أحمد جنتي.. حامل مفتاح «خميني» للعبور إلى السلطة

ذات مصر

أقر مجلس صيانة الدستور في إيران، أهلية 6 مرشحين غالبيتهم من المحافظين لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو الجاري، أبرزهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ومرشح التيار الإصلاحي الوحيد، مسعود بزشكيان، لكنها في الوقت ذاته استبعدتً أسماء بارزة يتقدمهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد والرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني.

ومن بين 80 مرشحًا تقدّموا بطلب خوض الانتخابات، أجاز مجلس صيانة الدستور -هيئة غير منتخبة مهمتها الموافقة على المرشحين والإشراف على الانتخابات- 6 أشخاص فقط، للتنافس على خلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذى لقي مصرعه في حادث تحطم مروحية في مايو.

وكان مجلس صيانة الدستور الإيراني استبعد أحمدي نجاد مرتين من الترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2017 والتي فاز فيها حسن روحاني، وفي عام 2021 التي فاز فيها إبراهيم رئيسي.

ورفض مجلس صيانة الدستور أهلية لاريجاني لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2021 والتي فاز فيها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي لم يكمل ولايته.

ويدفعنا استبعاد 74 مرشحًا من خوض الانتخابات للبحث عن حكاية مجلس صيانة الدستور والشخصية القوية التي تقف خلفه والتي تعتبر البوابة الوحيدة لعبور السياسيين إلي السلطة في إيران.

مهام المجلس

يلعب مجلس صيانة الدستور في إيران أدواراً رئيسية ومهمة في النظام السياسي الإيراني، أبرزها مراقبة مطابقة القوانين والتشريعات الجديدة مع أحكام الشريعة الإسلامية والدستور الإيراني، حيث يمتلك صلاحية إلغاء أي قانون أو مرسوم يراه مخالفاً لذلك.

كما يقوم المجلس الإشراف على انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) لضمان نزاهتها وفقاً للقوانين والدستور، كما يملك صلاحية رفض ترشيح أي مرشح يراه غير مؤهل.

بالإضافة لتفسير مواد الدستور الإيراني في حالة وجود غموض أو خلاف حول تفسيرها، حيث يكون تفسير المجلس ملزماً لجميع السلطات. بجانب إصدار الفتاوى والاستشارات القانونية المتعلقة بتطبيق الدستور والقوانين الإيراني والنظر في الشكاوى المتعلقة بمخالفات الدستور أو القوانين، واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها. واقتراح تعديلات على الدستور الإيراني، وعرضها على مجلس تشخيص مصلحة النظام للموافقة عليها قبل إجراء استفتاء شعبي.

مكونات المجلس

يتكون المجلس من 12 عضواً، نصفهم من الفقهاء المتخصصين في الشريعة الإسلامية يعينهم المرشد الأعلى، والنصف الآخر من القضاة المتخصصين في القانون المدني يتم انتخابهم من قبل البرلمان.

ينظر البعض إلى المجلس على أنه يمثل "المرجعية الدينية" في الحكومة الإيرانية، حيث يلعب دوراً محورياً في ضمان توافق القوانين والسياسات مع المبادئ الإسلامية حسب تفسيرات النظام الحاكم.

يترأس المجلس حاليا أحمد جنتي هو شخصية بارزة في النظام السياسي الإيراني يشتهر بمواقفه السياسية المتشددة والمثيرة للجدل، كما يُعد أحد الشخصيات النافذة في الهيكل السياسي والديني في إيران.

النشأة والتعليم

ولد أحمد جنتي في 22 فبراير 1927 في مدينة قم، وهي واحدة من أهم المدن الدينية في إيران.

 نشأ جنتي في عائلة دينية، مما أثر بشكل كبير على مسيرته التعليمية والدينية. درس في الحوزة العلمية في قم، وهي المؤسسة التعليمية الدينية البارزة في إيران، حيث تلقى التعليم الإسلامي التقليدي. تأثر جنتي بكتابات وأفكار كبار العلماء والمفكرين الشيعة، مما شكّل أساسًا قويًا لمواقفه الدينية والسياسية المتشددة.

المسيرة المهنية

بدأ جنتي مسيرته كعالم دين، ومن ثم انتقل إلى العمل السياسي بعد الثورة الإسلامية عام 1979. عُيّن في مناصب عدة داخل النظام الجديد، وأصبح عضوًا في مجلس خبراء القيادة، الذي يختص بتعيين ومراقبة المرشد الأعلى.

عين جنتي عضوًا في مجلس صيانة الدستور منذ عام 1981 بقرار من المرشد، روح الله الخميني، ولايزال حتى الآن عضوًا في هذا المجلس. 

وأصبح جنتي، منذ عام 1992، أمينًا عامًا للمجلس، بقرار من المرشد علي خامنئي، الذي أصبح آنذاك مرشدًا لإيران، خلفًا للخميني الذي تُوفي عام 1988، قبل أن يتولى رئاسة المجلس في عام 2016.

كرئيس لهذا المجلس، لعب جنتي دورًا حاسمًا في توجيه السياسات الإيرانية، وكان له تأثير كبير على الانتخابات البرلمانية والرئاسية من خلال رفض أو قبول ترشيحات المرشحين.

المواقف السياسية

يشتهر أحمد جنتي بمواقفه السياسية المحافظة والمتشددة حيث يعارض بشدة الإصلاحات الليبرالية والانفتاح على الغرب، ويدعو إلى الحفاظ على القيم الإسلامية والثورية التي تأسست عليها الجمهورية الإسلامية. 

يصفه المراقبون بأنه من الصقور داخل النظام الإيراني، وهو موقف يتجلى في دعمه القوي للمرشد الأعلى علي خامنئي حيث يعتبر جنتي من الشخصيات المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، وهو ما يمنحه نفوذًا كبيرًا داخل النظام.

كما تربطه علاقات وثيقة بالتيار المحافظ في الحكومة والبرلمان والقضاء، فضلا أنه أيضًا شخصية مؤثرة في الأوساط الدينية، حيث يحظى باحترام كبير بين رجال الدين المحافظين ويحظى باحترام كبير في الحوزة العلمية ويُنظر إليه كمرجع ديني في بعض الدوائر.

الجدل والتأثير

أثارت مواقف جنتي وسياساته الكثير من الجدل داخل إيران وخارجها. يُنتقد من قبل الإصلاحيين والليبراليين الذين يرون فيه عائقًا أمام التحديث والإصلاح.

 كما يتهمه منتقدوه باستخدام سلطته في مجلس صيانة الدستور لتقويض الديمقراطية ومنع ترشح الإصلاحيين والمستقلين في الانتخابات.

وخلال السنوات الماضية، رفض المجلس ترشح العديد من الشخصيات البارزة للانتخابات الرئاسية، منهم هاشمي رفسنجاني: الرئيس الأسبق لإيران (1989-1997)، رفض ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2013، وذلك بالرغم من مكانته السياسية الكبيرة في البلاد.

فضلا عن محمود أحمدي نجاد: الرئيس الأسبق (2005-2013)، رفض ترشحه للانتخابات الرئاسية في عامي 2017 و2021، بعد انتهاء فترة رئاسته المثيرة للجدل، وعلي لاريجاني الرئيس السابق لمجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، تم رفض ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2021.

بجانب إسحاق جهانغيري: النائب الأول للرئيس في عهد حسن روحاني، تم رفض ترشحه في انتخابات 2021، ومصطفى تاج زاده: السياسي الإصلاحي ونائب وزير الداخلية الأسبق، رفض ترشحه في انتخابات 2021.