبان بعد انسحاب أمريكا إلى جنة منهاتن وأموالها.

تحصل كبرى الشركات الأمريكية والصينية على 80٪؜ من استخراج الليثيوم الذي يدخل في صناعة بطاريات الهواتف المحمولة، هذا بجانب اليورانيوم الذي ينقل إلى المفاعلات النووية السلمية وغير السلمية في أربعة دول أوربية، هذا بجانب مخطط ينفذه الأمن القومي الأمريكي بالاشتراك مع الخارجية الأمريكية وهو يرتكز على تغيير هويات الدول التي استقبلت تنظيمات إرهابية علي أراضيها مثل أفغانستان وسوريا والعراق، وهو مخطط تقسيم وتفتيت ونهب هذه الدول يتم برعاية أمريكا التي تستحوذ على بترول منطقة الجزيرة في سوريا ولا يحصل الشعب السوري على دولار واحد.

أمريكا وإيران وتركيا يتقاسمون بترول العراق أيضًا ولك أن تتخيل عزيزي القارىء أن مخطط تغيير الهوية والإفقار وصل في العراق إلى مستويات فظيعة بوجود 7 ملايين أرملة و8 ملايين أمي "غير متعلم"، فهذا ما يحدث في العراق الذي علم العالم العلوم والآداب، لهذا ما فعلته أمريكا تحت مظلة ربيعها العربي دمر المنطقة العربية ونشر الفقر والجوع والجهل وأفغانستان الدولة الغنية بمواردها نموذج دراماتيكي يبكي العالم بل وصل بهم الأمر في سوق توتو لبيع الأفيون أن ترى أب يبيع طفله في مقابل نصف كيلو أفيون للتعاطي أو للتجارة والطفل المسكين يستخدم لممارسة الشذوذ الحنسي معه حتي ينعم الطفل الأمريكي بأفضل رفاهية في التعليم والصحة والغذاء على طريقة فليحترق العالم وتحيا أمريكا.