عراقيل حزبية في انتظار «الطنطاوي» بعد إعلان ترشحه للرئاسة 2024

ذات مصر

بتلميحه إلى خوض غمار رئاسيات 2024، وتقديم البديل المدني الديمقراطي الذي تحتاج إليه مصر، ضرب أحمد طنطاوي، الرئيس السابق لحزب الكرامة الناصري، أول الأحجار في مياه الرئاسة الراكدة، في وقت يكتنف الغموض موقف الحركة المدنية الديمقراطية من احتمالات دعمه في نزال الرئاسيات.  

وأعلن طنطاوي، أمس، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" عن عودته إلى مصر، في مايو المقبل، بعد قرابة 10 أشهر  قضاها في لبنان، لتقديم ما أسماه واجبه في تقديم البديل المدني الديمقراطي الذي تحتاج إليه مصر ويقدر عليه شعبها العظيم.

طنطاوي غادر مصر في أغسطس الماضي متجها إلى لبنان، بعد تعرضه لضغوط أمنية لم يفصح عن شكلها، بسبب مهاجمته المستمرة للنظام، ومطالبته الرئيس بالتنحي عن منصبه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.


إعلان الطنطاوي بدون تنسيق


مصادر مقربة من طنطاوي أكدت أنه لم ينسق مع قيادات الحركة الوطنية حتى الآن في إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية، في ظل انتظار الحركة لانطلاق جلسات الحوار الوطني بشكل رسمي لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور في علاقة السلطة بالمعارضة.
إذ أوضح رئيس حزب الكرامة السابق، محمد سامي، في تصريحات لـ"ذات مصر" أنه لم يحدث تواصل  نهائيًا مع طنطاوي خلال الفترة السابقة بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، أو حتى دراسة موقف للقرار.
واعتبر سامي إعلان رئيس الكرامة السابق إلى مصر للقيام بواجبه في تقديم البديل المدني الديمقراطي الذي تحتاج إليه مصر ويقدر عليه شعبها العظيم، لا يعني بالضرورة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024.



الحركة المدنية تنتظر الحوار الوطني

 

ورغم إلحاح رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات لإعداد التيار المدني لمرشح رئاسي، فإن قادة الحركة المدنية لم يظهروا اهتماما بدعوات السادات، بدعوى التركيز على الاستعداد للمشاركة في جلسات الحوار الوطني، الذي تعقد عليه المعارضة آمالها لضخ الدماء في شرايين العمل السياسي.
عموما، لا يلقى اسم طنطاوي الترحيب الكامل لدى أطراف داخل الحركة المدنية، بسبب رفضه المشاركة في تحضيرات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل نحو عام من الآن، لعدم ثقته في إجراء أي تغيير سياسي تحت مظلة النظام الحالي، ما ترتب عليه لاحقا استقالته من منصب رئيس حزب الكرامة.

وأرجع النائب السابق رفضه المشاركة حتى "لا يضيع صوته سدى بعد أن أصبح الحوار كرنفالا هدفه تجميل المشهد"، فيما اكتفى بالإشارة إلى أن استقالته من الكرامة جاءت لتعارض وجهات النظر، بعدما أيقن أن استمراره سيدفعه لتغيير قناعاته فيما يخص علاقته بالسلطة والحلفاء في حزبه.

وفقا لمصادر حزبية، عارض طنطاوي بشدة التوسع في التنسيق الأمني الجاري مع وجوه المعارضة في ضوء التحضير للمشاركة في الحوار الوطني وإعداد قوائم المحبوسين احتياطيا والصادر بحقهم أحكام قضائية على ذمة قضايا سياسية، وهو ما تسبب في الصدام بين طنطاوي وقيادات الحزب الناصري.


وذكرت تقارير صحفية في وقت سابق أن آراء طنطاوي لم تكن تلق قبولا من القيادات القديمة في الحزب، حيث اعتبروا تصريحاته السياسية الموجهة لسياسات النظام تضر الحزب.

خالد داوود، المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، أكد في تصريحات لـ"ذات مصر"، أن طنطاوي من حقه بكل تأكيد أن يعود لوطنه في الوقت الذي يرغب فيه، خاصة أنه غير ملاحق في أي قضايا، ومن حقه ايضا الترشح لأي منصب يرغب فيه، مع الوضع في الاعتبار أن التيار المدني واسع ولديه الكثير من البدائل والبرامج.

وأوضح داوود: "لكي ينجح أي مرشح فلا بد أن يكون لديه رؤية وبرنامج مفصل لكل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يكون لديه قاعدة تدعمه من تيارات عدة، وألا يكون مجرد مشروع فردي يعكس رؤيته الشخصية.
 


كيف تفاعل الإخوان مع عودة طنطاوي؟
 


بينما حاولت الحركة المدنية الديمقراطية تجاهل فكرة دعم ترشيح طنطاوي لرئاسيات 2024، تباينت ردود فعل نشطاء جماعة الإخوان المسلمين وأبواقها الإعلامية، بين الترحيب والتشكيك.
الإعلامي الإخواني هيثم أبو خليل لم يمانع فكرة وجود مرشح مدني ينافس الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، لكنه استبعد في الوقت ذاته أن توفر الحكومة المصرية الضمانات الكافية لإجراء انتخابات نزيهة والاحتكام إلى صناديق الانتخابات لإحداث تغيير سياسي.
بل إن أبو خليل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، في خضم تعليقه على خبر عودة ابن قلين من لبنان، إذ طرح تساؤلا استشرافيا حول إمكانية تعامل مؤسسات الدولة مع رئيس لا ينتمي للمؤسسة العسكرية، متوقعا أن يلقى طنطاوي مصير الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي في 2013.
غير أن بعض المنصات الإخوانية شككت في نوايا طنطاوي نفسه، بوضع احتمالات توظيفه للعب دور "المحلل"، لإضفاء الشرعية على الانتخابات الرئاسية.
عودة طنطاوي أربكت حسابات الكثيرين في ظل حالة الصمت التامة عن وجود استعدادات لإجراء انتخابات رئاسية في 2024، ما يوحي أن القوى المدنية والإسلامية المقيمة بالخارج ليست مستعدة حتى الآن لمقارعة الرئيس الحالي، رغم الانتقادات المستمرة لأسلوب الحكم.