تحالف أمريكي ياباني فلبيني جديد لمواجهة تكتيكات بكين "الرمادية"

ذات مصر

يستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 11 أبريل المقبل، رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، والرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في قمة ثلاثية تعقد لأول مرة، وتهدف إلى تعزيز التحالف العسكري ومواجهة نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وذكر البيت الأبيض في وقت سابق أن "القمة الأولى بين الولايات المتحدة واليابان والفلبين لن تعزز العلاقات الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية الثلاثية فحسب، بل ستقوي أيضاً تعاونهم في "السلام والأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفي جميع أنحاء العالم".

وعلى عكس المجموعة الرباعية المعروفة باسم "تحالف كواد" Quad التي تضم الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، وعكس الشراكة الأمنية AUKUS التي تضم أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن "الثلاثي الجديد" ليس له اسم أو اختصار معلن.

وقال محللون، إن الدافع وراء انعقاد القمة هو القوة العسكرية المتنامية للصين، خاصة في بحر الصين الجنوبي، حيث أثارت نزاعاتها الإقليمية مع الفلبين مواجهات بحرية، فضلاً عن "المخاوف المشتركة بشأن التوترات في مضيق تايوان".

ويأتي الاجتماع الثلاثي، وسط تكثيف استخدام الصين لخراطيم المياه في بحر الصين الجنوبي، في محاولة لمنع السفن الفلبينية من إعادة إمداد حطام السفينة التي تتمركز عليها مجموعة من مشاة البحرية الفلبينية. تُركت سفينة إنزال الدبابات سييرا مادري، التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، عالقة عمداً منذ عام 1999 للحفاظ على مطالبات الفلبين بالسيادة على جزر سبراتلي.

والأسبوع الماضي، أمر الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، حكومته بتعزيز تنسيقها في مجال الأمن البحري لمواجهة "مجموعة من التحديات الخطيرة" التي تهدد السلامة الإقليمية والسلام، مع تصاعد النزاع مع الصين.

وتزعم الصين أحقّيتها في 90% من بحر الصين الجنوبي، بما يتداخل مع المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من فيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا والفلبين.

واستولت الصين على سكاربورو شول، وهي منطقة صيد غنية في عام 2012. ومنذ ذلك الحين نشرت بكين دوريات تقول مانيلا إنها تعرقل السفن الفلبينية، وتمنع صياديها من الوصول إلى البحيرة حيث تكثر الأسماك، وفق "رويترز".

وتطالب بكين بالسيادة على كامل بحر الصين الجنوبي تقريبا، وهو ممر لأكثر من 3 تريليونات دولار من التجارة السنوية التي تنقلها السفن، وفق "رويترز"، فيما أكدت محكمة التحكيم الدائمة في عام 2016 أن ادعاءات الصين ليس لها أي أساس قانوني.

ووقعت أحدث أعمال العنف في مطلع الأسبوع الماضي، عندما استخدمت الصين خراطيم المياه لعرقلة مهمة إعادة إمداد فلبينية إلى جزر "سكند توماس شول" للجنود، الذين يحرسون سفينة حربية رست عمداً على الشعاب المرجانية قبل 25 عاماً.

وقدمت الفلبين 388 احتجاجاً دبلوماسياً بين عامي 2016 ويونيو 2022 بشأن التصرفات الصينية في بحر الصين الجنوبي. وفي ظل إدارة ماركوس، تم تقديم 147 احتجاجاً حتى 25 مارس، وفق مجلة Nikkei Asia.

وتشمل الشكاوى بناء الجزر، واصطدام السفن الصينية بقوارب الصيد الفلبينية، وعرقلة المناورات، وإطلاق خراطيم المياه التي أدت إلى إصابة أفراد الخدمة الفلبينية.

وفي زيارة ماركوس للصين في يناير 2023، اتفق البلدان على إنشاء آلية اتصال مباشر لقضايا بحر الصين الجنوبي. لكن التوترات لا تزال مشتعلة، إذ تلقي بكين اللوم على مانيلا.

تهديدات وتوترات

وفي مقابلة مع مجلة Nikkei Asia اليابانية، ألمح سفير الفلبين لدى الولايات المتحدة خوسيه مانويل روموالديز إلى الإجراءات التي تدرسها البلاد لمواجهة الوضع. وقال: "أستطيع أن أقول لكم بكل وضوح أن هناك العديد من الخيارات المتاحة لنا - ولا نزال مستعدين لاستخدام أي منها في هذا الوقت".

وقال روموالديز، إن وزارة الدفاع الوطني الفلبينية تواصل التنسيق "ليس فقط مع حلفائنا مثل الولايات المتحدة، بل مع حلفاء آخرين أيضاً".

وأضاف السفير: "المهم هنا هو أننا نعمل مع الحكومة اليابانية لنرى كيف يمكننا العمل معاً". وقال: "نعمل أيضاً مع باقي الأطراف المتداخلة مثل فيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا، لنكون قادرين على إيجاد سبل ووسائل تمكننا من إيجاد وضع عملي يمكننا من خلاله ردع أي توتر إضافي في منطقتنا".

وتسعى الولايات المتحدة إلى الاستفادة من الزخم الذي بنته مع طوكيو ومانيلا في السنوات الأخيرة. وقال إريك سايرز، الزميل غير المقيم في معهد أميركان إنتربرايز: "من الواضح أن اليابان والولايات المتحدة أصبحتا أكثر توافقاً من أي وقت مضى ولهما مصلحة في العمل مع الفلبين". وقال "مانيلا لديها رئيس جديد أكثر ميلاً للعمل مع الولايات المتحدة وبذل المزيد من الجهد للرد على الصين".

وفي العام الماضي، وافقت الفلبين على منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى أربعة مواقع جديدة يمكنها إرسال قوات إليها على أساس التناوب. يضاف هذا إلى القواعد الخمس الموجودة سابقاً.

كما خصصت الولايات المتحدة، أكثر من 109 ملايين دولار لتحسين البنية التحتية في المواقع الخمسة الحالية واثنين من المواقع الجديدة، حسبما صرح الأدميرال البحري جون أكويلينو، قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، للكونجرس في منتصف مارس.

ويشير المحللون، إلى أن منع الصين عبور الزوارق الفلبينية واستخدامها لخراطيم المياه يرقى إلى مستوى تكتيكات "المنطقة الرمادية"، التي تقع تحت عتبة تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والفلبين لعام 1951.

وتنص المعاهدة على أن أي هجوم مسلح في منطقة المحيط الهادئ على أي من الطرفين من شأنه أن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة المخاطر المشتركة. وتشمل هذه الهجمات على أراضي الجزر الخاضعة لولاية الفلبين، وعلى قواتها المسلحة وسفنها العامة.