حربا الأفيون بين بريطانيا والصين.. كيف نشرت النبتة السحرية المسيحية في بكين؟

ذات مصر

يحمل التاريخ البشري أمثلة عديد على الحروب التي اندلعت بين إمبراطوريات أو دول عديدة بسبب أشياء غريبة وقد يراها البعض غير مهمة في عصرنا الحالي، وفي بعض الأحيان، أثارت أسباب تافهة غضب بلدان بأكملها، مما أدى إلى اندلاع حروب عبثية تسفر عن مأساة الأبرياء.

الأفيون ذلك النبتة المثيرة التي لها فعل سحري على جسم الإنسان، حركت جيوش وأساطيل وراح ضحيتها آلاف الأبرياء، ولعلّ أبرز حرب جرت بين دولتين بسبب الأفيون، كانت بين بريطانيا والصين.

الصين وإدمان الأفيون

ففي نهاية القرن الثامن عشر طلب الملك "جورج الثالث" من الامبراطور الصيني "تشيان لونغ" توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، ليقول الأخير، إن بلاده لديها ما تحتاجه من السلع وليست بحاجة لاستيراد سلع من الخارج، لكن في المقابل كانت بريطانيا تستورد الكثير من منتجاتها من الصين كالحرير والشاي والبورسلين وتدفع قيمتهم بالفضة مما أدى إلى استنزاف مواردها، فدفعت بريطانيا إحدى شركاتها "شركة الهند الشرقية " إلى زراعة الأفيون وتصديره الى الصين لسد قيمة وارداتها.

وبالفعل، استقبلت الصين عام 1781م أول شحنة من الافيون، وازدهرت تجارة النبتة السحرية في الصين وأدمنها الشعب الصيني، وأدى ذلك إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وسريعًا بدأت الصين تدفع قيمة الأفيون.

لاحظ الإمبراطور الصيني يونغ تشنغ تعلق الصينيين بالأفيون، وأصدر أول مرسوم بتحريم استيراد الأفيون عام 1828م لم تكترث شركة الهند الشرقية بالمرسوم وعملت على تهريب الأفيون إلى الصين.

يعود تأثير الأفيون على الجسم إلى قدرته على التأثير على نظام الأعصاب المركزي، فيؤدي إلى تخفيف الألم وتحفيز الشعور بالراحة والهدوء، كما يساهم في إفراز الدوبامين، المادة المسؤولة عن الشعور بالمتعة والسعادة.

أصبحت حركه تهريب الأفيون في تزايد بشكل تدريجيًا في عام 1829 قاموا بتهريب 200 صندوق وفي خلال 63 عام زاد عدد الصناديق حتى وصل إلى 4000 صندوق وأصبح عدد المدمنين 50 مليون شخص وأصبحوا الصينيين يتخلون عن ممتلكاتهم في مقابل شراء الأفيون والذي يدمر المجتمع الصيني لذلك أصدر الإمبراطور قرارًا نص على منع  استيراد الأفيون إلى الإمبراطورية الصينية وقام بحرق ألف طن من الأفيون باحتفالية كبيرة.

حرب الأفيون الأولى

شنت بريطانيا الحرب على الصين 1840م وكانت في ذلك الوقت في قمة قوتها العسكرية واعلنوا الحرب لفتح باب لإعادة تجارة الافيون مرة أخرى، وأرسلت بريطانيا سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها على فتح أبوابها للتجارة بالقوة وهاجمت الموانئ الصينية.

استمرت الحرب عامين وانتهت باحتلال البريطانيين مدينة «دينغ هاي» واقترب الأسطول من البوابة البحرية لبكين مما ادي  الي تفاوض الامبراطور الصيني مع بريطانيا وتوقيع  اتفاقية «نان جنج» 1842م ولم تحقق المعاهدة ارتفاع حجم التجارة مع الصين، وظل أيضًا استيراد الأفيون محظورًا ورفض التعامل المباشر معاهم.

حرب الأفيون الثانية

كانت الصين في الحرب الثانية حاضرة أيضًا، إذ تحالفت فرنسا مع بريطانيا وقررا استخدام القوة ضد الصين مرة أخرى، وفي ذلك الوقت أرسلا سفينة إلى جوانج شو  تحمل العلم البريطاني فقامت السلطات الصينية بتفتيش السفينة واعتقال بحاريها وإنزال العلم وقتل مبشر فرنسي.

استغلت الواقعة، واندلعت حرب أخرى على الصين  استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية عبور ميناء جوانج شو والاتجاه نحو ميناء تيان بالقرب من بكين فجعل ذلك الامبراطور يقبل بتوقيع اتفاقية تين جيان 1858م بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتي نصت على:- 

مكاسب حرب الأفيون

الحرب التي اشتعلت بسبب التجارة كان الأفيون العنصر الأهم في نتائجها، وفي عام 1860 استخدمت فرنسا وبريطانيا القوة مره أخري نظرًا لأن الاتفاقية لم يتم التصديق عليها في خلال عام بسبب تأخر الصين.

حينها  استخدمت بريطانيا برفقة فرنسا القوة لدخول تيان جن وبكين، وبالفعل جرت السيطرة على  في أكتوبر وتوجهوا إلى القصر الصيفي للإمبراطور والذي يعد من أعظم القصور ويحتوي على أثار تاريخية عظيمه فظلوا 4 أيام ينهبوا فيه ثم أشعلوا النار فيه حتى اضطر الإمبراطور لتوقيع الاتفاقية.

ومنحت الاتفاقية امتيازات كثيرة لهم أهمها فتح جميع الموانئ أمام تجارة كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة والتعامل المباشر مع البلاط الامبراطوري والإقامة لرعاياهم في بكين والتنازل علي كولون وانتهت الحروب 1911 باتفاقية 8 مايو.