علي الصاوي يكتب: درة جديدة في تاج كلية الإعلام

ذات مصر

بعض الشخصيات تُضيف إلى المنصب والبعض الآخر يُضيف لها المنصب، وهناك نماذج يُمثل حضورها في أي مكان إضافة كبيرة، كالمطر أينما وقع نفع، هي امرأة عظيمة قلبا وروحا، كافأها القدر بما تستحقه من مكانة، كأن ترقيتها جاءت من نصيب اسمها، هي الدكتورة ثريا البدوي التي اختيرت عميدا لكلية الإعلام جامعة القاهرة ليزدان تاج الكلية العريقة، بدرة جديدة فريدة التكوين عظيمة القيمة.

كانت تتوق إلى أن تكون وزيرة، فأطلقت حملة تحت عنوان “من حقي أكون وزيرة" كنت أحد أعضائها، أرادت أن تخرج عن المألوف في الإفصاح عن رغباتها، ليس من باب الشهرة والنديّة، بل من باب الشعور بالمسؤولية، عبّرت عن نفسها بشجاعة وقدمت فلسفتها الفكرية والقيادية، في معالجة كثير من القضايا والملفات التعليمية، بعد أن لفتت حملتها وسائل الإعلام فأرخت للقول حتى بلغت رسالتها آنذاك، ويبدو أن صدى الرسالة وصل أروقة صُناع القرار فجاءها خبر العِمادة، لنفرح جميعا ليس لشرف المنصب ووجاهته بل لقدر صاحبه ومكانته.

لم تكن الدكتورة ثريا مجرد أستاذ يُلقي محاضرة فاترة مدة دقائق معدودة ثم يُنفّض يده من غبار الواجب ويخرج من القاعة غير مكترث بأي واجبات أخرى، بل كانت شعلة متقدة بالحماسة، تتفاعل مع الطلبة بكل حواسها، في محاضراتها لا يصاولك كلل ولا يعتريك ملل، جمعت شخصيتها بين اللين والصرامة، والهيبة والبساطة، وغزارة العلم وعذوبة الشرح، زادها الله بسطة في العلم، لا تشعر في حضرتها بأي تفاوت طبقي أو علمي لفرط تواضعها وحسن إنصاتها.

على الصعيد الإنساني تجدها صاحبة ذاكرة قوية لا تنسى ولا تُهمل، وقد تتعدى علاقتها بطلابها أبعد من لقاء في محاضرة للتعلم والشرح، ترى أن المعلم منظومة متكاملة من العلم والأخلاق والإنسانية، يُقدم العون ما أمكن، لا يبخل بالمشورة طالما أحسن الرأي، وتلك خصال ما اجتمعت في أحد إلا كان النجاح حليفه والقيادة رديفه.

صدى أعمالها يطغى على صدى صوتها، رغم أنها تعمل في صمت وهدوء، ليست من هواة تقديم الصخب على المضمون، فأثر تربيتها الصارمة والمحافِظة يتجلى في كل حركة وسكنة في حياتها الاجتماعية والمهنية، اختيار الدكتورة ثريا البدوي لعمادة كلية الإعلام اختيار موفق وفي محله، اختيار لاتجاه جديد وفكر مختلف وتحديث يواكب متطلبات المرحلة، قبل أن يكون اختيار قوامه مجرد تغيير شخص محل شخص آخر.

نبارك بكل حب للدكتورة ثريا البدوي منصب العميد عن استحقاق وجدارة، ولكلية الإعلام هذه الإضافة الحقيقة لصرحها التعليمي الكبير، فحين يكون الرأس على مقاس الجسد تتناغم الأعضاء ويتحقق الانسجام فيتغلّب الجسد على الأخطار وينجو من المهالك.