بايدن.. "خيال المآته" في تل أبيب

ذات مصر

لم يعرف البيت الأبيض رئيسًا أضعف من "جو بايدن"، ولم ير العالم القرار الأمريكي متخبطًا، كما هو الآن، فيما يتعلق بعملية طوفان الأقصى، وما تلاها من عدوان غاشم على قطاع غزة.
وصل بايدن إلى تل أبيب، بعد تصريحات متشددة، إزاء حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حتى بدا كأنه يتحدث إلى الرأي العام العالمي بلسان عبري مبين: "إن الولايات المتحدة مع إسرائيل ضد قوى الشر والإرهاب، ويجب على العالم بأسره إعلان حماس منظمة إرهابية".
تلك تصريحات مفهومة بالطبع، فالمعروف أن واشنطن لا تقف إلا في جبهة الاحتلال، ثمة تشابهات بين الولايات المتحدة، التي تأسست على التطهير العرقي للهنود الحمر، والاستيطان الذي يحاول منذ خمسة وسبعين عامًا إفناء الفلسطينيين، إن القرينَ بالمقارنِ يُقرنُ كما يقول المثل العربي.
لكن بايدن ذاته، متى حل "تل أبيب" سرعان ما بدّل قولًا غير الذي قيل.
صحيح أن الرئيس الثمانيني لم يوجه لومًا إلى الاحتلال، رغم أن دماء ضحايا المستشفى المعمداني في غزة، لم تزل ساخنة، ورغم أن استهداف المستشفى هو جريمة حرب بكل المعايير الدولية والأخلاقية والإنسانية، لكن عينَ واشنطن عن كل جريمةٍ صهيونيةٍ كليلةٌ.
بعدما تبادل بايدن مع بنيامين نتنياهو الأحضان، وفي حرارة المشهد ما أوحى بالتعاطف، تعاطفٌ الدولة الأمريكية الرسمية مع مقترف جريمة حرب.. ثم بعد المباحثات تضاربت التصريحات.
بايدن ينفي بايدن.. على غرار الفيلم الشهير كرومر ضد كرومر.
مرة يقول إنه يحذر الإسرائيليين من تصرفات هوجاء مثلما فعلت إدارة بوش الابن في اعقاب الحادي عشر من سبتمبر، ومرة يقول إنه يستوعب قصف المستشفى ذلك أن وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون" شرحت له أبعاد العملية، ويخاطب المعتدي الإسرائيلي: "يبدو أن قصف المستشفى سببه الطرف الآخر".
ما هي الأبعاد تلك يا عم الحاج؟ 
ومن يكون الطرف الآخر؟
لم ينبس الرجل ببنت شفة، لعله نسي ما قيل له، كما ينسى كثيرًا، وهو الأمر الذي دفع الرئيس السابق دونالد ترامب إلى التشكك في قدراته العقلية.
ومجددًا.. يطالب بايدن بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحتل، لكنه يصرح بأن الجانب الإسرائيلي رفض فتح معبر رفح، ثم يعود مجددًا لينفي الثانية، فإذا به يعلن أن إسرائيل وافقت على دخول المساعدات عبر معبر رفح.
جاء بايدن إلى المنطقة في وقت حرج، والمفترض أن مهمته الأولى، أن يحتوي النيران المرشحة للامتداد، غير أنه لكونه لا يعرف ماذا يقول؟ أو لكون القرار الأمريكي في حد ذاته، غير مستقر على موقف ما، صار "الرئيس ضعيف الذاكرة" مثلما خيال مآته، لا يخشاه أحد، ولا يحسب لوجوده أحد حسابًا.