مفاوضات سد النهضة: مشاركة مصرية بحسن النوايا.. وإثيوبيا تتعنت.. وشكري: نستورد مياهًا افتراضية بـ15 مليار دولار سنويًا

ذات مصر

بدأت جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، اليوم السبت، بحضور وزراء المياه والري من مصر والسودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى وفود التفاوض من الدول الثلاث.

وأعلنت وزارة الري أن هذه الجولة تأتي في سياق استكمال الجولات التفاوضية التي بدأت في القاهرة في 27 و28 أغسطس، حيث تم التوافق على ضرورة التسريع في التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة خلال مدة لا تتجاوز 4 أشهر، بعد الاجتماع الذي عقد بين قادة مصر وإثيوبيا في 13 يوليو الماضي.

وزير الري: إثيوبيا مستمرة في الملء دون اتفاق

وصرح هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري أن مصر مستمرة في المشاركة في المفاوضات بجدية، وقال: “مصر تستمر في التعامل مع المفاوضات بالجدية وحسن النوايا اللازمين بغرض التوصل لاتفاق عادل ومتوازن، يراعي مصالحها الوطنية ويحمي أمنها المائي واستخداماتها الحالية ويحفظ حقوق الشعب المصري، وفي الوقت ذاته يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، بما يضمن تحقيق التنمية والرخاء لشعوب مصر وإثيوبيا والسودان”.

وفي الوقت نفسه، يهدف الاتفاق إلى تحقيق المصالح المشتركة لمصر وإثيوبيا والسودان، وضمان التنمية والازدهار لشعوب الدول الثلاث.

وأكد سويلم على استمرار إثيوبيا في عملية ملء سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، مشيرًا إلى أن هذا التصرف يعد انتهاكًا لاتفاق إعلان المبادئ الذي تم التوقيع عليه في عام 2015. وأشار إلى أن استمرار مثل هذه التصرفات الأحادية غير المشروعة والمخالفة للقانون الدولي يلقي بظلال سلبية على عملية التفاوض الحالية ويهدد بتعطيلها.

سامح شكري: تصرفات إثيوبيا الأحادية

هاجم وزير الخارجية سامح شكري، التصرف الأحادي من جهة إثيوبيا، وقال إن مصر تواجه نقصًا حادًا في المياه، مع وجود تعداد سكان يبلغ 105 ملايين نسمة، ولفت إلى أن هذا أدى إلى تراجع كبير في حصة الفرد من المياه، وتكبدها عجزًا سنويًا يزيد عن 50% من احتياجاتها المائية، مضيفا أن مصر تستورد مياه افتراضية بقيمة 15 مليار دولار سنويا وبناءً على ذلك، يتعين علينا إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة مرات عدة.

وأضاف شكري، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مصر تعتمد بشكل أساسي على نهر النيل، وبالتالي فإنها تتأثر بشدة بأي استخدام غير مستدام لمياه النهر. وأكد أن موقف مصر مستند إلى القانون الدولي، حيث يراقب أي إجراءات أحادية في إدارة المعابر المائية العابرة للحدود، مثل سد النهضة الإثيوبي، الذي تم بناؤه دون تشاور أو دراسة وافية لتأثيراته على الدول الساحلية.

وأكد أيضًا أن إثيوبيا تواصل ملء وتشغيل السد بشكل أحادي، مخالفةً للقانون الدولي واتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 والبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في عام 2021. وأعرب شكري عن رفض مصر للممارسات الإثيوبية في قضية المياه وسياسة فرض الواقع من خلال سد النهضة.

مفاوضات واجتماعات دون الوصول إلى اتفاق

ومن جهة أخرى، أعربت الخارجية الإثيوبية، عن أملها في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث في هذه الجولة من المحادثات، وأوضح رئيس فريق المفاوضات الإثيوبي السفير سيليشي بيكيلي، في كلمته الافتتاحية، أن هذه الجولة تأتي بعد الانتهاء بنجاح من الملء الرابع للسد وفقًا لإعلان المبادئ لعام 2015.

تعد مياه النيل المصدر الرئيس للمياه، وتشعر بالقلق من تأثير سد النهضة على حصتها من مياه النهر، في المقابل تتشدق إثيوبيا برغبتها في تحقيق تنمية اقتصادية وتوفير الكهرباء لسكانها من خلال ملء السد.

في السنوات الأخيرة جرى الوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث بوساطة الاتحاد الأفريقي وبمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتم التوصل إلى بعض الاتفاقيات المبدئية والإطارات التوجيهية، ولكن لم تتم بعد التوصل إلى اتفاق نهائي يلبي مصالح الجميع.

في فبراير الماضي، أكدت وزارة الخارجية أن إثيوبيا تتسبب في تأخير التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

وقال سامح شكري إن مصر تلتزم بضبط النفس في هذه الأزمة، وأشار إلى التحدي الكبير الذي يواجه المنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية فيما يتعلق بسد النهضة، مؤكداً أن مصر تلتزم بالحوار والمفاوضات لحل الأزمة وتحقيق توافق مع إثيوبيا والسودان بشأن ملء وتشغيل السد.

على المستوى الدولي، شددت مصر على أهمية تدخل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للوقوف على جانب العدالة وضمان حقوق مصر والسودان وتطبيق المبادئ القانونية المعترف بها دوليًا في استخدام وإدارة المياه النيلية.

شراقي: إثيوبيا تتعنت في مفاوضات سد النهضة

وفي سياق متصل، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الحكومة الأثيوبية تتعامل بتعنت فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، مشيراً إلى أن الشعب الإثيوبي ينتظر تحقيق النتائج المرجوة من السد، ولذلك يجب على الحكومة الإثيوبية أن تطيل عملية البناء لتفادي تفاقم الاحتجاجات.

وخلال لقائه في برنامج "حقائق وأسرار" مع الإعلامي مصطفى بكري، أوضح شراقي أنه منذ 12 عامًا لم تتوصل مصر إلى اتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، مشيراً إلى أن إثيوبيا بدأت بناء سد النهضة بعد عام 2011، دون توقف البناء حتى أثناء المفاوضات، وكان موقف السودان في البداية مع إثيوبيا، ولكنهم طالبوا بالتفاوض عندما شعروا بالخطر.

وأوضح شراقي أن سد النهضة لن يحقق النتائج المرجوة، نظرًا لموقعه الجبلي غير المناسب للزراعة، بالإضافة إلى عدم استفادة الدول المجاورة من المياه المخزنة في السد.

وأشار إلى ضرورة أن تكثف مصر والسودان المفاوضات لمنع تخزين أي كميات إضافية في السد، حيث أن سعة التخزين البالغة 74 مليار متر مكعب ستكون كارثية على الدول المصب.

وأكد أن السودان سيكون الدولة الأكثر تضررًا في حال حدوث انهيار لسد النهضة، وأن مصر قادرة على التعامل مع أي تداعيات تلك الحالة، بفضل السد العالي والبنية التحتية المجاورة التي تمكنها من السيطرة على أي تدفق مائي يأتي من الجنوب.