«ضباع البورصة» تتلاعب بالاقتصاد والدولار.. والحكومة عاجزة

ذات مصر

لا يزال الغموض يؤثر على المشهد الاقتصادي المصري، رغم إعلان الحكومة برئاسة مصطفى مدبولي، توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر، مع كيانات اقتصادية كبرى في دولة الإمارات، تدر دخلًا دولاريًا كبيرًا على البلد التي تعاني من نقص حاد في العملات الأجنبية.

يوم الخميس الماضي، خرجت القنوات التابعة للدولة المصرية لتعلن إصدار الحكومة بيانًا هامًا، وبعد ساعتين صدر البيان بموافقة مجلس الوزراء على توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر، دون الكشف عن أي تفاصيل حول ماهية الصفقة وقيمتها ومكانها أو حتى الجهات المستثمرة في البلاد.

وفي اليوم التالي، شهد رئيس الوزراء، توقيع اتفاقية شراكة استثمارية مع الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة التي تقع غربي الإسكندرية، بإجمالي استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدار سنوات إنشاء المشروع.

مدبولي، قال إن مصر ستحصل على 35 مليار دولار خلال شهرين، وأنه من المقرر أن تتسلم مصر 15 مليار دولار خلال أسبوعين من تاريخ التوقيع على الاتفاقية، و20 مليار دولار بعد مرور شهرين.

وأوضح أن الـ35 مليار دولار سيخصم منهما 11 مليار دولار من الودائع الأجنبية التابعة للإمارات في البنك المركزي، منوهًا بأن المبلغ سيحول إلى الجنيه المصري وسيمنح للشركة المسؤولة عن المشروع ويخصم من ديون مصر.

صدمة السوق الموازية

الصفقة الكبرى أحدثت صدى واسع على كافة المستويات، وأدت إلى انخفاض قيمة صرف الدولار أمام الجنيه في الأيام التالية ليسجل حاليًا 50 جنيهًا مقابل نحو 62 إلى 63 جنيهًا قبل الصفقة مباشرة.

لم تقتصر الانهيارات على السوق السوداء للعملات الأجنبية فقط لكنها امتدت إلى سوق الذهب الذي سجل انخفاضًا اقترب من الألف جنيه للجرام، فهوى عيار 21 الأكثر مبيعًا في السوق المصري إلى 2900 جنيه مقابل 3700 جنيه تقريبًا قبيل إعلان الصفقة.

انهيار البورصة

على مدار الأيام الماضية سجل الدولار والذهب انخفاضات متتالية، لتنهار معهم البورصة المصرية مع أول يوم للتداول عقب القرار، بدعوى تأثرها بالإعلان عن صفقة «رأس الحكمة» الكبرى قبل يومين.

قادت أسهم البنك التجاري الدولي (EGX:COMI) وأبو قير للأسمدة وموبكو هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 خلال تعاملات أمس، فتراجعوا بنسبة 9.8% و19.8% و18.9% على التوالي بنهاية جلسة الأحد.

في الوقت نفسه سجلت أسهم طلعت مصطفى (EGX:TMGH) وشركة إعمار ارتفاعات قوية خلال تعاملات أمس، بخلاف اتجاه السوق الهابط، فقفزا بالنسبة القصوى بنحو 20% بنهاية تعاملات الأحد. 

سر الانهيار

الانهيار المفاجئ للبورصة المصرية، أثار تساؤلات عديدة حول «الأيادي الخفية» التي تعبث بها، والمضاربين الكبار هناك، خصوصًا مع خسارة السوق نحو 140 مليار جنيه من قيمته السوقية في أول ربع ساعة.

وقال الخبير الاقتصاد، هاني توفيق، إن الانهيار المفاجئ للبورصة يعود إلى لجوء «المحترفين» ببيع أسهمهم التي اشتروها على مدار الأسابيع السابقة باعتبارها ملاذ آمن من التضخم، وتحقيقهم مكاسب تاريخية على مدار الشهرين الماضيين.

وأوضح في تصريحات عبر صفحته الرسمية بـ«فيس بوك»، أن مستثمري البورصة لجأوا بعد بيع الدولار على 70 جنيهًا، والدخول إلى البورصة خلال الفترة الماضية، إلى بيع الأسهم الرابحة لشراء الدولار بـ50 جنيهًا لتحقيق مكاسب مرتين.

استفاقة «محدودة» للسوق السوداء والبورصة

ومع هدوء الأوضاع نسبيًا، وزيادة نبرة عدم الثقة في إجراءات الحكومة لتجاوز أزمة نقص العملات الأجنبية، بدأت السوق الموازية للدولار والبورصة في استفاقة «محدودة» لتسجل ارتفاعات بأرقام ونسب ضئيلة.

سعر الدولار في السوق السوداء سجل ارتفاعًا من 49 جنيهًا خلال اليومين الماضيين ليقترب من 52 جنيهًا ظهر اليوم الأحد، مع توقعات باستمرار الارتفاع لحين وصول الدفعات المقررة لصفقة رأس الحكمة.

في الوقت نفسه، أنهت البورصة المصرية، تعاملات جلسة اليوم الاثنين، على ارتفاع جماعي للمؤشرات مدفوعة بعمليات شراء من المتعاملين المصريين فيما مالت تعاملات العرب والأجانب للبيع، فسجل المؤشر الرئيسي ارتفاع 3.92%.
وتجاوزت قيمة التداولات 8.8 مليار جنيه، وربح رأس المال السوقي 50 مليار جنيه ليغلق عند مستوى 2.023 تريليون جنيه.