مع دخول الحرب عامها الثاني.. هل تتلقى روسيا «الصفعة» في أوكرانيا؟

الرئيس الروسي بوتين
الرئيس الروسي بوتين

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، يوم الجمعة المقبل، تبدو الصورة مختلفة تماماً عن الأسابيع الأولى من الحرب، عندما تدفقت مئات الدبابات الروسية عبر الحدود، وحاولت القوات المحمولة جواً الاستيلاء على مطار هوستوميل خارج كييف كما حدث، كنقطة انطلاق للسيطرة على العاصمة كييف. فماذا حدث؟ وماذا سيحدث؟

هل تشن روسيا بالفعل هجوماً جديداً؟

هناك تقييمات متناقضة بشأن قدرة روسيا على شن هجوم جديد مهم، على الرغم من أن كبار المسؤولين الأوكرانيين حذروا مراراً وتكراراً منذ ما قبل عيد الميلاد، من أن روسيا تخطط لبذل جهد جديد كبير هذا العام، إلا أن الأدلة على الاستعدادات لدفع مماثل لما حدث في فبراير 2022، ينطوي على هجوم مدرع واسع النطاق، لا يزال ضعيفاً.

المزاعم الأخيرة التي تم الحصول عليها من مسؤولي «الناتو»، بأن روسيا كانت تحشد الطائرات، تم استبعادها إلى حد كبير من قبل وزارة الدفاع البريطانية، وبينما زادت روسيا أعداد المشاة بشكل كبير، تُشير بعض التقديرات إلى وجود أكثر من 300 ألف جندي في أوكرانيا، ولا يوجد دليل على حشد مئات الدبابات في منطقة تخضع للمراقبة الشديدة بواسطة أقمار التجسس الصناعية.

وأشار الأمين العام لحلف «الناتو»، ينس ستولتنبرج، إلى زيادة الجهود الروسية في الشرق كدليل على بدء «هجوم جديد»؛ لكن آخرين يرونه استمراراً للجهود المستمرة منذ شهور. كان القصف الروسي أقل حدة مما كان عليه في الصيف حول Sievierodonetsk، عندما كانت موسكو تنفق 60 ألف قذيفة في اليوم.

وعلى الرغم من التعبئة في العام الماضي، يعتقد محللون مثل فيليبس أوبراين من جامعة «سانت أندروز»، أن القدرات الروسية تدهورت بسبب الحرب، وأن أولئك الذين يتوقعون إعادة الحرب الأولى العام الماضي مخطئون.

ويقول أوبراين: «ما حدث منذ 24 فبراير هو أن أوكرانيا أصبحت أقوى واكتسبت أنظمة أفضل، وهي على وشك الحصول على المزيد، ولقد بدأ الروس يضعفون، ولديهم عدد أكبر من الجنود ولكن معداتهم أسوأ، وجنودهم أقل تدريباً مما كانوا عليه، وإمدادات الذخيرة الخاصة بهم آخذة في الانخفاض»، وفقاً لصحيفة «الجارديان».

ويضيف أوبراين أن هناك القليل من الأدلة على أن روسيا أكثر قدرة على القيام بعمليات أسلحة مشتركة معقدة، ودمج القوة الجوية والدروع وعناصر أخرى، مما كانت عليه قبل عام.

ماذا يحدث في الشرق؟

تتمثل إحدى وجهات النظر للقتال في الشرق، الجزء الأكثر سخونة في الصراع، في أن الجهود الروسية المتزايدة حول مدينة باخموت ترقى إلى ما يسمى بعمليات التشكيل للهجوم المستقبلي، ربما في الربيع.

والسبب الآخر هو أن روسيا تخشى هجوماً أوكرانياً جديداً كبيراً وزادت من وتيرة الهجمات - بتكلفة عالية - لضغط القوات الأوكرانية، بينما يرى آخرون أن روسيا تريد الاستيلاء على باخموت قبل ذكرى 24 فبراير لأغراض دعائية.

وربما هناك القليل من الحقيقة في كل هذه الآراء؛ خصوصاً أن أحد التحذيرات هو أن الجهود الروسية لا تركز فقط على باخموت؛ لكن في نقاط على طول الجبهة الشرقية، من الحدود مع منطقة خاركيف إلى الجنوب المحتل، ربما للبحث عن الضعف.

مايكل كوفمان، رئيس الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية، في فيرجينيا، الولايات المتحدة، علق على هذه النقطة على «تويتر» مؤخراً، مؤكداً: «يتكون الهجوم الروسي من نحو 5-6 محاور للهجوم تركز على دونباس، بدلاً من دفع كبير على طول جزء واحد من الجبهة، إنها بدلاً من ذلك سلسلة من المعارك الموزعة التي تمتد من الشمال إلى الجنوب من لوهانسك، إلى باخموت، وجنوب دونيتسك».

وتابع: «وفي هذه المرحلة، لا يبدو أن روسيا قد وظفت احتياطيات، ومن المحتمل أن تستخدم تلك الوحدات لتعويض الضحايا، أو ربما تنتظر اختراقاً لاستغلاله، ومع ذلك لا توجد أدلة كثيرة على وجود قوة روسية إضافية أكبر في الانتظار».

وأكمل: «ما هو واضح هو أن الجهود الروسية الحالية تظهر ضعف القيادة واللوجستيات والتكتيكات التي كانت السمة المميزة لعملياتها خلال العام الماضي، مع خسائر كبيرة مقابل مكاسب إقليمية متواضعة للغاية».

ماذا عن الهجوم الأوكراني؟

منذ الهجمات التي شنتها في الصيف الماضي على مقاطعتي خاركيف وخيرسون، تراجعت وتيرة العمليات الأوكرانية، على الرغم من أن أوكرانيا تواصل محاولة إحراز تقدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو مقابل مدينة خيرسون، كما توقعت موسكو منذ فترة طويلة مزيداً من الجهود الأوكرانية، لا سيما الدفع جنوباً في منطقة زابوريزهزهيا.

ولم تُخفِ القيادة السياسية الأوكرانية طموحاتها في استعادة الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم المحتلة، وقد استهدفت دبلوماسيتها الأخيرة لتأمين الأسلحة الغربية تحقيق ذلك.

ولقد كانت فعّالة بشكل معقول في تضليل روسيا بشأن أهدافها؛ لكن من الواضح أن أوكرانيا تكدس العتاد، بما في ذلك المركبات القتالية، وتدريب القوات لعملياتها المتوقعة، بينما تبحث عن الدبابات لقيادة بعض تلك الهجمات. ومن الجدير بالذكر أنها شنت هجمات فعالة خلال الصيف استعادت مناطق واسعة من دون هذه الدبابات.

من الفائز؟

هناك طرق مختلفة لتقييم هذا، فلا روسيا ولا أوكرانيا على وشك تحقيق أهدافهما الحربية المعلنة، والتي تشمل في حالة أوكرانيا تحرير جميع الأراضي المحتلة.

ومع ذلك، خلال الاثني عشر شهراً الماضية، اضطرت موسكو إلى التراجع مراراً وتكراراً عن طموحاتها المتطرفة، -ليس أقلها عزل الحكومة الأوكرانية وفرض نظام دمية- للتركيز على الاستيلاء على كل دونباس، في الشرق.

بالإضافة إلى أن الخسائر الروسية ضخمة، ويُشير تقدير حديث أجراه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن روسيا فقدت 40-50% من أسطول دباباتها، وكانت الخسائر أيضاً هائلة، مع ادعاءات الأسبوع الماضي بأن روسيا تخسر 2000 جندي مقابل كل 100 متر يتم اكتسابها في الشرق. وفي حين يجب التعامل مع هذه الأرقام بحذر، تُشير الأدلة القصصية إلى أن أوكرانيا لديها معدل استنزاف أقل.

وقال كبير جنرالات أميركا، مارك ميلي، مؤخراً، إن روسيا خسرت بالفعل تكتيكياً واستراتيجياً؛ لكنه أشار إلى أنه من غير المرجح أن يكون أي من الجانبين قريباً من تحقيق أهدافه المعلنة.

ويضيف: «وربما يكون من الآمن القول إن المسار الحالي للصراع يسير بشكل أفضل بالنسبة لأوكرانيا منه بالنسبة لروسيا، وأن استمرار تدفق الأسلحة الجديدة من الغرب سيحافظ على هذا المسار».

لكن أوكرانيا -كما حذر رئيس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، مؤخراً- تعتمد بشكل كبير على الغرب في الحصول على الأسلحة، بما في ذلك ذخيرة المدفعية، مما كشف عن ضعف محتمل في كييف في الشرق؛ حيث هيمنت المدفعية على المعارك.

ومن غير الواضح أيضاً هو مقدار الأسلحة التي تغير قواعد اللعبة، مثل دبابات القتال الرئيسية التي من المحتمل أن تضع نهاية للحرب، أو تسرع في ذلك.

وحتى الآن.. تستمر الحرب.