طبيب يفجع بجثث عائلته خلال عمله بمستشفى في غزة

ذات مصر

اعتاد الطبيب إياد شقورة «صيدلي يعمل وقت الحرب في غرفة الطوارئ»، على مشاهدة سيل من الجرحى والشهداء في خضم الحرب الإجرامية الحالية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بدون هوادة منذ السابع من أكتوبر الماضي ، إلا أنه غاب عن الوعي عندما وصلت جثث أطفاله وأمه وأقاربه إلى المستشفى واستمر لفترة وهو غير مستوعب للموقف.

فُجع شقورة بعد اكتشافه أن أفراد عائلته بين ضحايا الغارة والتي أصابت منزلًا في خان يونس جنوب قطاع غزة، الذي تقصفه قوات الاحتلال منذ أكثر من 30 يوما.

وألقى شقورة بعينين دامعتين النظرة الأخيرة على أحبائه الذين تم لفهم بأكفان بيضاء على طاولة المشرحة في قسم الطوارئ، في مشهد إنساني يصعب على العقل استيعابه في ظل إجرام الاحتلال على المدنيين في القطاع لليوم الـ33 على التوالي.  

وبدأ الطبيب بتعداد أسماء أصحاب الجثامين واحدا تلو الآخر موضحًا أن "في هذه الضربة، فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخوي محمود وحسين شقورة، وأختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل، وفقدت اثنين من أولادي، فلذتي كبدي عبد الرحمن (7 سنوات) وعمر (5 سنوات)".

وأضاف شقورة واضعا جبهته على جبهة طفله عبد الرحمن التي كانت ملطخة بالدماء "لدي 5 أطفال، ولكنه كان المفضل بالنسبة إلي". ووضعت جثتا عبد الرحمن وشقيقه في كفن واحد.

وتساءل الرجل بألم "ما الذنب الذي اقترفوه حتى تصب على رؤوسهم أطنان من القنابل وأطنان من المتفجرات؟ الحمد لله. هم ليسوا أحسن حالا من أطفال سبقوهم إلى عند الله". 

واستشهد أزيد من 10 آلاف فلسطيني منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة في غزة والتي أكدت أن من بين الشهداء 4237 طفلا.

وينحدر شقورة من عائلة من اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على النزوح عقب النكبة في عام 1948 وبداية احتلال أرض فلسطين في ذلك الوقت. ويمثل اللاجئون اليوم مع أحفادهم نحو 80% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون شخص، بحسب أرقام صادرة عن الأمم المتحدة.

وتابع شقورة "إن كان العدو يريد تهجيرنا من أرضنا، فنقول له إن الله وعدنا بالفوزين إما ننتصر ونحرر أرضنا وإما ندفن في تراب فلسطين وكلاهما نصر لنا بإذن الله".

وأدى الطبيب صلاة الجنازة في باحة المستشفى، بينما وضعت جثث أفراد عائلته وأطفاله أمامه، في حين وقف خلفه عدد من الأقارب والزملاء.

ونقلت الجثث إلى "مقبرة شهداء خان يونس" القريبة من المستشفى لدفنها. وفي الطريق إلى المقبرة، حمل شقورة طفله عبد الرحمن وقبله على رأسه للمرة الأخيرة، وقال "سأدفن أطفالي الآن وسأواصل عملي بعد ذلك لخدمة أخواني من المواطنين الفلسطينيين الجرحى بسبب عدوان هذا الاحتلال البربري الإرهابي ".