إبداعات ذات مصر

حلم.. قصة قصيرة

ذات مصر

اجتاحه خوف شديد .. وحيدًا... يلفحه الهواء الساخن في تلك الصحراء القاحلة ... يعاني جفافا في حلقه... تنساب من جسده حبات العرق كزخات المطر المتتالية.


أحسها لحظات لن تنتهي... ولكن ها هو بئر ماء يلوح امام عينيه من بعيد... يمشي متثاقلا..... لا يدري من شدة التعب.... أم من الخوف الذي يحمله بين جوانحه لوجوده في هذا المكان؟

عند بلوغه البئر.. فوجئ برجال لم يتبين ملامحهم يمنعونه من تناول شربة ماء تعني له في تلك اللحظات.. الحياة كلها
حاول ان يتفحص ملامحهم ولكنهم بدوا بلا ملامح... واثاراستغرابه انهم يمنعونه بلين... وبلا ادني قسوة.. ولكنه يشعر بان روحه في طريقها لمفارقة جسده من شده الظمأ !

صحا من نومه فزعًا... وجد نفسه على فراشه .. وحالته التي كان عليها في مشاهدته لم تفارقه.. جسده كله ينتفض... وانفاسه تتلاحق... وعرقه ينساب على وجهه وقد استوعب انه عاد من صحراء خوفه الي غرفته عندما رأي بقعة ضوء تأتيه من الخارج من خلال نافذة زجاجية أعلى باب الغرفة.. نادي على أبيه عدة مرات بصوت عال كأنه يستنجد به.. 

دخلت اخته الغرفة واضاءت نورها تحمل كوبا من الماء... 

وسالته.. مالك؟
اختطف كوب الماء من يدها ورد بكلمات مبهمة... هدأت نفسه قليلا.. غادر الغرفة الي الخارج.. ليجد وجوها واجمة.... ثم فتح باب غرفة والديه لتخرج منه زوجة عمه باكية... زائغة العينين...
علا صوت السيدات بالبكاء... فنظر لهم الوالد نظرة لم يدرك حينها هل هي نظرة لوم... أم تحذير.. متناولا أحد المصاحف من مكتبته وهو يحاول مقاومة دموع على وشك الانسياب .. مرددا آيات من القرآن... وزاغت عيون الحاضرين بين واجم وباك.

مع مرور السنوات... التي تقترب من الثلاثين... تنساب هذه الذكري من راسه كانها كانت بالامس كلما سمع ان احدهم على مشارف الموت..متسائلا... هل كان ما عاشه كابوسا بالفعل.. أم كانت مشاهدات لطفل ... استحضارا للحظات يعيشها اخر.. لا يفصل بينهما سوي حائط!؟