بعد «سميح ومنصور»| رجال أعمال النظام يهربون من الاستثمار في مصر.. ومصادر: «الأرباح أساسية»

ذات مصر

لم تعد مصر واجهة استثمارية سواء لمستثمرين أجانب أو حتى محليين، بل أصبحت طاردة للجميع حتى رجال الأعمال المقربين من نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرروا أيضًا الخروج من مصر بحيل «غير معتادة» رغم الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد والتي تتطلب استمرارهم للبناء عليهم.

رسائل دعم حكومية للقطاع الخاص

دأب الرئيس السيسي، ووزراء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، التأكيد أن مصر ترحب بمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، والإعلان عن تسهيلات هائلة للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب لحثهم على الدخول والتوسع في السوق المصرية.

رسائل وقرارات نظام الرئيس السيسي، لم يكن لها صدى نهائيًا لدى أصحاب رؤوس الأموال بل إنها قوبلت بقرارات وتحركات سلبية، فأعلن وزير المالية المصري، محمد معيط، خروج 90% من الاستثمارات الأجنبية من البلاد، علاوة على إعلان رجال أعمال مصريين وقف استثماراتهم، أو مغادرة السوق المصري.

وزير المالية نفسه، شدد اليوم الأربعاء، في حوار مع طلاب جامعة بدر بالقاهرة، على أن الحكومة تسعى لتهيئة المجال لمشاركة القطاع الخاص، باعتباره قاطرة التنمية، وأنها مستمرة في تنفيذ برنامج الطروحات المعلن عنه.

ساويرس يصدم المصريين

قبل أيام، صدم رجل الأعمال المعروف، ورئيس شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية، سميح ساويرس، المصريين بإعلانه عدم الدخول في استثمارات جديدة في مصر بسبب الأوضاع والقرارات الاقتصادية الحالية، وصعوبة دراسة ربحية المشروع إثر أزمة صرف العملة.

وأضاف ساويرس، أنه بدأ بالفعل التفاوض بشأن تنفيذ العديد من المشاريع في المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن المملكة تشهد حاليًا ثورة على جميع المقاييس، وأن فرص الاستثمار بها واعدة في ظل ما تقدمه من تسهيلات.

تصريحات ساويرس، كان لها صدى واسع لدى قطاع عريض من كل الجهات حتى أن رجل الأعمال نفسه، وشقيقه نجيب خرجوا في بيانات وتصريحات تلفزيونية لتصحيحها وتوضيحها على حد وصفهم، رغم تأكيد مضمونها.

منصور وناصف يتوسعان خارجيًا

تصريحات ساويرس، أكدتها تقارير إعلامية أمريكية، كشفت عن توصل رجل الأعمال المصري، وصاحب توكيل شيفرولية مصر، محمد منصور، لاتفاق لشراء نادي في الدوري الأمريكي انطلاقًا من عام 2025، بقيمة نصف مليار دولار.

وأضافت التقارير، أن منصور كسر بذلك الرقم القياسي للمبلغ المدفوع للحصول على حقوق إنشاء نادٍ وإشراكه في الدوري الأمريكي، مشيرةً إلى أن أعلى مبلغ للإنشاء مسبقًا بالدوري كان لنادي شارلوت في عام 2019، والذي بلغ 325 مليون دولار أمريكي.

الاستثمار الجديد لمنصور ليس الخروج الوحيد أو التوقف عن التوسع في مصر، بل سبقه كشف تقارير برتغالية، عن استحواذ رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس، على 46% من أسهم الشركة الرياضية التابعة لأحد الأندية البرتغالية.

وأعلن نادي فيتوريا جيماريش البرتغالي، عبر موقعه الرسمي، عن استحواذ ساويرس على نسبة بيرة من أسهم الشركة الرياضية التابعة للنادي، مشيرًا إلى أن الصفقة تمت مقابل 5.5 مليون يورو.

هروب أبناء «فريد خميس»

الهروب الأكبر كان لـ ياسمين وفريدة خميس، ورثة رجل الأعمال المصري الراحل، محمد فريد خميس، فكشف إفصاح صادر عن البورصة المصرية أن ياسمين وفريدة نقلا حصتهما البالغة 24.61% في شركة النساجون الشرقيون إلى شركة إنجليزية تحمل اسم FYK LIMITED بقيمة 52.62 مليون دولار.

بيان شركة النساجون الشرقيون، في شهر يناير الماضي، أشار لاحقًا إلى أن فريدة وياسمين هما المالكتين للشركة الإنجليزية الجديدة، والموجودة في مدينة مانشستر بنسبة 100%، لتنهال الانتقادات عليهم من اقتصاديين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى تخليهم عن البلاد في أزمتها.

لا جدوى من الشكوى

نجيب ساويرس، كان سباقًا هو الآخر في الخروج منذ نحو عقد تقريبًا، بإعلانه أولًا تحويل نصف ثروته إلى ذهب، قبل أن يتخلى أو يخفض استثماراته في مصر، ليرجع الجميع الأسباب إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية في البلاد.

في الوقت نفسه، بدأت شركة «بيراميدز» للإطارات في إنشاء أول مجمع صناعي لصناعة إطارات النقل والملاكي على مساحة 350 ألف متر في السعودية مطلع الشهر الجاري، عقب تلقيها عروضا بحوافز استثمارية كبرى، بعد عدم الاستجابة لمطالبها وشكاوى مستثمريها بشأن عدم وجود حوافز تمكنها من الاستمرار في السوق المصرية وتوسيع استثماراتها.

خطوات الحكومة «غير كافية»

الخروج المتتالي لرجال الأعمال المقربين كثيرًا من الأنظمة المصرية على مدى عقود والذين تمكنوا من تضخيم ثرواتهم، تزامن مع إعلان الدولة -بعد التوصل لاتفاق على قرض جديد مع صندوق النقد نهاية 2022- بدء تنفيذ خطة للتخارج من 62 قطاعًا لصالح القطاع الخاص، فضلًا عن طرح عشرات الشركات بينها شركات تابعة للقوات المسلحة للبيع.

الخطوات الحكومية لم تكن كافية لإقناع رجال الأعمال بالاستمرار واستغلال الفرص المتاحة حاليًا، بعد فشل الدولة في التوصل لعديد الاتفاقات مع مؤسسات وهيئات خليجية للاستثمار في البلاد، والحصول على حصص في الشركات.

مصادر اقتصادية بارزة، أوضحت لـ«ذات مصر»، أن المستثمرين العرب والمصريين عمومًا لا يشعرون بجدية الدولة في تنفيذ الخطط المعلن عنها، متوقعين خروج المزيد من مليارات الدولارات والاستثمارات المحلية والأجنبية خلال الفترة القادمة.

أزمات الاقتصاد المصري

المصادر شددت على صحة تصريحات سميح ساويرس بأن المناخ الاستثماري في البلاد غير جاذب نهائيًا في ظل عدم وضوح الأوضاع سواء بالنسبة لقرارات الحكومة نفسها، أو حتى التكهن بسعر الجنيه مقابل الدولار.

المصادر تحدثت أيضَا بشأن أن العيوب الموجودة في مصر مثل «شح الدولار، وعدم توافر مستلزمات الإنتاج، والبيروقراطية، وانخفاض عوائد الاستثمار» تقابلها مميزات في كافة الدول الخليجية الكبرى مثل السعودية والإمارات، فالأولى تمنح حوافز هائلة حالية لجذب الاستثمارات إليها.

حيلة الدولة لاستمرار سيطرتها.. ورغبة المستثمر في الربح

وأشارت المصادر إلى أن حديث الحكومة عن «التخارج» غير حقيقي نهائيًا، وأن العروض التي تطرح سواء محليًا أو خارجيًا لا تعدو كونها حصة ضئيلة تهدف الدولة منها إلى استمرار سيطرتها على المؤسسة، وجنى بعض الدولارات التي تساعدها على الوفاء بالتزامها وتجاوز الأزمة الحالية.

وشددت المصادر على ضرورة أن يتخلى النظام المصري والمؤسسات السيادية عن «رغبة السيطرة» الموجودة لديهم، وإقرار واتخاذ إجراءات تساعد في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسين الوضع الحالي، مؤكدين على ضرورة اتخاذ خطوة التعويم المرن للجنيه مقابل الدولار.

واختتمت المصادر تصريحاتها بالإشارة إلى أهمية أن يعي النظام المصري حقيقة أن رجال الأعمال سواء المصريين أو غيرهم لا يشغلهم سوى استمرار «جني الأرباح» حتى وأن تنازلوا عن جزء بسيط منه في صورة «دعم للحكومة»، وأن الشعارات اليسارية لا تشغل بالهم إطلاقًا.