هل حَسَمت زيارة أردوغان الملفات العالقة بين مصر وتركيا؟

ذات مصر

ساهمت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في منتصف الشهر الماضي في رفع سقف التوقعات واتساع أفق العلاقات بين البلدين لحسم كثير من الملفات العالقة محل الخلاف والتجاذب على مدار أكثر من عشر سنوات، وكان الترحاب من الجانب المصري على مستوى رفيع يليق بحجم الدولتين والعلاقات التاريخية بينهما.

وفي خضم الزيارة توقع كثير من الخبراء أن الزيارة لن تؤثر فقط على علاقة الدولتين الثنائية بل على الإقليم بأكمله، لأنها جاءت في توقيت يحتاج فيه البلدين إلى تنسيق مشترك في العديد من الملفات الإقليمية التي تتقاطع فيها مصالح الدولتين أملا في إيجاد صيغة توافقية تلبي الطموحات الجيوسياسية لمصر وتركيا وتفادي أي صدام وتضارب في المصالح مستقبلا.

صادفت الزيارة توقيتا دوليا وإقليميا مضطربا تتشكل فيه قوى جديدة وإرهاصات إعادة توزيع النفوذ والسيطرة، مع تجاهل بعض القوى الإقليمية مصالح مصر وتركيا في الإقليم واللعب على وتر الخلاف بينهما لتعظيم مصالحها، شكّل ذلك دافعا عند صانع القرار التركي بأن إذابة جبل الخلافات مع مصر بات أولوية سياسية لا تستدعي التأخير، لا سيما وأن هناك رغبة خاصة للرئيس أردوغان بالعودة إلى سياسية (صفر مشاكل) مع دول الجوار كونه يقضى آخر مدة رئاسية له، ومن جانب آخر يريد إفساح المجال للتركيز على المشكلات الداخلية ومعالجة التضخم الاقتصادي.

إرادة سياسية

يرى المحلل السياسي التركي فراس أوغلو أن هناك إرادة سياسية عند الدولتين لحل الخلافات بجدية وإعادة العلاقات أفضل مما كانت عليه في السابق، وهذا ما سيُبنى عليه جميع التفاهمات اللاحقة.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "ذات مصر" أن الخلافات سيتم إدارتها بعيدا عن أي صدام وبالتحديد الملف الليبي، مشيرا إلى أهمية مد تركيا لمصر طائرات مسيرة في تقوية العلاقات أكثر وتطويرها على الصعيد العسكري في ظل تحديات إقليمية تواجه مصر، مشيرا إلى أن هذه الطائرات يمكنها أن تذهب إلى أي مكان للحفاظ على الأمن القومي المصري، على سبيل المثال إثيوبيا وملف سد النهضة رغم علاقة تركيا الجيدة مع إثيوبيا إلا أنها تشارك مصر الرفض في إنشاء إثيوبيا لقاعدة بحرية في أرض الصومال لاند، وبالرغم من ذلك تحتاج تركيا إلى مصر أكثر من احتياجها لإثيوبيا على حد قوله.

وأوضح أوغلو أن التحالف المصري اليوناني إذا انضبط بشكل جيد بحيث لا يؤثر على مصالح تركيا في شرق المتوسط والاعتراف بالجرف القاري التركي ورفض التسليح العسكري لجزيرة رودوس فإن المسألة ستكون سهلة في التعاطي مع هذا الملف الشائك جدا بالنسبة لتركيا.

مسارات سلمية

وقال الدكتور خيري عمر أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة سكاريا، إن الزيارة زادت من احتمالية ظهور سياسات مشتركة لدعم المسار السلمي بين البلدين في أكثر من ملف وبالأخص الملف الليبي، فباعتبار الجوار الجغرافي لمصر وترابط تركيا مع النخبة الليبية سوف تتكون فرصة التأثير النسبي في ضبط الصراع وترويج مبادرات الحل السياسي وإجهاض مشاريع التقسيم الغربي.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ "ذات مصر" أن البلدين لا يوجد بينهما خلاف كبير في شرق المتوسط عكس ما يروج له البعض، مشيرا إلى أن ترسيم الحدود الأخير بين مصر واليونان به جزء معلق لحين تتوافق اليونان مع تركيا لاستكماله.

ولفت عمر إلى أن ملف المعارضة المصرية في تركيا لن يشكل أي عائق كون الدولة التركية تتعامل معه بشكل أمني وإنساني بعيدا عن السياسة، لذلك لن يُسمح لهذا الملف لأن يكون سبب في توتر العلاقات مرة أخرى وتشكيل أي ضغط على المصالح التركية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، بأن زيارة السيسي إلى تركيا في شهر إبريل المقبل سوف ترسم خطوط إستراتيجية جديدة في العلاقات مع تركيا تقوم على تقارب منظور للمصالح والتحديات الإقليمية.