هالة الحلفاوي تكتب: شمس صلاح تبتسم

ذات مصر

حَكِم عقلك والمنطق قبل أن تعبر عن حبّك وعاطفتك لمحمد صلاح، الذي تعرض لهجوم شرس على منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة لأسباب مختلفة، اتخذها مهاجموه ذريعة لكيل الانتقادات ضده، وهو الأمر الذي لانجد له تفسيرًا سوى أنه يصبح في مسعى تشويهه، والتغطية على ما حققه من إنجازات في عالم السحرة أهلته للترشح لجائزة أفضل لاعب في العالم.

صلاح ليس لاعب كرة مصري أدهش العالم فحسب، لكنه نموذج جدير بالإشادة، كونه شق طريقه إلى العالمية مُتحديا الظروف التي واجهته، وهو ابن قرية "نجريج"، إحدى قرى محافظة الغربية، ليؤكد أنه ما من أمر مستحيل، والاحتفاء بنجاحاته على مدار سنوات يمثل رغبة حقيقية في تحقيق الذات، والرغبة في ترك بصمة مميزة في هذا العالم الكبير، وهو ما أرى أنه في يوم ما سوف يتحقق على يد جيل ما -يمثل ثمرة لهذه الجهود- يصنع واقعًا مشرقًا، ويترك بصمة حقيقية.

دعوني أبدأ بسؤال بسيط.. كيف استطاع محمد صلاح أن يجعل الشمس تبتسم وتصبح لها رائحة في مصرنا؟!. ربما يتعجب البعض من سؤالي ويقول وهل للشمس رائحة؟ وكيف لها أن تبتسم؟!، قد نجد الإجابة في كل شاب عندما يضيق به الطريق، ويبدأ يتساءل من داخله عن جدوى الاستمرار في الكفاح، فيتمعن في قصة كفاح "مو صلاح"، وتتغير نظرته للمستقبل والحياة ويحاول أن ينجح مثلما نجح الأسطورة ليس في مجال كرة القدم فقط بل كل في مجاله.

فعلى الرغم من بلوغ محمد صلاح سماء نجومية كرة القدم العالمية، إلا أنه لا زال كما هو مثالاً حيًا للتواضع والأخلاق للناس البسطاء نبت هذه الأرض الطيبة، الذين لا تفارق محياهم ابتسامة أمل تحت شمس يستمدون من دفئها قوة تصنع الأمجاد.

شخصيًا أرى أن صلاح أهم من يروجون للسياحة في بلدنا، من حيث تشجيع السائحين لزيارة مصر، وماذا لو استثمرناه سياحيًا، مثلًا أن يتم اختياره سفيرًا للسياحة المصرية.. ماذا لو طبعنا صورته على أوراق البردي وقدمناها هدايا للسائحين، ورسمنا ملامحه المصرية الأصيلة على التحف والأنتيكات، والتقطنا له صورًا بجوار الأهرامات، وعلقناها في واجهة المطارات، ماذا لو استثمرناه ليكون راوي الجمال المصري في كل البلاد ومثالاً مصريًا نفتخر به؟

لماذا لا نفكر في تصوير فيلم دعائي عن السياحة المصرية لأشهر الأماكن السياحية التي يقوم محمد صلاح بزيارتها أثناء قضاء إجازته في مصر، ولا أعتقد أنه سيمانع في ذلك، التكلفة التي سيتم إنفاقها على عمل هذا الفيلم الدعائي ستكون بسيطة مقارنة بالدعاية والترويج الذى سينتج عنها، إذن.. كيف نستثمر الفرعون بعيدًا عن الغناء والتصفيق.. هذا هو السؤال؟!.

أشعر بالفخر كوني عربية مصرية عندما أرى عدد المرات التي ذكر فيها اسم مصر في الإعلام العالمي محفوفًا بالإكبار والفخر مع كل نجاح يحققه محمد صلاح، فقد جلب للعرب عزة وكرامة وسمعة طيبة، وجعل اسم العرب طنانًا رنانًا في أرجاء المعمورة، لذلك أقولها وبكل فخر: إني عشت في زمن الملك محمد صلاح.

عندما كتب الفيلسوف الألماني "ماركس" المقولة الأشهر: "الدين أفيون الشعوب" في عام 1843 كجزء من مقدمة كتاب له، لم يكن يدري أنه بعد ما يقرُب من 175 عامًا سيصبح "محمد صلاح أفيون المصريين"، ويهون كل شيء أمامه من مشكلات ومعاناتهم اليومية، لتنسيهم الفرحة بصلاح كل تعب وشقى في لحظة يعبر فيها بفرح وبهجة.. لذلك احتكمت إلى عقلي وقلبي معًا في رؤيتي لصلاح بوصفه معجزة في عالم الساحرة المستديرة..ِ وشمسًا تبتسم لمصر، نتمنى أن يظل مصدر فخر لنا، وهو يتألق في ملاعب الكرة العالمية.