أحمد عطا يكتب: قصة صعود وهبوط ملياردير صفقات الظل

ذات مصر

هو الطفل الذي تنبأ له أحد العرافين بأنه سيحكم العالم أثناء دراسته في «ڤيكتوريا كولدچ» بالإسكندرية، ووقتها أصابت الدهشة وجه أبيه الطبيب السعودي حين ذاك الدكتور محمد خاشقجي، الذي عُين في ستينات القرن الماضي وزيرًا للصحة بالمملكة العربية السعودية. إنه الملياردير وتاجر السلاح عدنان خاشقجي، أثرى أثرياء الأرض الذي لُقب بـملياردير صفقات الظل في سبعينات القرن الماضي، حتى صار يتحكم في سوق السلاح في العالم.

كان ترتيبه الأكبر بين أشقائه الثلاثة، ومنهم سميرة خاشقجي، زوجة الملياردير المصري محمد الفايد صاحب محلات «هارودز» الشهيرة في لندن، قبل بيعها منذ عدة سنوات، وهي أم دودي الفايد الذي لقي مصرعه في سيارته بصحبة أميرة القلوب الأميرة ديانا. أما عدنان خاشقجي فقد امتلك ثروة هائلة بلغت القرن الماضي 40 مليار دولار، وهي تعادل ميزانية 7 دول في ذلك الوقت، كما كان يمتلك أكبر يخت في العالم، و12 طائرة خاصة، وأكبر مزرعة في كينيا تبلغ مساحتها مائة كيلومتر مربع، أي ما تعادل مساحة مدينة صغيرة في إحدى الدول.

وكانت أبرز محطات عدنان خاشقجي هي فضيحة «إيران كونترا» التي كانت سببًا في توتر العلاقات بين السعودية والعراق، حسبما كشف عنه الرئيس العراقي السابق صدام حسين أثناء الحرب العراقية الإيرانية، عندما توسط عدنان لتمرير صفقة سلاح أمريكية إلى إيران، في مقابل الإفراج عن 5 أمريكان في لبنان كانوا محتجزين لدى «حزب الله»، ووقتها حاول صدام حسين تصفية عدنان خاشقجي في لندن، ولكن المخابرات البريطانية كشفت لعدنان عن هذا المخطط، في مقابل أن مرر عدنان صفقة «اليمامة» وهي تقوم على تبادل السلاح في مقابل النفط، وبلغت قيمتها 20 مليار دولار لصالح بريطانيا. وكشفت المعلومات وقتها أنه مرر هذه الصفقة على حساب إيطاليا التي سعت إليها، ولكن فشلت في التعاقد عليها.

أما عن مظاهر الثراء التي تجاوزت خيال الملوك والأمراء، فقد أنفق عدنان خاشقجي 50 مليون دولار على حفل عيد ميلاده عام 1981 على شاطي ماربيا بإسبانيا، ووصل عدد المدعوين إلى أكثر من 1500 من أثرياء العالم والملوك والأمراء، حتى أصبح أول ملياردير عربي يظهر على غلاف مجلة «التايم» الأمريكية؛ حيث تتجه الأنظار حيث وجوده، بدءًا من الصحف والمشاهير والجميلات وحكام الدول، حتى أصبح العضو الثالث في صفقات الظل الكبرى حول العالم، وهي صفقات تجارة السلاح. صفقات مثيرة للجدل أصبح عدنان في قمة هرمها. 

وعلى خط موازٍ اتُّهم عدنان خاشقجي في عملية غسل الأموال لصالح زوجة الديكتاتور الفلبيني إميلدا ماركوس، ولكنه حصل على البراءة أمام المحكمة الجنائية الدولية. في السياق نفسه حصلت طليقته ثريا خاشقجي على أعلى نفقة طلاق في التاريخ بلغت 900 مليون دولار.

ولكن كما كان الصعود كان الهبوط، فلقد خسر عدنان 3 مليارات في صفقة ألماس داخل إحدى الولايات الأمريكية. وكان وراء خسارة هذه الصفقة ملياردير يهودي أمريكي الجنسية، أصيب بعدها عدنان بمرض الرعاش، واستولت العصابات الأفريقية على الجزيرة التي كان يمتلكها في كينيا، وتدهورت حالته. وبات عدنان لا يملك ثمن تذكرة السفر للعلاج إلى لندن، المدينة الضبابية التي كان يرافقه فيها أثناء سيطرته على سوق السلاح والمال ضباط من المخابرات البريطانية، بتعليمات من مارجريت تاتشر. 

وغادر عدنان الحياة مريضًا وفقيرًا بعد أن تخلت عنه الجميلات والحكومات وأرصدة البنوك العالمية، ولكن من خلال المتابعة لعالم تجارة السلاح في العالم، وجدت أن جميع تجار السلاح غادروا الحياة بنهاية تتحقق في 3 مسارات، وهي: المرض، والفقر، والتصفية. ربما هذه النهاية حتمية وبقرار إلهي، انتقامًا للأبرياء الذين قُتلوا في جميع أنحاء العالم من تجارة صفقات الظل.