مقاطعة العلامات التجارية المؤيدة لإسرائيل.. مطرقة الشعب تكشف «خدع الأجانب»

ذات مصر

تلقت الشركات الأجنبية العاملة في السوق المصري خصوصًا الأمريكية والأوروبية «ضربة موجعة» خلال الأيام القليلة الماضية مع إطلاق مبادرات لمقاطعة منتجاتها ردًا على موقفها من الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

السقوط من القمة

شرارة الأزمة اندلعت مع إعلان «ماكدونالدز إسرائيل»، دعم جيش الاحتلال بآلاف الوجبات المجانية في ظل الحرب مع غزة، وكتبت صفحة «ماكدونالدز إسرائيل» تعليقات بالعبرية على صور متعددة، قالت فيها: «هؤلاء جنود ومحاربون، جاؤوا إلى هنا لاستلام وجباتهم المجانية المقدمة للجيش الإسرائيلي كتبرعات عينية».

كما نشرت الصفحة صورة أخرى، وكتبت عليها: «بلغ عدد تبرعاتنا العينية للجيش الإسرائيلي وقوات الإنقاذ، والأمن، والمتضررين من الهجوم، 12 ألف وجبة، وسنستمر في حملة التبرعات الواسعة، وسنقدم آلاف الوجبات يوميا».

من هنا انطلقت حملات المقاطعة ضد ماكدونالدز في البداية قبل أن تطول شركات أخرى، والتي لم تكن قوية في البداية قبل أن تنطلق التعليقات الإسرائيلية التي تسخر وتنتقد حملات المقاطعة، والتعاطف مع غزة.

انتفاضة المصريين

رد الفعل المصري كان أكثر جدية هذه المرة، فدعوات المقاطعة نفذت بالفعل وبدأ المصريون يتسابقون على تصوير مطاعم ماكدونالدز الفارغة ويتباهون بها، ثم لاحقًا تطورت الأمور إلى إجبار مطاعمه على الإغلاق في ظل خروج مظاهرات لنصرة غزة.

تطورت الأمور لاحقًا لتشمل كيانات أخرى أكثر، وبدء إعداد قوائم بأسماء الشركات والمنتجات الأمريكية والأوروبية الموجودة في السوق المصري، خصوصًا مع الدعم المعلن من الحكومات هناك للكيان الصهيوني على حساب أرواح أبناء غزة.

القائمة طالت وأضيف إليها أسماء معروفة مثل ستاربكس وبيبسي وكوكاكولا وشيبسي، بالإضافة إلى ماركات الملابس، ولم تتخذ الشركات الحملات بجدية لتفاجئ لاحقًا بتأثير حملات المقاطعة عليها، لتبدأ في محاولات التخفيف من وطأتها.

الأجانب يحاولون 

ممثلو بعض الشركات الأجنبية العاملة في مصر، بدأوا في الإعلان عن تقديم مساعدات إلى قطاع غزة والتأكيد على أنهم شركات مصرية خالصة تستخدم اسم الماركات العالمية، وأن جميع العاملين بها مصريين.

بدى إعلان الشركات منطقيًا لكن مناصري القضية الفلسطينية لم يقبلوا مبرراتهم وأخذوا في الرد عليهم بأنهم لا يستطيعون مخالفة التعليمات الصادرة لهم من الشركة الأم، بالإضافة إلى أنه يدفعون ملايين الدولارات التي تساعد الكيان الصهيوني بطريقة غير مباشرة.

تخفيضات هائلة

عقب ذلك بدأت حملات المقاطعة تأخذ منحى جاد، وظهر تأثيرها جليًا فالتقطت العديد من الصور للمحال فارغة، والمنتجات الأمريكية والأوروبية تعاني الركود، أكدتها تصريحات التجار والتقارير الإعلامية بهذا الشأن.

عقب ذلك لجأت الشركات إلى تقديم تخفيضات كبيرة للمستهلكين لإعادتهم إليها، فمثلًا قدم ستاربكس تخفيضات وصلت إلى 80% على بعض منتجاته، كما قدم ماكدونالدز تخفيضات تجاوزت الـ50 والـ70 جنيهًا في المنتج الواحد.

 

المنتج المصري يعود

وتكرر الأمر في العديد من الماركات الأخرى، وبدأ البحث عن بدائل مصرية، ليزيل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الغبار عن مشروب «سبيرو سبارتس» للمياه الغازية والذي احتل الصدارة في السوق المصري لعقود قبل أن يخفت ويختفي مع بداية التسعينيات.

وعلى نفس الغرار بدأ البحث عن بدائل في السوق المصري لمحال الوجبات والمشروبات السريعة، بالإضافة إلى المشروبات الغازية، وكذلك الملابس المصرية 100%، لتغطى أسماء البدائل على كل الماركات العالمية ويبدأ الحديث عن ضرورة استغلالها الموقف، وتحسين جودة منتجاتها.

وأوضح تجار في السوق المحلية، أن الوضع في الشارع تغير كثيرًا خلال الفترة الماضية مع انطلاق حملات المقاطعة، وأن المستهلكين يطرحون دائمًا تساؤلات حول وجود المنتج الراغبين في شرائه ضمن قائمة المقاطعة.

وذكر التجار لـ«ذات مصر»، أن الأيام الأخيرة شهدت صعودًا أكبر للمنتج المصري بعد سنوات الركود التي كان يعاني منها مقابل المنتجات الأجنبية، وأن العكس هو الذي يحدث الآن بانخفاض الطلبات على منافستها العالمية.

اتهامات جديدة للأجانب

التخفيضات الكبيرة للماركات الأجنبية طرحت تساؤلات حول ارتفاع أسعارها في ظل استغلالها الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد نتيجة خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع التضخم بنسب قياسية.

وشدد رواد مواقع التواصل على أن المحال التجارية التابعة لمؤسسات أمريكية وأوروبية استغلت الأزمة في مصر على مدار الأشهر الماضية لتعظيم أرباحها، في ظل عدم وجود رقابة حقيقية على السوق من قبل الجهات المختصة في البلاد.

وأوضح رواد التواصل، أن حملات المقاطعة الأخيرة يجب استمرار تطبيقها مهما حدث لمنع استغلال تلك الماركات للأوضاع، وترديد نغمة عن عدم وجود بدائل حتى لو كانت أقل جودة لإعادة التوازن إلى السوق.

«المقاطعة» غير مجدية

في الوقت نفسه، قلل رئيس شعبة البقالة في غرفة الجيزة، هشام الدجوي، من سلاح المقاطعة في أعقاب عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيل على غزة، مشيرًا إلى أن المنتج المحلي غير قادر على المنافسة حاليًا.

وذكر أن تعاقدات التجار وسحب المواطنين منها لم يتأثر بالشكل الكبير، متابعًا: "مشكلتنا أكبر من المقاطعة، فارتفعت أسعار كافة السلع والخدمات دون استثناء، ولا يمكن لأى مواطن مقاطعة شراء كل شيء لبلد تستورد كل شيء ومواطن استهلاكي بطبعه.

لكنه كشف في الوقت ذاته، إلى أن حملات المقاطعة زادت من العروض السعرية على المنتجات الأمريكية والأوروبية داخل المحال التجارية المحلية سعيًا لاجتذاب المستهلكين، الذين يعانون من تراجع القوى الشرائية على خلفية تدشين مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حملات مقاطعة.

وقال أحد التجار في غرفة الجيزة لـ«ذات مصر»: «جربنا حملات المقاطعة في السابق ولم تؤت ثمارها، هذا السلاح غير مجدي لأن المستهلك المتعود على نوعية معينة لا يستجيب لتلك الدعوات، خصوصًا أن مصر تستورد المواد الخام والسلع الوسيطة من الخارج، بالإضافة إلى عدم وجود بديل قوي».

ونوه إلى أن أغلبية التجار لم يلاحظوا تأثير المقاطعة على حركة البيع والشراء لديهم، في ظل ضعف الإقبال بالأساس على شراء المنتجات عمومًا نتيجة لارتفاع أسعار السلع وضعف القوة الشرائية للمواطنين من قبل الحرب أصلًا.

وفي الوقت نفسه، رفضت بعض الشخصيات العامة حملات مقاطعة منتجات الشركات التي يُزعم دعمها لإسرائيل؛ محذرين من "تأثيرها السلبي على الاقتصاد المصري بسبب توفيرها آلاف فرص العمل"، ومن بين هؤلاء الإعلامي شريف مدكور.

مدكور انتقد عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك" تأثير حملات المقاطعة على الشباب الذي يعمل في هذه الشركات، كما علقت المحامين نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، في تصريحات تليفزيونية، على حملات المقاطعة رافضة مقاطعة أي منتجات يتم تصنيعها محليًا، والتركيز على مقاطعة المنتجات المستوردة بالكامل من الخارج.