إيران والهجمات الأخيرة.. "حجة كاذبة" تشعل النار في سوريا والعراق وباكستان

ذات مصر

خلال 24 ساعة فقط، وجَّهت إيران صواريخ تجاه سوريا والعراق وباكستان، وقصفت أهدافًا، قالت إنها تابعة للموساد وعلى علاقة بدولة الاحتلال الإسرائيلي.

وتوالت الضربات الإيرانية من مساء يوم الإثنين وخلال نهار الثلاثاء، على مدينة إدلب في سوريا، وأربيل في كردستان العراق، وأخيرًا، قصفت طهران مقرًا لجماعة "جيش العدل" في باكستان.

الضربات الثلاث

في سوريا، أطلقت طهران، في وقت متأخر من ليل الاثنين الماضي، 4 صواريخ "خيبر شكن" تجاه ما قال الحرس الثوري الإيراني في بيان، إنها "مجموعة تكفيرية" في مدينة إدلب، موضحًا أنها مسؤولة عن التخطيط لهجوم كرمان الذي وقع في جنوب البلاد، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنهما، وفق الإعلام الرسمي الإيراني.

كما استهدفت صواريخ إيرانية مواقع "تحرير الشام" و"الحزب التركستاني" في إدلب السورية، وفق ما نقلته وكالة "تسنيم" للأنباء.

أما في العراق، فأعلنت إيران إطلاق 11 صاروخًا تجاه ما قالت، في بيان نشرته وكالة "إرنا" الإيرانية، إنه "المقر الصهيوني" في إقليم كردستان العراق، في إشارة إلى جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد".

وأوضح الحرس الثوري في بيان، أنه دمّر أحد المقرات التجسسية الرئيسية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) في إقليم كردستان العراق، مضيفًا، بحسب البيان، أن القصف دمر "تجمعا للمجموعات الإرهابية المعادية لإيران في أجزاء من المنطقة باستخدام صواريخ باليستية".

وعقب ضرباتها في سوريا والعراق، قصفت إيران بالصواريخ والمسيّرات مقرين لجماعة مسلحة في باكستان، تقول طهران إنها تأتي في إطار "محاسبة من تعرضوا لأمنها القومي"، وفقًا لوسائل إعلام إيرانية رسمية.

وأسفر القصف عن تدمير مقرين رئيسيين لـ"جيش العدل" في إقليم بلوشستان جنوبي غربي باكستان، وفقا للإعلام الرسمي الإيراني.

ونُسب إلى "جيش العدل" تنفيذ هجوم مسلح، منتصف الشهر الماضي، على مقر للشرطة الإيرانية بمدينة راسك في محافظة سيستان وبلوشستان جنوبي شرقي إيران، أدى لمقتل 11 شرطيا وإصابة آخرين.

ردود وتبريرات

وتبرر إيران هجماتها، فتقول إن الضربات الصاروخية نحو إدلب جاءت "ردا على جرائم الجماعات الإرهابية"، التي نفّذت تفجيرات كرمان داخل إيران، وذلك بعد تحديد أماكنها والمسؤولين عن التفجيرات.

وقتل أكثر من 100 شخص وجرح العشرات في انفجار مزدوج بمدينة كرمان في الثالث من يناير الحالي، وقع قرب قبر القائد السابق بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أثناء تجمع الحشود لإحياء الذكرى السنوية الرابعة لاغتياله بضربة أميركية.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الانفجار، في وقت توعدت فيه طهران بالانتقام من منفذي الهجوم، الذي وصف بأنه الأكثر دموية في البلاد منذ الثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام الملكي عام 1979.

تحركات عدوانية

وبحسب بيانات الحرس الثوري الإيراني، فإن الضربات نحو كردستان العراق، جاءت ردا على ما قال إنها تحرّكات إسرائيلية "عدوانية" أدت لمقتل قادة في الحرس الثوري وجماعات مرتبطة به.

وفي مواجهة ذلك، استدعت بغداد سفيرها لدى طهران بهدف "التشاور"، كما استدعت القائم بالأعمال الإيراني، وسلّمته مذكرة احتجاج على ما وصفته بـ"العدوان" على أربيل، و"انتهاك لسيادة العراق".

بالمقابل، نفى مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بعد وصوله إلى أربيل لتفقّد الموقع الذي استهدفته طهران، ما ردّدته الأخيرة عن أن الموقع يضم مقرا للموساد.

"لن تمر دون رد"

وعلَّق رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور البرزاني، خلال مؤتمر صحفي بدافوس، حيث يحضر فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بقوله: "لا سبب يدعو لشن هذه الهجمات، وهي لن تمر دون رد".

وأدت الهجمات على أربيل لمقتل 4 أشخاص على الأقل، بينهم بشرو دزيي، وهو رجل أعمال بارز يمتلك شركات للعقارات والخدمات الأمنية، وأفراد من عائلته.

وفي سياق متصل، قالت الحكومة الباكستانية إن ضربة إيرانية على أهداف داخل باكستان أسفرت عن مقتل "طفلين بريئين" وإصابة 3 آخرين، مشيرة إلى أن الهجوم يعد "انتهاكا غير مبرر" للمجال الجوي للبلاد.

واستدعت باكستان، اليوم الأربعاء، سفيرها لدى طهران، وطلبت عدم عودة سفير الأخيرة لديها، احتجاجا على غارات جوية إيرانية الاثنين استهدفت إقليم بلوشستان جنوب غربي البلاد.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ممتاز زهرة بالوش في مؤتمر صحفي، إن "الانتهاك الصارخ وغير المبرر لسيادة باكستان الليلة الماضية من قبل إيران هو انتهاك للقانون الدولي ومقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

إظهار القوة

ورغم اتهام طهران لواشنطن بأنها مسؤولة عن الصراعات القائمة بالمنطقة، إلا أنها لم تستهدف مواقع تتبع الولايات المتحدة، حيث رأى محللون أن ردود طهران على واشنطن دائمًا ما تكون مدروسة ولا تتسبب بخسائر بشرية لواشنطن، وهذا ما يفسر استهدافها لأربيل بحسب رأيهم.

وفي المقابل، رأى البعض أن القصف الإيراني على أربيل وإدلب، هو لإخفاء وتغطية خسائرها، وإظهار القوة أمام حلفائها وأنصارها لاسيما في سياق الردع بينها وبين واشنطن وتل أبيب.

وقال رئيس حزب سربستي كردستان، المعارض لنظام الحكم الإيراني، عارف باوە جاني، إن زعم طهران أنها استهدفت مقرا للموساد في أربيل هو "حجة كاذبة".

وأوضح عارف، في تصريحات متلفزة، أن الأسباب الحقيقية تتمثل في "تدمير نموذج إقليم كردستان؛ حتى لا يمتد تأثيره لعمل نموذج كردي مماثل (حكم ذاتي) في منطقة كردستان الشرقية بإيران".

وأضاف أن إيران ترى في كردستان العراق عدوا قائما، وموقعا محتملا لأن تستخدم واشنطن أراضيه حال توجيهها ضربة لإيران.

وأشار إلى وجود فصائل كردية إيرانية مسلحة في كردستان العراق، مما يهدد أمن إيران.

ولطالما سعت الحكومة العراقية لمنع، هجمات طهران للعراق بحجة وجود هذه الفصائل، ووقّعت اتفاقية مع طهران لتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية في كردستان وإبعادها عن الحدود مع إيران، مقابل وقف العمليات العسكرية الإيرانية.