دكتور أحمد سالم: الفعل بلا استشراف غباء

ذات مصر

من أغبى ما يمكن أن يرتكبه الإنسان فى حق نفسه هو ممارسة فعل بلا قراءة واستشراف نتائجه..أقول هذا لأن الإنسان أثناء الفعل يكون أحيانا أعمي عن مد نظره فى المستقبل.

فى ٢٥ يناير خرجنا بأحلام يقظة بلا رؤية ولا تخطيط
فى ١٨ يوم محفورة فى ذاكرة الوطن الناس كانت روح واحدة .. يوم ما خرج مبارك وقال سيكتب التاريخ مالى وما علي قلنا إرحل دون أن ندرك ان التاريخ قد يكون مع كلمة الرجل فى المستقبل وأنه ليس الأسوأ .. وخرج الرجل فى خطاب تاريخي وقال أريد أن اموت علي أرض هذا الوطن وكان صادقا فلم يهرب أو يجبن وكان حريصا على حقن دماء الشعب..ولم يستعلي يوما عليهم.

مرت الأيام وما كانوا أخوة بالأمس أصبحوا فى صراع وتنافر وأقصد التيارات المدنية الهشه..وكان أن ركب الجماعات الدينية البلد فقط لأنها منظمة وتعرف طبيعة العمل الجماهيرى..فعاشت مصر في كابوس لمدة عام..

خرج الناس ثانية فى ٣٠ يونيو بإرادتهم أو بتحفيز خفي للحفاظ على الدولة من التفكك والطائفية ..خرجوا ولم يكن لديهم رؤية أو استشراف لما هو قادم..واستنجدوا بجيشهم ليحمى دولتهم..دون أن يكون لهم رؤية فى مألات الأحداث.. ولاصورة المستقبل فتم ماتم

واليوم يمر عقد كامل على ٣٠ يونيو..فإذا بهم يجدون أنفسهم أن ما خرجوا بسببه 
من مظاهر تخص الخبز والكهرباء وأزمات الطاقة بات اليوم يعيشون فيها بل أكبر مما كانت.. وما كنا نشجع للخروج عليه منذ عقد الآن نخاف مجرد الحديث عنه وفيه..دع عنك كم الديون الرهيبة التى حصلت عليها مصر فى هذا العقد والأموال التي دخلت مصر.

ولذلك أقول بتنا فى حالة فقدان ثقة مع من يحكمونا ..وأصبحنا ندرك حقيقة أننا لعب بنا فى كل حالتنا..وأننا فعلنا اغبى ما يرتكبه الإنسان فى حق نفسه قيامه بفعل بلا إستشراف أو بدون عقل.

والآن بعد مرور ثلاثة عشر من الأحداث ماذا حل بمزاجنا العام..الذى حل بنا أننا اصبحنا شعب مأزوم ومقهور وفقير بزيادة ..ومن كل هذه التجارب بات الناس لايحلمون بالأفضل لتصاعد وتيرة السوء ..بل إننا أصبحنا نخشى مايحمله الغد من مزيد من التدهور والإنهيار ..وأن رفضنا للسوء قد يعنى مزيد من السوء...وأن أي حراك بلا عقل معناه تدمير ماتبقى فينا..فأصبح الخوف رفيقنا على كل الأصعدة.