الاحتلال ينسحب من شمال غزة.. هل اقتربت الحرب من نهايتها؟

ذات مصر

بعد 118 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، انسحب جيش الاحتلال تمامًا من مناطق شمال غربي محافظتي غزة وشمال القطاع، تزامنًا مع الحديث الدائر حول التوصل لاتفاق جديد مع المقاومة الفلسطينية يقضي بالدخول في هدنة، مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين.

انسحاب جديد للاحتلال

لأول مرة منذ بداية التوغل البري يسحب الجيش الإسرائيلي جنوده وآلياته العسكرية بشكل كامل من مناطق توغل بها في المنطقة الغربية لمحافظة شمال القطاع، وتضم أحياء التوام والكرامة وشارع الرشيد.

وانسحب الجيش الإسرائيلي من أحياء سكنية تقع بمناطق شمال غرب محافظة غزة وهي "الأمن العام" و"المقوسي" و"أبراج المخابرات" و"بهلول" و"شارع الرشيد"، وهو ما وثقه عدسات المراسلين الصحفيين في القطاع، رغم عدم الجيش الإسرائيلي عن الانسحاب وأسبابه.

انتهاء الحرب في الشمال

الانسحاب الجديد، جاء بعد أيام من إعلان قائد الكتيبة 7107 -إحدى كتائب الهندسة القتالية التابعة لقوات الاحتياط- بجيش الاحتلال الإسرائيلي سحبها من قطاع غزة بعد أشهر من المشاركة في القتال هناك، بعدما نفذ الجيش عدة انسحابات وركّز قواته في خان يونس جنوبي القطاع.

وجاء الإعلان عن سحبها تزامنًا مع تقارير بوسائل إعلام إسرائيلية تفيد باستعداد الجيش لتقليل عدد قواته في شمال القطاع. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أعلن قبل نحو أسبوعين عن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في شمال القطاع.

وتوالت الانسحابات من مناطق في القطاع على مدار الثلاثين يومًا الماضية، فغادرت الفرقة 36 القطاع منتصف الشهر الماضي، بالإضافة على سحب جيش الاحتلال الكتيبة 13 في لواء غولاني نهاية ديسمبر الماضي، بعد تكبدها خسائر كبيرة في معاركها مع المقاومة بحي الشجاعية.

المقاومة تعود

وعلى عكس الادعاءات الإسرائيلية بقضائها على المقاومة في المناطق التي انسحبت منها، فكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الجمعة الماضي، أن معلومات الجيش تفيد بأن حركة حماس عادت لتقديم خدمات في المناطق التي تم خفض حضور القوات الإسرائيلية بها، حسب تعبير الهيئة.

ونقلت الهيئة عن مسؤولين أمنيين قولهم إن "الفشل في اتخاذ إجراءات اليوم التالي يسهم باستعادة حماس السيطرة في غزة، ما يؤكد كذب الادعاءات الإسرائيلية بشأن قدرتها على القضاء على حماس وهدم الأنفاق.

وثيقة باريس

على الجانب الآخر، كانت التحركات السياسية والاستخباراتية في إسرائيل تخوض جولة جديدة من المفاوضات مع حماس، فجرت في باريس، الأحد الماضي، محادثات بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ومسؤولين كبار من مصر وقطر وإسرائيل، لبحث اتفاق هدنة في حرب غزة.

وذكرت مصادر إسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وافق من حيث المبدأ على إطار الاتفاق المقترح، في الناحية الأخرى أبدت حركة المقاومة حماس انفتاحها لكن لم تقدم ردًا نهائيًا بعد.

وأعلن رئيس المكتب السياسي في الحركة، إسماعيل هنية، قدومه إلى القاهرة لمناقشة الاتفاق الجديد المزعم تطبيقه خلال الفترة المقبلة، مشددًا في الوقت نفسه على تمسك المقاومة بوقف الحرب تمامًا على القطاع، ومغادرة القوات الإسرائيلية آراضي غزة، وعدم العودة مجددًا.

تفاصيل اتفاق باريس

وفقًا لمصادر إسرائيلية وأمريكية وعربية مطلعة على وثيقة باريس، فإن الاتفاق الجديد يقضي بإقرار هدنة لمدة 45 يومًا، بالإضافة إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وسجناء فلسطينيين، وزيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة.

وبينت وثيقة مبادئ عرضها رئيس الموساد، دافيد بارنياع، أمام مجلس الحرب الإسرائيلي أن الصفقة المحتملة لتبادل الأسرى تشمل إطلاق سراح 35 محتجزا إسرائيليا على قيد الحياة من النساء والجرحى وكبار السن، مقابل هدنة مدتها 35 يومًا وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين كذلك، أي يوم واحد من الهدنة لكل أسير، وفق القناة "12" الإسرائيلية.

وتضمن المقترح إمكانية تمديد التهدئة لأسبوع إضافي بعد الـ 35 يوما، من أجل إجراء مفاوضات حول إمكانية استكمال المرحلة الثانية من الصفقة، والتي تتضمن إطلاق سراح الشباب، وكل من تصفهم حماس بالجنود.

الخلاف بين إسرائيل وحماس

جوهر الخلاف يكمن بالنسبة للجانب الإسرائيلي، في نوعية الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم، كونهم من الفلسطينيين الذين دانتهم تل أبيب بالضلوع في هجمات أسفرت عن قتل إسرائيليين.

الوثيقة تشير إلى الإفراج عن 100 إلى 300 فلسطينيًا مقابل كل أسير، وهو ما يجرى التفاوض عليه حاليًا بين الطرفين، وقال محلل إسرائيلي إن الاستجابة لمطالب حماس تعني إطلاق سراح الآلاف من السجناء الفلسطينيين، بينهم أسماء تخشي إسرائيل خروجها مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

عنجهية نتنياهو

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو أبلغ عائلات المحتجزين في قطاع غزة بأنه سيمضي جديا في صفقة تبادل أسرى ومحتجزين حتى لو أدى ذلك إلى انهيار حكومته، قائلًا: «إذا كان هناك اتفاق جيد لدولة إسرائيل، عودة الأسرى وتحقيق أهداف الحرب، سأفعل ذلك، لا يهمني. لقد سألت عن المعارضة المحتملة من داخل الائتلاف – لا يوجد ائتلاف».

وأضاف: «لكن إذا كنت مقتنعًا، إذا اعتقدت أن هذه الصفقة ستعرض أمن إسرائيل للخطر، أو أنها لا تحقق الأهداف التي نريدها، فلن أفعل ذلك».

نهاية الحرب

وفق تحليلات عسكرية تبدو إسرائيل قريبة جدًا أكثر من أي وقت مضى على مغادرة قطاع غزة، في ظل استمرار المقاومة في مواجهة القوات المتوغلة بريًا منذ نحو 4 أشهر وعدم نجاحها في تحقيق انتصار حقيقي، رغم قصف المنشآت والمنازل وقتل المدنيين.

المحللون يرون أن خضوع إسرائيل في «وثيقة باريس» بهذا الشكل يعد تأكيدًا على حجم المعاناة التي تواجهها قواتها هناك، وعدم قدرتها على تحقيق أيًا من أهدافها المعلنة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

ويشدد المحللون على أن نتنياهو خسر كل الأوراق التي كان يناور بها للحفاظ على مسيرته السياسية، ولم يعد قادرًا على أي من المعارك الجديدة، وهو ما ظهر في تصريحات معارضين له بعدم ملاحقته حال تركه منصبه أو إقرار اتفاق جديد.