قوة بحرية في البحر الأحمر.. تحركات واشنطن لردع الحوثيين

ذات مصر

أثناء زيارته لإسرائيل، أمس الاثنين، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إنشاء قوة عمل بحرية، مشددًا على أن عدد هجمات الحوثيين المتصاعدة على السفن التجارية في البحر الأحمر تمثّل مشكلة دولية وتتطلب حلًا دوليًا.

ووصف أوستن هجمات الحوثيين بأنها خطيرة ومتهورة، قائلًا إنها "تنتهك القانون الدولي، ولذا فإننا نتخذ إجراءات لبناء تحالف دولي لمواجهة هذا التهديد".

ونفّذت جماعة الحوثي في اليمن نحو 12 هجومًا على الشحن التجاري جنوب البحر الأحمر، لا سيما الشركات التي تعتقد الجماعة أنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك ردًا على العدوان على قطاع غزة بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر الماضي.

وفي المقابل، اتخذت بضع شركات الشحن الدولية إجراءات احترازية، وقررت منع سفنها من دخول مضيق باب المندب الذي يفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن، فعلّقت 5 من أكبر شركات الشحن والحاويات في العالم، حيث تمثل 53% من تجارة الحاويات العالمية، عملياتها في البحر الأحمر، مما أثار قلقًا وصدمة كبيرة للاقتصاد العالمي.

تحالف دولي

وفي محاولة لردع الهجمات المستمرة، كشفت واشنطن عن نيتها تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، وقال وزير الدفاع الأمريكي، إن القوة البحرية ستتشكل من بريطانيا، وفرنسا، وكندا، وإيطاليا، والبحرين، وهولندا، والنرويج، وسيشل، وإسبانيا.

وجاء إعلان البنتاجون، بإنشاء فرقة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية من الهجمات الصاروخية للحوثيين والمسيّرات في البحر الأحمر وخليج عدن، التي ازدادت بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مفاجأة للمراقبين الأمريكيين، وفق ما ذكره محللون لشبكة "الجزيرة" الإخبارية.

وذكر مسؤولون، أن فرقة العمل ستعرف باسم "عملية حماية الرخاء"، وستسهم الدول المتحالفة بالسفن والموارد الأخرى.

من جهة أخرى، أشار نائب رئيس معهد "كوينسي للسياسات"، والمحاضر بجامعة جورج تاون في واشنطن، تريتا بارسي، إلى أن الدول المطلة على البحر الأحمر لم توافق على الانضمام إلى التحالف الأمريكي لحمايته.

وأضاف في منشور على منصة إكس: "انضمت دولة عربية واحدة فقط، وهي البحرين.. ماذا يخبرنا ذلك عن جاذبية دبلوماسية الرئيس جو بايدن؟ كيف كان سيبدو التحالف لو أيّد بايدن وقف إطلاق النار في غزة؟".

وبدا واضحًا غياب أي من الدول المطلة على البحر الأحمر؛ وهي: “المملكة العربية السعودية، ومصر، والسودان، وجيبوتي، وإريتريا، وإسرائيل”.

وفي ديسمبر الماضي، تولّت البحرية المصرية قيادة فرقة بحرية جديدة شكّلها الأسطول الخامس الأمريكي تحت اسم "قوة المهام 153" وتأسست في 2019 من 34 دولة لحماية الشحن البحري من هجمات إيران.

وتقود مصر دوريات في البحر الأحمر قبالة ساحل اليمن لتعزيز نشاطات المراقبة وحظر نقل الأسلحة والمخدرات، حيث أصبحت القاهرة، وفق خطط البنتاجون، في وضع جيد للمشاركة في جهد جماعي بقيادة أمريكية ضد إيران وحلفائها.

الطريق المهم

والبحر الأحمر هو أحد أهم الطرق في العالم لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال، وكذلك للسلع الاستهلاكية.

وقررت شركة النفط العملاقة، بريتيش بيروليم "بي بي"، وقف جميع عمليات شحن النفط عبر البحر الأحمر بعد الهجمات الأخيرة على السفن من قبل الحوثيين، وألقت الشركة باللوم على "الوضع الأمني المتدهور"، كما علّقت العديد من شركات الشحن رحلاتها مع استمرار الهجمات.

وأمس الاثنين، أعلنت شركة إيفرجرين لاين، وهي إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، أنها لن تنقل بعد الآن شحنات إسرائيلية عبر البحر الأحمر. وبيّنت: "من أجل سلامة السفن والأطقم العاملة عليها، قررنا التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأوعزنا لسفن الحاويات التابعة لنا بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر".

وسيتعين على السفن الآن، بدلا من استخدام مضيق باب المندب، أن تسلك طريقا أطول للتنقل حول جنوب أفريقيا، ما يضيف نحو 10 أيام إلى الرحلة ويكلف ملايين الدولارات، وسط ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي بشكل حاد.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 30% من تجارة الحاويات العالمية تمر عبر قناة السويس.

من جهتها، أصدرت القيادة الوسطى الأمريكية "CENTCOM"، التي يمتد نطاقها الجغرافي من باكستان شرقا إلى مصر غربا، بيانا نشر على منصة "إكس"، أكدت فيه وقوع هجمات، أمس على سفن بالبحر الأحمر.

وجاء في بيان لها، أنه "في 18 ديسمبر، حوالي الساعة التاسعة صباحا (بتوقيت صنعاء)، وقع هجومان مسلحان حوثيان على الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر. وتعرضت السفينة الكيميائية ناقلة النفط صوان أطلانتيك SWAN ATLANTIC لهجوم بطائرة دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وصاروخ باليستي مضاد للسفن أُطلق من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن".

وقالت إن جزر كايمان التي ترفع علم صوان أطلانتيك أبلغت عن تأثر السفينة وطلبت المساعدة، واستجابت لها أقرب سفينة حربية أمريكية، لتقييم الأضرار.

وتابع بيان القيادة الوسطى: "وفي الوقت نفسه تقريبا، أبلغت سفينة البضائع "م ف كلارا " عن انفجار قرب موقعها. وهذا الهجوم منفصل عن الهجوم على صوان أطلنتيك. ولم يكن هناك طلب دعم أو تقرير عن الأضرار. ولم يبلغ عن وقوع إصابات خلال أي من الحادثين".

بدائل بايدن

وتحدث موقع بوليتيكو الإخباري عن بدائل تبحثها إدارة بايدن للرد على الحوثيين بعد هجماتهم على سفن بالبحر الأحمر. ونقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن "إدارة بايدن بعثت مؤخرا برسائل إلى الحوثيين في اليمن عبر قنوات عدة تحذّرهم فيها من عواقب عدم وقف هجماتهم على السفن وضد إسرائيل".

استهداف السفن

وفي أعقاب الـ7 من أكتوبر وبدء العدوان الإسرائيلي على غزة، أعلن الحوثيون دعمهم المقاومة الفلسطينية بكل السبل المتاحة، حيث أطلقت صواريخ عدة متوسطة المدى، أُسقطت قبل أن تصيب أهدافها في إسرائيل.

كما هدّد الحوثيون، في 9 ديسمبر الحالي، باستهداف جميع السفن المتجهة إلى تل أبيب، بغض الطرف عن جنسيتها، وحذّروا جميع شركات الشحن الدولية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.

وفي 4 ديسمبر الجاري، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إن محادثات تجرى مع دول أخرى حول فرقة عمل بحرية تضم سفنا من الدول الشريكة، إلى جانب الولايات المتحدة لضمان المرور الآمن في البحر الأحمر، فيما دعا بعض أعضاء الكونجرس إدارة بايدن إلى إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية.

واتهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مايكل ماكول، الإدارة الأمريكية الحالية، بتشجيع الحوثيين، وتمكينهم من تطوير أسلحة متقدمة، وتعميق العلاقات مع إيران، وترسيخ سيطرتهم على ملايين اليمنيين الأبرياء، وفق تعبيره.

وقال ماكول: "من الواضح أن الحوثيين يشكلون تهديدا لليمن، ولشركائنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وللجنود والمواطنين الأمريكيين في المنطقة، ولحرية الملاحة والتجارة العالمية. يجب أن ننهي سياسة الاسترضاء هذه وأن نكون جادّين في الرد الفعلي على تهديد الحوثيين، من خلال تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية، بدلا من تمكينهم".

وخلال الأسابيع الماضية، فرضت واشنطن عقوبات جديدة على الشخصيات التي تدعم الحوثيين ماليا، وألقى البيت الأبيض باللوم على إيران لتزويدهم بالأسلحة وتدريبهم على استخدامها.

ويرجح المسؤولون الأمريكيون أن هناك تنسيق تكتيكي بين الحوثيين وطهران، قد يصل إلى الاتفاق على الاستراتيجية، مشيرين إلى أن هذه اتهامات ليست بعيدة عن إيران.

وفي الشأن ذاته، رأى محللون وسياسيون أن مهاجمة السفن بالبحر الأحمر، ترفع من تكلفة الصراع في غزة على المجتمع الدولي.