تجار الحروب في غزة.. الهروب من الجحيم بـ350 دولارًا للفرد والأطفال بـ250

ذات مصر

مشاهد الدمار في غزة، وصور وأعداد الشهداء خصوصًا من الأطفال والنساء، أدمت قلوب الجميع حول العالم، وأثارت موجة غضب عالمية ضد الكيان الصهيوني لكن هناك في الأرجاء وسط الركام كانت القلوب القاسية مستوطنة تحاول استغلال الموقف لتحقيق مكاسب مادية.

الحرب غير المتكافئة في القطاع جعلت الجميع يتعاطف مع سكانه خصوصًا الضعفاء الراغبين في النجاة بحياتهم، وحياة ذويهم بحثًا عن الأمان لكن سماسرة الحروب لا يعرفون غير لغة المال، ولم ترقق قلوبهم دموع الرجال والأطفال والنساء أبدًا.

عدد من العالقين في قطاع غزة، والراغبين في الخروج منه للعلاج أو لقاء أهلهم في مصر، لم يجدوا أمامهم سوى تجار الحروب الراقصين على جثث ضحايا الاحتلال الغاشم عبر مكاتب سفر تعرض فرص للتنسيق "الخاص" بين الجانب المصري لعودة بعض العالقين ولكن بمبالغ كبيرة تعدت 350 دولارًا للفرد، و250 دولارًا للطفل.

استغاث محمود النجار، «فلسطيني مصري»، أحد العالقين في غزة هو و5 من أفراد عائلته، عبر رسالة نصية لموقع "ذات مصر" من تردي الأوضاع في غزة خاصة الوضع الصحي، تزامناً مع فشل كافة محاولاته للعبور من قطاع غزة الى مصر عبر معبر رفح خاصة.

محمود قال في تصريحات خاصة لـ«ذات مصر»، إن سلطات الأحتلال تضيق الخناق عليهم، ولم يجد أمامه سوى مكاتب السفر، والتي يمتلكها فلسطينيين مسؤولين عن التنسيق مع الجانب المصري لعبور أكبر عدد ممكن ممن يحملون الجنسيات المصرية للحفاظ على سلامتهم، لكنهم يحاولون استغلال الموقف.

وأضاف :"أنا وخمسة من أفراد عائلتي عالقون هنا في غزة، وسط حالة من الرعب في كل لحظة، أحاول التواصل مع مكاتب السفر باستمرار لدخول مصر لكن لا يوجد مكتب يساعد في ذلك، وما علمته وتأكدت منه ان هناك مكاتب تتقاضى مبالغ كبيرة مقابل التنسيق الخاص لعبور حاملي الجنسيات الأخرى".

وفي سياق متصل قال السفير أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أن مصر ليست مسؤولة عن عرقلة خروج الرعايا من قطاع غزة. 

وأوضحت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان أصدرته، أن سفارة دولة فلسطين في القاهرة، وبناء على تعليمات وزير الخارجية والمغتربين، رياض المالكي، أنجزت جميع الموافقات والترتيبات اللازمة لعودة الأعداد المتبقية من العالقين إلى قطاع غزة.

محمود النجار، الشاب الفلسطيني المصري، أكد أنه لا يمكنه الاستمرار في غزة خاصة وأن والده الذي يبلغ من العمر الـ65 عامًا يعاني من مرض السكري وأصبح لا يتناول علاجه بسبب نقص الأدوية في القطاع كما أن هناك عرقلة كبيرة من قبل قوات الاحتلال، لأي حركة من الممكن ان يقوم بها المواطنين في غزة وهو ما يقف حائلًا بينه وبين نجاحه في الحصول على علاج أبيه، مناشداً كافة المسؤولين في مصر بالتحرك لإنقاذه ومثله من مزدوجي الجنسية العالقين في غزة.

قال أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، إن الوضع في القطاع الصحي أصبح سيء للغاية وكافة المستشفيات تعاني من نقص الأدوية وعدم توافرها الأمر الذي سيودي بحياة الكثيريين، خصوصًا في ظل الحصار المفروض على القطاع والهجمات الإسرائيلية على المستشفيات والمراكز الطبية.

وأضاف محمود :"أنا مصري حقي أرجع بلدي دون أي تنسيق أو مصروفات باهظة، كل المرافق في القطاع أصبحت خارج الخدمة، لا توجد كهرباء ولا مياه ولا وسائل اتصال، نحن لا نستطيع العيش ومن حقنا دخول مصر، انا وأمي وأبي وأخواتي عالقين، وأبوي مريض سكري مفيش هنا دواء وإحنا نازحين حاليا بسبب الحرب فلا يوجد لا أكل ولا شُرب، إحنا لو مموتناش من القصف هنموت من الجوع".

وطالب محمود بإيصال رسالته إلى المسؤولين في مصر، قائلًا: "الوضع لا يُحتمل وما علمناه عن مكاتب السفر التي أصبحت تتاجر بحياتنا أمر في غاية الأسف تسبب في حالة من اليأس لي ولكثيرين خاصةً وأنه من المؤكد أن كل مكاتب السفر في غزة تتعامل بنفس الطريقة. 

من جانبه قال خالد سليم، فلسطيني والدته وزوجته وطفلته 6 أشهر عالقين في قطاع غزة :"أنا فلسطيني أحمل الجنسية المصرية عن أمي، موجود حالياً في مصر حيث وصلت قبل الحرب ولم أتمكن من العودة عقب تفاقم الأحداث، أمي وزوجتي وابنتي الرضيعة في غزة حاولت كثيرًا إدخالهم إلى مصر لكن فشلت".

وأكد سليم لـ"ذات مصر"، أنه تعرض للتهديد عند محاولته التواصل مع إحدى مكاتب السفر في غزة لتنسيق عودة ذويه، قائلاً :"عند تواصلي مع إحدى مكاتب السفر لاسترجاع أهلي من غزة تم تهديدي ممن نطلق عليهم مافيا التنسيق، أصحاب المكاتب يستغلون نفوذهم وعلاقاتهم لتحقيق أرباح عبر تسفير العالقين في غزة بمبالغ كبيرة للغاية".