1000 جنيه للنساء مقابل عدم الإنجاب.. مبادرة حكومية على طريقة «سيارة المغتربين»

ذات مصر

على طريقة مبادرة سيارة المغتربين والتي لم تلقى ترحيبا من قبل العاملين في الخارج، وفي خضم الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن المصري، وتفرغ جيبه من كل «قرش»، خرجت الحكومة اليوم ممثلة في وزارتي المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، لتعلن عن توقيع بروتوكول تعاون، بشأن برنامج الحوافز المادية بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، ينص على منح 1000 جنيه سنويا لكل سيدة تلتزم بعدم إنجاب أكثر من طفلين، مع الحصول على المبلغ الإجمالي عند الوصول لسن الـ45.

 

البروتوكول الذي وقعته كلا من الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، وفي حضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، جاء ليكشف النقاب عن الحوافز المالية التي أعلنت عنها الحكومة منذ فترة، لتحفيز السيدات على عدم إنجاب أكثر من طفلين، خاصة في ظل الزيادة السكانية المتصاعدة سنة تلو الأخرى، إلا أنه لم يفصح عن الشروط الخاصة بآلية الحصول على تلك الحوافز، مع طريقة تنفيذ هذه الآلية.

 

1000 جنيه لكل سيدة سنويا

وزير المالية قال إن الوزارة ستقوم بادخار مبلغ بقيمة 1000 جنيه سنويا لكل سيدة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، ويستحق المبلغ المتراكم لها ببلوغها سن 45 عاما، بشرط التزامها بجميع شروط المشروع والمتابعة الدورية، ويسقط حقها في المطالبة بأية مبالغ مالية في حال إنجابها الطفل الثالث، موضحا أنه سيتم حساب المبلغ المتراكم والمستحق لكل سيدة متزوجة لديها طفلان على أساس سنها وقت الاشتراك في البرنامج، وفقا لعدة محددات. 

ووفقا للمبلغ الذي حددته وزارة المالية والمقدر بـ 1000 جنيه سنويا، فإنه في حال تسجيل السيدة بالمشروع في عمر 21 سنة وفي عام 2023 وعدم إنجابها أكثر من طفلين، ستحصل على 25 ألف جنيه عند وصولها لسن الـ45 في عام 2048.

وبحساب «أدنى» زيادة لسعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، تقدر بـ 10% سنويا، أى تعادل 3 جنيه في منتصف مارس 2023، فإن الدولار الواحد سيبلغ 105 جنيه في عام 2048 أى بعد مرور 25 سنة.

وفي عام 2048 ستحصل السيدة الملتزمة بإنجاب طفلين فقط على مبلغ 25 ألف جنيه من وزارة المالية، وهو المبلغ الذي يعادل 239 دولارا في هذا العام.

 

مبادرة بدون آليات منطقية!

المبادرة التي أعلنت عنها الحكومة، بشأن تحفيز السيدات على عدم إنجاب أكثر من طفلين، هي «جيدة ومثالية»، في ظل الزيادة السكانية المتسارعة بشكل مخيف، إلا أنها تأتي على غرار عدة مبادرات أخرى «فُرغت من مضمونها»، وتحولت لفاشلة بسبب آلية التنفيذ، والتي تجعل المواطنين ينصرفوا عنها، وتتحول لمجرد ورق على حبر في رفات مكتب عتيق.

وعلق الدكتور طه أبو حسين أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية على تلك المبادرة بالقول: «ستتحول لمبادرة فاشلة ولن يستجيب المواطنين لها».

وأضاف أستاذ علم الاجتماع في تصريحات خاصة لموقع «ذات مصر»، أن الدولة تحاول من سنة 1994، تحديد النسل، لكن دون فائدة، منتقدا الآلية التي يتم من خلالها تنفيذ المبادرات، والتي تجعل المواطنين يتخذوا مسارا معاكسا لها، معتبرا أن الإعلان عن تلك المبادرة عبر وزارة المالية هو خطأ كبير، كونها جهة منوطة بتدبير الأموال فقط لا أكثر.

 

بحاجة لتغيير العقليات داخل الحكومة

وشدد الدكتور طه أبو حسين على ضرورة تغيير العقليات المتواجدة داخل الحكومة، والمسؤولة عن مثل تلك المبادرات، ضاربا مثال بمبادرة استقدام السيارات للمصريين بالخارج، والفشل الذي انتهت عليه، على الرغم من كونها مبادرة جيدة ومفيدة للدولة والمواطنين، إلا أن الشروط التي جاءت بها وآلية التنفيذ تسببت في فشلها.

وانتقد أستاذ علم الاجتماع خروج وزارة المالية للكشف عن المبادرة، وكذلك المبلغ «الزهيد» الذي رصدته كحافز للسيدات اللواتي تلتزمن بإنجاب طفلين على الأكثر، معقبا بالقول: «هناك أزمة مالية بالبلاد، والمالية عليها أن تنشغل بسبل حل هذه الأزمة، وتترك ملف الإنجاب للجهة المنوطة به».