فرنسا تشتعل بسبب أزمة «العباءة» في مدارسها.. وماكرون «يتلاعب بالمسلمين»

ذات مصر

تظهر بين الفينة والفينة الدعوات الرسمية الفرنسية لحظر ارتداء الحجاب والزي الإسلامي في المدارس الفرنسية، باعتباره رمزًا للديانة الإسلامية، حتى صدق مجلس الدولة في فرنسا في 7 سبتمبر الجاري، على قرار منع ارتداء العباءة في المدارس باعتباره يندرج ضمن منطق تأكيد الانتماء الديني.

وبدأ العمل بقرار المنع والحظر تزامنا مع انطلاق العام الدراسي 2023-2024، في الرابع من سبتمبر الجاري، لكن عشرات الطالبات المحجبات رفضن التخلي عن العباءة، مما حُرمن من الدخول إلى مدارسهن تطبيقا للحظر.

وأثار الحظر ردود فعل عنيفة ضد الحكومة التي تعرضت لانتقادات خلال السنوات الأخيرة لاستهداف المسلمين بتصريحات وسياسات معينة، بما في ذلك مداهمات المساجد والمؤسسات الخيرية، وقانون مناهضة الانفصالية الذي يفرض قيودا واسعة على المجتمع.

وتسلك فرنسا طريق الفصل بين الدين والدولة مع قانون العلمانية عام 1905، وحظرت ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة سنة 1989، قبل أن تمنع عام 2010 الملابس التي تغطي الوجه بالكامل، مثل البرقع والنقاب، في الأماكن العامة.

أصداء القرار

لاقى القرار أصداء واسعة وانتقادات عنيفة للحكومة الفرنسية، أعرب نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، عبد الله ذكري، عن استغرابه لقرار حظر ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية، الذي أعلن عنه وزير التربية الفرنسي جابرييل أتال، نهاية أغسطس الماضي، كما أثار القرار ردود فعل عديدة حيث استنكرت شخصيات من اليسار الفرنسي الخطوة، ورأتها حربًا عبثية على الإسلام.

ودعا ذكري وزارة التربية الفرنسية إلى إصدار بيان يوضح الأسباب التي دفعتها لقرار حظر العباءة في المدارس، نافيًا أن يكون هذا الزي رمزًا دينيًا.

وقال إن العباءة شكل من أشكال "الموضة" وليست لباسًا دينيًا، معربًا عن أمله في أن يكون وزير التربية الفرنسي قد استشار المرجعيات الدينية، قبل اتخاذ قرار بحظرها.

قرار غير دستوري

وأعرب زعيم حزب "فرنسا الأبية" المحسوب على أقصى اليسار، جان لوك ميلنشون، عن أسفه لكون بداية العام الدراسي قد شوّش عليها "الاستقطاب السياسي بسبب حرب دينية عبثية جديدة".

وقال ميلنشون في منشور على حسابه بموقع "إكس"، إنه من المحزن أن نرى الاستقطاب السياسي يلقي بظلاله على العودة إلى المدارس، من خلال حرب دينية جديدة سخيفة ومفتعلة بالكامل على عادة نسوية"، متسائلا: "متى سيغضب السلام المدني والعلمانية الحقيقية التي توحد بدلًا من إثارة السخط"؟

من جهتها، سخرت رئيسة الكتلة اليسارية في البرلمان ماتيلد بانوت، من قرار حظر العباءة وتساءلت، "إلى أي مدى ستذهب شرطة الملابس"؟، معربة عن غضبها من القرار "غير الدستوري، ويتعارض مع المبادئ التأسيسية للعلمانية"، وينمّ عن هوس برفض المسلمين.

حل ماكرون الجديد

ووسط احتدام الجدل حول حظر ارتداء العباءة في المدارس لطابعها الديني، فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الباب أمام تجربة الزي الموحد في بعض المدارس العامة.

وفي مقابلة على قناة "هوجو ديكريبت"، قال ماكرون إنه يفضل "تجربة الزي الموحد من أجل إثراء النقاش العام"، مشيرا إلى أن "هناك خيارا تجريبيا آخر يمكن أن يتمثل في أن يرتدي الأطفال ملابس مماثلة، مثل سروال من الجينز وقميص وسترة".

أضاف: "يمكن بالتأكيد أن يكون لدينا أشياء أكثر قبولا لدى المراهقين. زي مماثل، ولكن ليس زيا موحدا قد يبدو، من وجهة نظري، أكثر قبولا وأقل صرامة قليلا من وجهة النظر التأديبية".

وأكد ماكرون أن السلطات ستكون "شرسة" في تطبيق القاعدة الجديدة بشأن الجلباب الطويل في المدارس العامة، والتي ينظر إليها على أنها تحدي للقيم العلمانية في فرنسا.

وقال "المدرسة علمانية وهذا يعني أنه لا يوجد مجال للرموز الدينية. يجب أن نتحدث، يجب أن نشرح (الإجراء)، لكنني أعتقد أن هذا مهم للغاية لأن المدرسة يجب أن تظل مكانا محايدا".

وأثارت قانون الحظر انتقادات في جميع أنحاء البلاد، حيث جادل البعض بأن الملابس الفضفاضة التي تغطي الجسم لا تشكل استعراضا متفاخرا للدين ولا ينبغي حظرها في الفصول الدراسية.