د. هشام الحمامي يكتب: إسرائيل.. نهاية البداية أم بداية النهاية!

ذات مصر

(غزة امتداد لنكبة وقضية لا زالت تتفاعل..لا حل عسكريا لها في كل الحالات لم تنجح إسرائيل في كسر إرادة الشعب الفلسطينى المقاوم، بل ازدادت قدرات الصمود كما ارتفعت قدرة (حماس) و(الجهاد الإسلامي) على المواجهة والاستعداد وخلق المفاجآت).. هكذاتحدث الدكتور بشير نافع عن الشعب الفلسطيني وهو قول كله حق، يعلم القادة في إسرائيل ذلك قبل أن يعلمه العالم كله.

(كيف سقينا الفولاذ )..هكذا يقول الفلسطينيون كل يوم .. قالوه أمس ويقولونه اليوم وسيقولونه كل يوم .. والجملة قديمة وهى اثر قديم منكلاسيكيات الأدب الاشتراكي، أصدقائنا اليساريين يعرفونها جيدا..فهى عنوان الرواية الوحيدة التي كتبها  الروائى الروسى نيقولاىاستروفسكى( ت/1936م) .. ومن أجمل عباراته فيها، وهى عبارة مشهورة (أن الإنسان لا يرهب الموت اذا كانت له قضية يفنى من أجلها، فإنها تخلق في نفسه القوة .. ).

***

وهو عين ما نراه فى غزة اليوم.. فما الذى يمكننا أن نصف به ملاحم البطولة التى تفوق الخيال الإنساني في هذه البقعة من أرضنا؟ سواء كان صمودا من الناس.. أو إعجازا من المقاومة؟

أن تصل يد المقاومة إلى جنوب تل أبيب (ليلة الجمعة الماضية 12 مايو)، في معركة تحرير طويلة، فأنت هنا تتحدث عن شعب يملك إرادةلن تٌهزم .. وهى كذلك بالفعل .                                                                        

هنا على صدوركم باقون كالجدار

كقطعة الزجاج كالصبار

وفى عيونكم زوبعة من نار

نجوع ..نعرى ..نتحدى ..ننشد الأشعار

هكذا يقول الفلسطينيون على لسان الشاعر الفلسطيني بن مدينة الناصرة توفيق زياد الناصرة (ت/1994م).. وهكذا هم الشعراءالصادقون (جهاز الإحساس) في أمتهم وبين شعوبهم، كما قال لناالمفكر الكبير على عزت بيجوفيتش (ت/2003م).

***

تقول الحكاية التي صنعت أسطورة والأسطورة التي نسجت حكاية، أن(أوديب) في كل خطوة كان يخطوها ليهرب من قدره ومصيره، كانت تلك الخطوة تسير به رغما عنه من أقرب الطرق إلى قدره ومصيره.          

وأوديب هو بطل الحكاية الأسطورية المعرفة التي تقول، أنه بعد ولادته لأحد  الملوك، قال العراف لأبويه أنه حين يكبر سيقتل أباه، ملك البلاد.. فتم إبعاده عن المملكة وإخفاؤه عند راعى فقير .. المهم أنه بعدها سلك الطرق والدروب في حياته، والتي ستأخذه رغما عن الجميع، إلى قصر أبيه، قاتلا له.

********

الخبراء يشككون بقوة في استمرار إسرائيل ثلاثون سنة أخرى..! استنادا لما ذكرته كتبهم من حقيقة أنه لم تستمر دولة لبنى إسرائيلأكثر من مائة عام .. إلا الدولة الحشمونية (140 إلى  37ق.م) .. لكن هذا تاريخ يٌحكى.. ولا يعنينا كثيرا هنا ..

ما يعنينا هو منطق التاريخ الذى يحكم قبضته على أعناق الواقع عبرحياة الدنيا والناس .. وهو أن أي احتلال يجد من يقاومه و يربك وجودهواستقراره سيزول يوما ما .. ليس هذا فقط بل ولكن .. وهذا هو الأهم .. لأن رؤوس هذا الاحتلال (فسدة وأيضا مفسدين)  ..

هذا الكلام قاله وكتبه هذا رجل غير عادي ..وغير عادى وصف حقيقيله، سواء في تكوينه الشخصي والذاتي أو في تكوينه المهنى .. مماجعله شخصا مهما للغاية في البناء الأمني والسياسي الإسرائيلي إنه(يوفال ديسكين/67 سنة ) رئيس جهاز الشاباك في الفترة من 2005مإلى 2011م والحاصل على رسالتي ماجستير، احدهما في العلوم السياسية  والإدارة .. والأخرى في تاريخ بنى إسرائيل .. ويتقن العربيةالفصحى تماما !  

********

يوفال كتب مقالة بصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية في منذسنتين (2/2021م) قال فيها: لا أدري هل هي نهاية البداية أم بدايةالنهاية؟ ..إسرائيل لن تبقى للجيل القادم ..!!

فهى لا تتمتع بالتماسك الاجتماعي والمرونة الاقتصادية والقوةالعسكرية والأمنية التي سيضمن وجودها الجيل القادم!  ..                                                                                                                    انعدام الثقة في أنظمة الحكم آخذ في الازدياد، والفساد ينتشرفي الحكومة، والتضامن الاجتماعي ضعيف... انتهى كلام يوفال .. وهو عين الحقيقة كما يقولون.

***

الجميع في إسرائيل يعلم أن المعركة الأخير في غزة، هي فقط معركة نتوياهو والدولة العميقة في إسرائيل .. كل ما فعله هذا النصاب الكبيرأنه استخدم (شرط بافلوف) الشهير وجعل لعاب الإسرائيليين يسيل، لخداعهم .. وأقصد بشرط بافلوف (قصف غزة) وضرب قادة المقاومة.

وحين يستفيق الناس في إسرائيل على صواريخ المقاومة .. وينظرون بعين الحقيقة وجها لوجه ..سيتأكد لهم أن نتنياهو ما كان إلا( لصكبير) هارب من القضاء ويريد أن يفعل مثل باقي الحكام ( الأخرين!!) يتلاعب بأمنهم الشخصي، لصالح مصالحه الشخصية ..                                                                                 وانهم لم يكونوا إلا مزحة ثقيلة أراد أن يلبسهم فيها عاره.

***

سيكون هاما هنا .. معرفة أن أي وقف لإطلاق النار بين غزة و(بنتصهيون) إسرائيل.. سيبقى هشاً .. ولا قيمة له .. وستعود الكرة مرة تلومرة .. لتبقى حقيقة هامة، وهى أن (مشكلة غزة) ليست معزولة عن بقية(فلسطين).. وأي محاولة لعزلها عن صلب القضية وجوهرها (وطنمحتل وشعب أسير) ستنتهي إلى فشل.

ومن يتحدث عن سلام وحلول .. يجب أن يتحدث أولا عن حق العيشالإنساني لبشر لا يعرفون وطنا لهم غير هذا الوطن، ولا أرضا لهم إلا هذه الأرض ..تاريخهم هو تاريخ هذه الأرض ومستقبلهم لن يكون إلامستقبل هذه الأرض.. ميلادا وموتا ..

نقول ذلك في الوقت الذى يتساءل أقرب حلفاء إسرائيل (خاصة فيأوروبا وأمريكا..) عما إذا كانت إسرائيل الأن هى الدولة نفسها التىعرفوها وأعجبوا بها.. ؟؟

فمنذ عقود و سجل دولة إسرائيل أصبح من الصعب تجاهله كما يقولون..

استمرار هذه الدولة التى تبدو قوية من الخارج ولكنها هشة في جوهرها يثير القلق..                                هذه هي أهدأ التعبيرات في  وصف حقيقي لواقع الواقع في دولة إسرائيل... والقادم أسوأ على رؤوسهم.