عبد الخالق فاروق يكتب: الدلالات النفسية والسلوكية للجماهير العربية فى مونديال قطر 2022 (1-2)

ذات مصر

لم تحظَ رياضة في تاريخ الجنس البشري بالاهتمام والانتشار مثلما حظيت به رياضة كرة القدم. بحيث أصبح عدد العاملين فيها (بدءا من اللاعبين والمدربين والإداريين والعمال، وأضف إليهم الوكلاء والسماسرة) يتجاوز مليار إنسان. أما المشاهدون لها والمستمتعون بها في كافة أطراف وأصقاع الكرة الأرضية فيزيدون -وفقا لأحدث التقديرات المتخصصة في مونديال قطر عام 2022- على ثلاثة مليارات إنسان، من جميع الأعمار والأديان والأقطار.

وهذه الظاهرة الاجتماعية المركبة والمعولمة منذ عقود طويلة، حتى من قبل أن يظهر مصطلح العولمة Globalization، والقرية الكونية، قد جذبت إليها علماء الاجتماع وخبراء السياسة، وكذا خبراء الاقتصاد، علاوة على المتخصصين في مجال الدعاية والإعلام والإعلان، ناهيك عن مقتنصي الفرص من العاملين في حقل المال والأعمال والتجارة. 

بيد أن هذه الرياضة الرائعة والممتعة لم تسلم من عناصر الاستغلال والتلاعب بها، فجرت عمليتان معقدتان وعميقتان:

الأولى: هي رسملة Capitalization هذه الرياضة، وتحويلها إلى تجارة واسعة Commercialization، خصوصا بعد أن جرت عولمتها Globalization، فأفقدتها عوامل أساسية، أقربها الولاء للنادي أو الدولة، وحرمانها من المتعة المجردة عن عوامل الربح وقسوته.

الثانية: الاستغلال والتوظيف السياسي، خاصة لدى الحكام والأنظمة السياسية الديكتاتورية والمستبدة في دول العالم النامي، وإلى حد أقل لدى بعض الساسة في الدول المتقدمة هنا وهناك. 

وفي عالمنا العربي، جرت عملية استغلال سياسي يفوق التصور، خاصة وأن مجتمعاتنا العربية تعاني مشكلتين مزمنتين وعويصتين، هما: الاستبداد السياسي، والهزائم المتكررة وضعف الإنجاز.

فكيف نشأت هذه الظاهرة الكبرى؟ وكيف جرى هذا الاستغلال السياسي؟ 

أولا: نشأة وتطور رياضة كرة القدم:

عرفت المجتمعات البشرية القديمة أشكالا مختلفة ومتباينة لرياضة تستخدم فيها الأقدام، فسجلت الوثائق التاريخية أن الصينيين هم أول من مارسوا رياضة قريبة الشبه من كرة القدم التي نعرفها حاليا منذ أكثر من 2500 عام قبل الميلاد، كما عرفها اليونانيون قبل 600 عام قبل الميلاد، والمصريون القدماء بحوالي 300 سنة قبل الميلاد. 

ومنذ عام 1016 ميلادية، ظهر في إنجلترا شكل من هذه اللعبة، مستخدمين جثث ورؤوس ضحاياهم من المحتلين الدنماركيين احتفالا بجلائهم عن بلادهم، فكان هذا شكلا من التشفي والرغبة في الانتقام دون أَي معنى إنساني مقبول. 

على أية حال.. انتشرت لعبة كرة القدم بأشكال مختلفة في إنجلترا منذ ذلك التاريخ، وتسجل الوقائع التاريخية أن عمدة مدينة لندن قد حظر هذه اللعبة عام 1314 بزعم أنها تسببت في سيادة الفوضى في المدينة، كما حظرها بعض ملوك وحكام إنجلترا وفرنسا في بعض السنوات بحجة أنها أبعدت الناس عن التركيز في ممارسة التدريبات العسكرية والمهارات الحربية. 

ثم بدأ ظهور لعبة كرة القدم بشكلها الحديث نسبيا في المدارس الإنجليزية منذ عام 1710، واستمرت تدار دون قواعد بين طلاب المدارس وأبناء الأحياء الشعبية، حتى تأسس نادي "شيفيلد" عام 1857 كأول وأقدم نادٍ لرياضة كرة القدم في العالم. 

وبعدها بست سنوات فقط وبالتحديد في 26/10/1863، جرى اجتماع في إحدى حانات لندن، حضره ممثلو 12 ناديا تبادلوا فيه الآراء حول وضع قواعد وتشريعات لهذه اللعبة التي أصبح لها جمهور واسع، فأطلقوا عليها مصطلح كرة القدم Football، تمييزا لها عن لعبة كرة الرجبي ذات الطابع الأرستقراطي، وغيرها من رياضات تستخدم فيها الأقدام دون أن تكون مماثلة لكرة القدم. وفي نفس السنة تأسس اتحاد كرة القدم في إنجلترا كأول اتحاد للعبة على مستوى العالم، وبدأ وضع قواعد للعبة واحدة بعد الأخرى. 

ففي عام 1865 منع حارس المرمى من إمساك الكرة العائدة له من زملائه، وفى عام 1867 وضع مبدأ التسلل Offset وفي عام 1872 جرى تقنين جديد لحجم الكرة ومواصفاتها، كما ولدت فكرة "الكأس" للفائزين، وفي عام 1875 استبدل اتحاد الكرة الإنجليزي الشريط الذي كان يحدد علو المرمى بقضيب خشبي (العارضة)، كما استحدث استخدام حكم المباراة الصفارة للتحكيم عام 1878. ونظمت أول مباراة – شبه دولية – بين نادي "شيفيلد" الإنجليز، ونادى "شرق اسكتلندا" في العاصمة (جلاسكو) في فبراير عام 1872. 

وبعدها تشكلت اتحادات لكرة القدم في عدد من الدول الأوروبية، مثل هولندا والدنمارك عام 1889، وبعدها نيوزيلاندا عام 1891، ثم الأرجنتين عام 1893، وبعدها تشيلي وسويسرا وبلجيكا عام 1895، ثم إيطاليا عام 1898، ولحقت بها ألمانيا وأوروجواي عام 1900، ثم المجر وفنلندا، بعدها كرت السبحة إلى بقية دول أوروبا والأمريكيتين. 

وبعدها نظمت أول دورة أوليمبية لكرة القدم في العاصمة الفرنسية باريس عام 1900. 

التطور الأهم حدث حينما تأسس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) FIFA عام 1904 في العاصمة الفرنسية (باريس)، واختير السيد "ستانلي روس" أول رئيس لهذا الاتحاد. 

وفى منطقتنا العربية كانت أول بطولة رسمية في مصر تحت مسمى (الكأس السلطانية) في عام 1917 في عهد السلطان حسين كامل، كما نظمت أول بطولة للكأس عام 1921، ولم تنتظم مسابقة لبطولة الدوري العام في مصر سوى عام 1948. وفى المغرب العربي نشطت الأندية في الجزائر والمغرب مبكرا كذلك بحكم صلاتها الوثيقة بالنشاط الكروي في فرنسا وإسبانيا وبقية الدول الأوربية. 

وبرغم أن قوانين اللعبة قد وضعت عام 1886، فإنها قد أعيدت صياغتها أكثر من مرة في عام 1997، وعام 2005، وعام 2022 بمعرفة المجلس الدولي لكرة القدم (إيفاب) IFAB. 

ثانيا: بداية غرس البذرة السامة المسماة الاحتراف

في عام 1885 بذرت أول بذرة سامة في هذا النشاط الرياضي الرائع، حينما وضع اتحاد الكرة الإنجليزي أولى قواعد وتشريعات الاحتراف. وكان أول محترف يتقاضى مالا مقابل اللعب هو اللاعب والمدرب الأمريكي "وليم بادج" William Budge في 20/12/1867. وبعدها بعام قام اتحاد الكرة الإنجليزي بتنظيم أول بطولة منظمة بين الأندية في عام 1888، وبعدها بعامين ظهر أول نظام لضربة الجزاء، ومع اتساع الأندية، وإنشاء اتحادات كرة القدم في أكثر من بلد، شرع عام 1929 في تنظيم أولى مباريات كأس العالم، وكانت أولاها تلك التي نظمت في الأوروجواي عام 1930، وشارك فيها ثلاث عشرة دولة (سبع منها من قارة أمريكا الجنوبية، وأربع من أوروبا، واثنتان من أمريكا الشمالية)، فإن المونديال الأخير في قطر عام 2022 قد شارك فيه 32 دولة. 

وانتظم هذا النشاط بصورة دورية كل أربع سنوات، باستثناء بعض السنوات، كتلك التي جرت فيها الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945).

وبنهاية الحرب العالمية الثانية كان عدد أعضاء الفيفا قد تجاوز 1950 عضوا. وحاليا يوجد في العالم مئات الآلاف من الأندية تمارس هذه اللعبة في جميع أنحاء الكرة الأرضية. ففي إنجلترا وحدها يوجد أكثر من ستمائة نادٍ رياضي لكرة القدم.

وبالمقابل تعددت المسابقات في كافة دول العالم، وفى داخل القارات نفسها (أوروبية – آسيوية – أفريقية – أمريكا الجنوبية.. إلخ) بحيث وجدنا أنفسنا حاليا إزاء خريطة هائلة من العاملين في هذا الحقل الرياضي ذي المحتوى الاقتصادي الهائل، وفى مصر لم تعرف جرثومة "الاحتراف" سوى في عام 1990 على أيدي مجموعة من المدربين والإداريين والوكلاء والسماسرة.

وهكذا وجدنا أن هذه اللعبة الرائعة وعالمها قد تعرضت لتغييرات عميقة خلال المائة والخمسين عاما الماضية، ومن أبرز هذه التغييرات: 

1- تغيير مستمر ومتدرج لقواعد وقوانين اللعبة من أجل جعلها أكثر سرعة وأكثر تشويقا وإثارة. 

2- ومع اتباع نظام الاحتراف والتوسع فيه سنة بعد أخرى، تشكلت شبكة هائلة وأخطبوطية من المصالح المالية والاقتصادية، بدءا من أجور ومكافآت اللاعبين والمدربين، مرورا بأجور العمال والإداريين، انتهاء بتكاليف إقامة المباريات والمسابقات ذاتها. وبالمقابل خلقت مصادر للدخل والإيرادات متنوعة، بدءا من إيراد المباريات والمسابقات، مرورا بحقوق البث الإعلامي والتليفزيوني، انتهاء بعمليات انتقالات اللاعبين بين الأندية، وما ينتج عنها من مصادر دخل للأندية. 

3- التوسع الهائل في أعداد المشاركين في اللعبة، بدءا من اللاعبين والمدربين المقدر عددهم حاليا بمئات الآلاف من الأشخاص، مرورا بالعاملين والإداريين في الأندية والاتحادات الرياضية والذين يتجاوز عددهم على مستوى العالم عدة ملايين من الأشخاص، انتهاء بالمشجعين من مختلف الأعمار والأوطان والمذاهب والديانات، والذين قدرتهم بعض الدراسات بأكثر من ملياري إنسان على نطاق العالم، يزيد في أثناء متابعة مباريات المونديال الدوري كل أربع سنوات إلى أكثر من خمسة مليارات إنسان، كما حدث في مونديال قطر عام 2022، أَي ما يعادل 60% تقريبا من عدد سكان الكرة الأرضية (1)، وهؤلاء يتوزعون بين مشجعي المدرجات الرياضية، مرورا بمشاهدي البرامج التليفزيونية، انتهاء بمشاهدي المقاهي بالأحياء والقرى البعيدة. 

4-تأسيس علم كامل عن " اقتصاديات الرياضة " عموما و"، رياضة كرة القدم" خصوصا "، ومن خلاله يجري البحث عن وسائل تعظيم إيرادات الأندية والاتحادات الرياضية في الدول كافة، وتقليل النفقات بما يحفظ التوازن المالي والملاءة المالية للأندية كما الاتحادات الرياضية (2). 

5-كما نشأت شبكة هائلة مما يسمى " الإعلام الرياضي "، والسماسرة الرياضيون، والوكلاء الرياضيون، وكلها مصالح مالية واقتصادية ترعرعت مع ازدهار هذه اللعبة التي أصبحت صناعة هائلة دون أدنى شك. 

6- ومع توسع النشاط في كل بلد على حدة، وبين البلدان مع بعضها البعض، بحيث نقدر عدد المسابقات التي تجري وفقا لهذه اللعبة (الدوري والكأس) على مدار العام الواحد بأكثر من خمسين ألف مسابقة في بقاع الأرض المعروفة، والتي تشرف عليها اتحادات هذه الدول، أو الاتحادات الإقليمية، أو الاتحاد الدولي "الفيفا". 

7-ولم تكن هذه الظاهرة الاجتماعية / الإنسانية الهائلة لتمر دون أن يكون للسياسيين وقادة الدول والحكومات والأحزاب في كافة دول العالم نصيبا من استثمارها والتكسب المعنوي والسياسي من ورائها. 

وحتى يتبين لنا الأبعاد الحقيقية لهذه الظاهرة الاجتماعية/ الاقتصادية، قد يكون من المفيد تقديم بعض الإحصائيات والأرقام الاقتصادية الكاشفة لأهمية هذه الرياضة على أكثر من صعيد. 

أولا: قدرت بعض الدراسات المتخصصة حجم الدائرة الاقتصادية لرياضة كرة القدم وحدها بحوالي 2.0 تريليون دولار عشية ظهور وباء كورونا نهاية عام 2019 ومطلع عام 2020، في وقت بلغ فيه الناتج المحلي العالمي في ذلك العام حوالي 84.0 تريليون دولار (أي ما يعادل 2.4% من الناتج العالمي).

ثانيا: عدد المتابعين بصورة مباشرة وغير مباشرة لمباريات كرة القدم في كافة الدول والقارات يبلغ في المتوسط سنويا حوالي مليار إنسان سنويا، يزيد العدد مع مونديال كأس العالم إلى أكثر من ثلاثة إلى خمسة مليارات إنسان، كما حدث في المونديال الأخير في قطر عام 2022. 

ثالثا: ومقابل تكاليف ونفقات تتحملها الدولة / أو الدول المنظمة للمونديال العالمي كل أربع سنوات، تحصل بالمقابل على مكاسب مالية ومعنوية هائلة، فعلى سبيل المثال في مونديال روسيا عام 2018 تحملت الحكومة الروسية حوالي 11.6 مليار دولار، بالمقابل حصلت روسيا على 850.0 مليار روبل (ما يعادل 13.5 مليار دولار)، كمداخيل من هذا المونديال، وهو ما يعادل 1.0% من الناتج المحلى الروسي ذلك العام، كما وفرت أكثر من 220 ألف فرصة عمل جديدة، كما استقطبت المدن الروسية حوالي 7.5 مليون مشجع جديد، نصفهم على الأقل من الأجانب. وقد أعلن بنك "سبير بنك" الروسي المملوك للدولة أن إنفاق السياح الأجانب خلال المونديال الروسي عام 2018، قد بلغ 5.1 مليار دولار. 

وفي الولايات المتحدة تساهم الرياضة عموما بحوالي 220.0 مليار دولار سنويا، بما يكاد يمثل ضعف إنتاج السيارات الأمريكية، وسبعة أضعاف دخل السينما (3). وفي عام 2002 نظمت اليابان وكوريا الجنوبية معا مونديال كأس العالم، وقد ترتب على ذلك حصولهما على إيرادات قدرت بأكثر من 16.5 مليار دولار، 

أما مونديال قطر عام 2022، فبرغم التكاليف الهائلة التي تكلفتها دولة قطر الصغيرة لتنظيم هذا المونديال - والمقدرة بحوالي 220.0 مليار دولار على مدار عشر سنوات (2012-2022)، في صورة مباشرة وغير مباشرة - فإنها حققت مكاسب غير مقدرة، سواء من حيث إعادة بناء البنية التحتية للجزيرة القطرية، وتحديث كافة مرافقها، وإنشاء بنية تحتية رياضية تمكنها من أن تكون واحدة من كبريات المدن المستقبلة والمنظمة للدورات الرياضية الإقليمية والعالمية، والأهم ما حققته قطر من "برستيج" ونفوذ معنوي دولي لا يستهان به. 

رابعا: نشأ وترعرع على ضفاف هذا النشاط الرياضي والإنساني الهائل أنشطة طفيلية، مثل سماسرة بيع وشراء اللاعبين أو التعاقد مع المدربين، أو استقطاب الإداريين الأكفاء، كما برز دور ما يسمى " الوكلاء " المنوط لهم إدارة بعض أنشطة اللاعبين الكبار، والتعاقد باسمهم مع الأندية أو وسائل الإعلام والإعلان وغيرها، وهؤلاء ولاعبوهم يحصلون على الحصة الأكبر من كعكة هذا النشاط على المستوى العالمي، ففي إنجلترا وحدها يوجد 40.0 ألف نادٍ لكرة القدم، وتصل عدد الأندية الكروية في العالم أجمع ما يقدر بمئات الآلاف من الأندية. 

خامسا: كما نشأت هياكل إدارية ضخمة، بدءا من الاتحاد العالمي لكرة القدم (الفيفا)، مرورا بالاتحادات المنتشرة في كل بلاد العالم، وهؤلاء يمثلون طبقة بيروقراطية وإدارية رياضية كبرى، تحصل على نسب لا بأس بها من إيرادات ومداخيل هذا النشاط، سواء على المستوى المحلي في كل دولة على حدة، أو على المستوى الإقليمي (مثل اتحاد كرة القدم الأوروبي، أو اتحاد كرة القدم الأفريقي...إلخ) (4)، فعلى سبيل المثال حصل " الفيفا " على مبلغ 4.7 مليار دولار في مونديال قطر عام 2022. 

سادسا: كما تستقطع حكومات الدول التي تجري فيها هذه المباريات والمسابقات نسبة من الإيرادات في صورة ضرائب ورسوم خدمات، تشارك فيها اتحادات الكرة فيها. 

سابعا: كما زادت قيمة الجوائز التي تحصل عليها الفرق الرياضية المشاركة في تلك المسابقات على كافة المستويات، ففي مونديال كأس العالم مثلا زادت قيمة الجائزة التي يحصل عليها الفريق الفائز بالبطولة من ثلاثة ملايين دولار عام 1982 إلى ما يقارب 40.0 مليون دولار في مونديال قطر عام 2022. وتبلغ القيمة الإجمالية للجوائز بأكثر من 440.0 مليون دولار. 

هكذا أصبحت رياضة كرة القدم صناعة وتجارة عالمية ضخمة، لا يستهان بتأثيرها ونفوذها، ومن هنا نشأت ظاهرة الاستغلال السياسي لهذه الرياضة، وتخلقت عمليتان تاريخيتان في هذا النشاط الإنساني: 

الأولى: هي رسملة هذا النشاط وإخضاعه لمعايير ومقاييس الربح والتكلفة. 

الثانية: عولمة هذا النشاط قبل غيره من المجالات، فنادرا ما تجد ناديا في العالم وخصوصا في أوروبا وأمريكا، يلعب فيه لاعبون من نفس البلد، بل كثيرا ما نجده خليطا من الأجناس والأديان والأوطان. وهكذا تراجعت مفاهيم الانتماء الوطني في الكرة لصالح منفعة اللاعب أو المدرب. 

فكيف انعكست هذه الوقائع والمعطيات المستحدثة في رياضة كرة القدم على الأداء السلوكي والتركيبة النفسية على جماهير ومشجعي هذه اللعبة عموما، وعلى الجماهير العربية في مونديال قطر لعام 2022؟ 

هذا ما سوف نتناوله في السطور القادمة.

*****************

الهوامش والمراجع

(1) تصريحات رئيس الفيفا " جياني إنفانتينو" في مؤتمره الصحفي يوم الجمعة الموافق 16/12/2022. 

(2) سيمون كوبر & ستيفان سيمانسكي " اقتصاديات كرة القدم "، منشور على الإنترنت. وكذلك: إدوارد جاليانو " كرة القدم بين الشمس والظل " ترجمة صالح علماني. وكذلك: د. كمال الدين عبد الرحمن درويش وآخرين " اقتصاديات الرياضة "، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 2013. 

(3) عادل السنهوري، اليوم السابع بتاريخ 26/6/2021. 

(4) ياسين محمد على – مدون – " اقتصاديات الكرة " بتاريخ 17/7/2018.