فراج إسماعيل يكتب: خفة نتنياهو

ذات مصر

أمس طالب نتنياهو مقاتلي «حماس» بأن يستسلموا. قال بخفة متناهية: «انتهى الأمر. لا تموتوا من أجل السنوار».

تشخيص هذه الخفة التي لا تتناسب مع المصيدة التي نصبتها «حماس» لجيشه المهزوم في غزة، أنه فقد عقله ويجب الإسراع بعزله حتى لا يجهز بغبائه السياسي والعسكري على من تبقى من جنوده وضباطه.

نحن نشاهد حرباً يوتيوبية وتكتوكية توثق تلك الهزيمة، وهذا تفوق توثيقي للمقاومة جعل الإعلام والرأي العام الإسرائيليين يكتشفان كذب نتنياهو وجنرالاته وحكومته اليمينية المتطرفة المتعطشة للدماء.

الصحافة الإسرائيلية لا تصدق بيانات الجيش. «يديعوت أحرونوت» كشفت أن عدد الجرحى 5000 والمصابين بإعاقة 2000 و6% أصيبوا بأمراض نفسية، مثل الجندي الذي رفض البقاء في غزة وانتحر خوفًا من أشباح «القسام»!

في اليوم التالي وأمام ذلك الحرج، قدم الجيش أرقامًا أقل لعدد المصابين، لكن «هآرتس» علقت بأن هناك فجوة كبيرة بين الأرقام التي تعلنها المستشفيات لأعداد الجرحى الذين استقبلتهم، وهو يقترب من رقم «يديعوت أحرونوت»، وبين رقم الجيش.

مؤكد أن الحقائق موجودة أمام نتنياهو، وأن مخاطبته بذلك الأسلوب السخيف لمقاتلين يدافعون عن أرضهم وليس عن السنوار، توضح حالته النفسية المحبطة جداً، ولا أستبعد أن يحاول هو الآخر الانتحار، خصوصاً أن الملثم «أبو عبيدة» ظهر له أمس الأحد، بعد طول غياب، فقد ظن نتنياهو أنه استشهد في المعارك المحتدمة في غزة.

لا أظن أن الجنرالات يخفون عنه الحقائق. على الأقل يشاهد مقاطع الفيديو التي تنشرها «حماس»، ويتلقى تقارير بأعداد قتلاه الحقيقية التي تجاوزت الآلاف.

نتنياهو جندي قوات خاصة سابق، لكنه كان فاشلاً جباناً كما هو حالياً على مقعده السياسي رئيساً للحكومة، ومقعده العسكري رئيساً لـ«كابينت» الحرب.

فيديو معارك خان يونس يظهر جنوده كالعصافير يسهل اصطيادها، ويظهر مقاتلي المقاومة في نزهة صيد.

يتحدثون مع بعضهم خلال استهدافهم جنود وآليات العدو الصهيوني، كأنهم في حفلة شاي، ويهتفون بأريحية خلال إصابة الهدف التي تتم بدقة عالية للغاية «الله أكبر ولله الحمد».

يحدث هذا رغم فارق التسليح ونوعيته، ورغم إغراق واشنطن الكيان بأحدث ما أنتجته مصانعها من أسلحة وقذائف الدمار الشامل، فقد بلغ ما ألقته إسرائيل على غزة أضعاف قنبلة هيروشيما من آلاف أطنان القنابل التي جاءتهم من مستودعات الجيش الأمريكي بعد 7 أكتوبر.

الجنون لم يصب نتنياهو فقط، بل أصاب الإدارة الأمريكية التي أحرجها رفض الكونجرس الموافقة على الإمدادات العسكرية الإضافية، فاستخدمت قانوناً يتيح لها ذلك خارج الكونجرس في حالة الطوارئ. حالة الطوارئ معناها أن إسرائيل تواجه انهياراً عسكرياً كاملاً ولا بد من إنقاذها سريعاً.
تحول إلى أضحوكة وتندر في الشارع الإسرائيلي وقنواته التليفزيونية بسبب الأخطاء التي كشفت فبركة فيديوهات انتصارات وهمية لقواته مما أضطر الجيش لسحبها وإعادة إخراجها!

كما تعامل الشعب الفلسطيني بسخرية مع الفيديو الذي قدم أساتذة جامعات وصحفيين اعتقلوهم من مخيمات النازحين، بأنهم مقاتلو «حماس» الذين استسلموا لهم!

تناولت القنوات الأمريكية ومنها «سي إن إن» هذا الفيديو بكثير من الدهشة والاستغراب، فاستجداء انتصار لا يتم بذلك الترخص الطفولي.

بسبب ذلك تغيرت لهجة بلينكن واستخدم أمس لأول مرة مصطلح «عقب انتهاء العمليات العسكرية» بدلا مما دأب عليه هو وإدارته عقب هجوم إسرائيل الجوي وتوغلها البري، وهو مصطلح «اليوم التالي للقضاء على حماس».

خفة نتنياهو الحالية لا علاج لها. هي أشبه بالعاهة المستديمة التي أفقدته عقله ورجولته واتزانه وقدرته على الحكم. 

لا أظن أنهم في تل أبيب سيصبرون عليه كثيراً.

إنهم يدركون أنه فاسد ومتهم هو وزوجته في قضايا فساد مالي ورشى.. ومثله لا يمكن أن يربح سباقاً للديوك!