انقسامات وخلافات تعمق أزمة أقدم الأحزاب في مصر

ذات مصر

تصاعدت الخلافات والانقسامات داخل أروقة حزب الوفد العريق، بعدما أظهرت نتائج الانتخابات تذيل رئيس الحزب عبد السند يمامة، قائمة المرشحين من حيث عدد الأصوات، في حين يشهد الحزب منذ شهور خلافات داخلية، بسبب تباين الرؤى بين رئيسه وعدد من القيادات، فضلًا عن المشاكل التي تواجه جريدة الحزب بسبب تردي أوضاع العاملين فيها.

وحزب «الوفد» هو أقدم الأحزاب المصرية، وتأسس عام 1919 على يد زعيمه سعد زغلول، لكن شعبيته تراجعت في السنوات الماضية، إذ يظهر ذلك في التمثيل البرلماني المنخفض للحزب داخل مجلس النواب، حيث يمتلك الحزب 26 مقعدًا في مجلس النواب من أصل 596 مقعد.

اعتصامات داخل الحزب

ويطالب عدد من قيادات «الوفد» وأعضائه، يمامة، بالاستقالة من منصبه، في ظل الاعتراض على أدائه السياسي خلال الانتخابات، حيث اعتصم أعضاء الجمعية العمومية للوفد، اليوم الأربعاء، داخل المقر الرئيسي للحزب بالقاهرة، مطالبين برحيل يمامة عن رئاسة الحزب.

وقال المعتصمون في بيان حمل توقيع بعضهم، إنه "بناء على الحالة التي تسود بالوفد من تردي في الأوضاع المالية والأوضاع السياسية ما أسفر عن الانتخابات الرئاسية وظهور رئيس الحزب بخطاب سياسي مهتز، قررنا نحن الموقعون أدناه الاعتصام لحين رحيل رئيس الحزب الدكتور عبد السند يمامة وإعلان استقالته من رئاسة والأعمال اللائحة الوفدية طبقا للقانون".

كما أصدر عدد من القيادات بيانا جاء فيه: "تابعنا الانتخابات الرئاسية والتي أسفرت عن نتيجة لا تليق بالوفد وبمكانته السياسية، وهو الحزب الذي وصفه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بأنه أهم قلاع الحياة السياسية المصرية، والأمين على تراث الحركة الوطنية المصرية".

وأضاف البيان: "لقد عكست نتائج الانتخابات الرئاسية فقدان الحزب للتأييد الشعبي، نتيجة تزايد الصراعات والخلافات الداخلية ونالت من مكانته في الشارع المصري، وتخلي قياداته عن تراثه وقيمه بالإيمان بالحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني ففقد بوصلته".

كما أشار المعتصون، إلى سوء الإدارة الحزبية المتمثلة في إدارة رئيس الحزب «عبد السند يمامة»، إضافة إلى تبديد أموال الوفد وتسليم شبكات النواب المدينين بدون تحصيلها، فضلًا عن ضعف الخطاب السياسي للحزب وهو ما يضعه في ذيل الأحزاب الوليدة، وفق ما يراه المعتصمون.

مطالبات بالاستقالة

ويتمسك غالبية أعضاء الهيئة العليا للحزب باستقالة رئيسه الحالي، استنادًا إلى العهد الذي قطعه على نفسه، بأن يبتعد عن رئاسة الحزب إذا حصل على نسبة تصويت هزيلة في الانتخابات الرئاسية. غير أن الحملة الرسمية تقول إن شعبية الحزب ارتفعت في الشارع عقب المشاركة في الانتخابات.

كما تسبب دخول "يمامة" سباق الانتخابات الرئاسية بخلافات داخل حزب الوفد، لأن نسبة كبيرة من الأعضاء طالبت برفض ترشح رئيس الحزب على كرسي الرئاسة، والاكتفاء بالمشاركة السياسية فقط، بينما طالب آخرون بترشح عضو الهيئة العليا للحزب، فؤاد بداروي، ما تفجرت عنه أزمة كبيرة داخل الحزب، تدخل على إثرها عدد من قيادات الحزب لحل الخلاف، وأمام إصرار يمامة على الترشح تم إبعاد بدراوى تجنبا لمزيد من الخلافات.

وخلال الساعات الماضية، أثيرت أزمة داخل الحزب، بعد دعوة نائب رئيس الحزب سليمان وهدان، وعضو الهيئة العليا للحزب الدكتور هاني سري الدين، بطلب عقد اجتماع طارئ للهيئة العليا للحزب، على أن يكون اليوم الأربعاء، وقع عليها أكثر من 30 عضوًا بالهيئة العليا، وبمشاركة قيادات في مختلف المحافظات، لكن رئيس الحزب، عبد السند يمامة، رفض موعد الاجتماع، بحجة أنه يأتي بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، كما أن موعد الاجتماع يتزامن مع موعد الطعون على نتائج الانتخابات، مطالباً أن يكون الاجتماع يوم السبت 23 ديسمبر الجاري.

وكان يمامة، اتهم في تصريح له، الجمعة الماضية، أعضاء حزب الوفد في المحافظات، بالتخاذل معه خلال الانتخابات، قائلًا: "لو أن الهيئة العليا طرحت سحب الثقة، سأرحل وأرتاح، وسأقول لهم إنني نزلت الانتخابات بناء على ترشيح هيئات الحزب، وتحملت حملتي الانتخابية بمفردي بمساعدة 10 أشخاص فقط".

واعتبر أن الهيئة العليا لا تملك أن تطلب منه تقديم الاستقالة عن رئاسة حزب الوفد، مؤكدا أن اختصاصها تقف عند طلب سحب الثقة.

في المقابل، أشار الرئيس الأسبق لحزب الوفد، السيد البدوي، إلى أن هناك أزمة حالياً داخل حزب الوفد، وصلت إلى حد "الغضب الشديد"، مضيفاً في تصريحات متلفزة أنه بعد مؤشرات اللجان العامة لنتيجة الانتخابات الرئاسية "ازداد هذا الغضب"، مشددًا على أن "الحل يكمن في استقالة يمامة".

"اعتصام مفتوح"

إلى جانب الانقسامات التي يشهدها الحزب، ثمة اضطرابات أخرى داخل الجريدة الرسمية للوفد، حيث أعلنت اللجنة النقابية للعاملين بجريدة الوفد، اليوم الأربعاء، دخولها في اعتصام مفتوح بمقر الجريدة، وذلك لحين تحقيق مطالبهم.

وتمثلت مطالب العاملين بالجريدة، في زيادة وتحسين رواتبهم، ووضع خطة لتحقيق الحد الأدنى من المرتبات لجميع العاملين خلال 6 أشهر، وفق ما اتفق عليه مع نقيب الصحفيين والنقابة العامة.

ويطالب المعتصمون أيضًا، بوضع خطة محددة المدة للتطوير الإداري والتحريري للجريدة والبوابة، إضافة إلى عدم التعرض لأي عضو بالجمعية العمومية وأعضاء اللجنة النقابية ورئيسها ووقف جميع التحقيقات ضد الزملاء بسبب أي نشاط مرتبط باللجنة النقابية.

كما طالبوا بعودة المصادر الخاصة برئيس اللجنة النقابية حفاظاً على هيبة ممثل الجمعية العمومية المنتخب.

وكان اللجنة النقابية للعاملين بالجريدة، احتجت غير مرة على تدني المرتبات وسوء الأوضاع المالية، وما زاد الأمر سوءًا، تحويل أحد الصحفيين بالجريدة إلى التحقيق بسبب انتقاده رئيس الحزب، واعتراضه على ما وصل إليه الحزب والجريدة بعد تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية داخل الوفد.