المندوب السامي الاقتصادي «مؤسسة التمويل الدولية».. مصر تتخلى عن قرارها وتسير على خطى الأرجنتين

ذات مصر

وضعت مصر سياساتها وقراراتها الاقتصادية، في يد مؤسسة التمويل الدولية ifc، ذراع مجموعة البنك الدولي لتمكين القطاع الخاص، بعد فشل حكومة مصطفى مدبولي، خلال الأشهر الماضية، في إدارة برنامج الطروحات، وعدم تمكنها من عقد أي صفقات مفيدة. 

الحكومة المصرية، أعلنت توقيع اتفاقية مع المؤسسة، تعمل بموجبها الأخيرة مستشارًا استراتيجيًا للحكومة لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، لكن اختصاصات المؤسسة تهدف إلى غير ذلك، وتقدم نفسها على أنها منفذ للصفقات.

خطط المؤسسة المعلنة

المؤسسة التي أنشئت في عام 1956، تعرف نفسها بأنها تهم بالاستثمار في الشركات من خلال تقديم القروض والاستثمارات في أسهم رأس المال، وسندات الديون والضمانات، وإسداء المشورة لمؤسسات الأعمال والحكومات لتشجيع الاستثمار الخاص وتحسين مناخ الاستثمار.

وتشير معلومات المؤسسة الموجودة عبر موقعها الرسمي أنها تعمل على تعبئة رأس المال من المقرضين والمستثمرين الآخرين من خلال المشاركة في تقديم القروض والقروض الموازية وغيرها من الوسائل.

مبررات الحكومة لاختيار ifc

ذكرت الحكومة المصرية أنها اختارت مؤسسة التمويل الدولية انطلاقًا من خبراتها على مدار أكثر من 30 عامًا في مجال الدعم الفني والخدمات الاستشارية للحكومات على مستوى العالم لتقييم الخيارات المختلفة لاستثمارات القطاع الخاص.

وتشير أرقام مؤسسة التمويل الدولية، إلى تقديم خدماتها في أكثر من 64 صفقة ومشروع فعلي على مستوى العالم لتمكين القطاع الخاص، فضلًا عن تقديم أكثر من 400 عملية استشارية ناجحة على مستوى العالم حفزت من خلالها استثمارات خاصة بنحو 3 مليار دولار.

وتُسجل إجمالي الاستثمارات التراكمية التي وفرتها أو أتاحتها المؤسسة مع مصر من خلال مستثمرين وجهات أخرى أكثر من 7 مليار دولار، ومنذ عام 2018 قامت مؤسسة التمويل الدولية بضخ استثمارات وحشد استثمارات من جهات أخرى بقيمة 3.2 مليار دولار في مصر، في مختلف القطاعات.

إخفاق الحكومة السبب

مصادر على صلة بالاتفاقية، أشارت في تصريحات لـ«ذات مصر»، إلى أن الحكومة واجهت أزمات متعددة خلال الأشهر الماضية مع إعلانها عن بدء تنفيذ برنامج الطروحات والذي بدأته بـ32 شركة، ولم تنجح سوى في تنفيذ عدد قليل من الصفقات.

وأوضحت المصادر، أن الصعوبات تمثلت في سعي المستثمرين الخليجيين إلى الحصول على الشركات المصرية بأقل من سعرها الحقيقي، وزيادة الضغط على الجنيه المصري لخفضه مجددًا، وهو ما ظهر في فشل العديد من الصفقات.

وبينت المصادر في تصريحات أن الخطوة الأخيرة للحكومة تعني تخليها عن إدارة برنامج الطروحات لصالح مؤسسة التمويل الدولية IFC، خصوصًا أن الاتفاقية الموقعة اليوم، تُعد الأولى عقب إقرار إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر ومجموعة البنك الدولي ٢٠٢٣- ٢٠٢٧ (CPF)، في مايو الماضي.

ويهدف إطار الشراكة إلى تمكين القطاع الخاص وخلق البيئة المواتية الداعمة للاستثمارات التي يقودها القطاع وتحفيز فرص العمل، استنادًا إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة التي جرى الموافقة عليها في ديسمبر ٢٠٢٢، لتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وتوفير فرص متنوعة لتواجد القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.

لماذا تخلت الحكومة عن إدارة برنامج الطروحات؟

وشددت المصادر على أن مؤسسة التمويل الدولية IFC ستتولى إدارة عملية الطروحات بالكامل وسيكون لها اليد الأعلى في القرار، سعيًا لجذب مستثمرين أجانب إلى السوق من جديد، والحصول على أفضل عوائد ممكنة بعد فشل الحكومة في تجربتها خلال الستة أشهر الماضية.

وذكرت المصادر أن إدارة المؤسسة قد تكون الأفضل لمصر خلال الفترة المقبلة في مواجهة التعنت الخليجي، ومحاولة خفض أسعار الأسهم والشركات المصرية المطروحة للبيع، موضحةً أنه من الممكن أن يحدث تعاون خليجي مجددًا في ظل وجود «IFC».

كارثة الأرجنتين تنتظر مصر

في قارة أمريكا الجنوبية، كانت الأرجنتين أحد نماذج التعاون الكارثي بين صندوق النقد الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، خصوصًا في السنوات الأخيرة، مع تولي الرئيس موريسيو ماكري، في 2015 رئاسة الدولة، ليعلن تتبع سياسات صديقة للأعمال.

ماكري، تعهد ماكري بإنعاش الاقتصاد الأرجنتيني، لكن بعد أقل من ثلاث سنوات كان عليه اختيار اللجوء لصندوق النقد الدولي، ليبرم اتفاقًا مع الصندوق لبرنامج قروض بقيمة 57 مليار دولار في 2018، بهدف إقناع المستثمرين الأجانب بالاستثمار في البلاد، بالإضافة إلى دعم الحكومة في مكافحة العجز المالي والتضخم المتزايد.

وتلى التعاون مع الصندوق، اتفاقية شبيهة مع مؤسسة التمويل، لكن السياسات الجديدة لم تكن مفيدة، وتسببت تدابير التقشف في احتجاج الأرجنتينيين الذين حمّلوا المؤسسات الدولية مسؤولية "تدمير الاقتصاد" في أوائل العقد الأول من القرن العشرين، وسط تصاعد التوترات بشأن ارتفاع أسعار المستهلكين. 

البلد التي تبلغ مساحته نحو مليونين و780 ألفا و400 كيلومتر مربع من الأراضي الخصبة، انهارت عملتها الرسمية لتسجل نحو 250 بيزو مقابل الدولار، بعد أن سجل الدولار 37.7 بيزو في نهاية 2018، وبلغ معدل التضخم في الأرجنتين 108,8% على أساس سنوي في أبريل الماضي، وهو أعلى مستوى له خلال أكثر من ثلاثة عقود.

ومع تدني الأوضاع في الأرجنتين باتت المؤسسات التمويلية هناك مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، ومقرها واشنطن، والمستثمرين التابعين لهم في تحويل وجهتهم عن الدولة، والاتجاه نحو اقتصادات جديدة.

تُعد العلاقة بين الحكومة المصرية ومؤسسة التمويل الدولية IFC، جزءًا من العلاقة الأشمل مع مجموعة البنك الدولي، أحد أكبر شركاء التنمية متعددي الأطراف الذين تتعامل معهم مصر لدعم وتحفيز جهود التنمية المستدامة.