أزمة انقطاع الكهرباء| الشعب يغلي.. والحكومة: الدولار أهم من المواطن

ذات مصر

عادت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر للواجهة من جديد، بعد 30 يومًا من اختفائها تنفيذًا لقرار الحكومة بوقف خطة تخفيف أحمال الكهرباء خلال شهر رمضان، لكن العودة الجديدة حملت أعباءً إضافية على المواطنين.

قبيل انتهاء إجازة عيد الفطر، الأحد الماضي، أخذت الأخبار في التداول عن عودة الحكومة لتطبيق خطة تخفيف الأحمال، وتقبل المواطنين القرار على «مضض» خصوصًا أن الانقطاع من المفترض استمراره لساعة واحدة فقط.

كذبة الحكومة

خطة تخفيف الأحمال التي نفذتها الحكومة بدأت بوعد من رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بإنهاء الأزمة خلال أسبوعين فقط، لكن الوضع استمر بعد ذلك ليعلن مدبولي، استمراره لشهر إضافي، قبل أن يصرح بأن انقطاع الكهرباء سيستمر ما دامت درجات الحرارة تزيد عن 35 درجة تقريبًا.

تصريحات الحكومة أثبتت «كذبها» مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الشتاء التي تقل فيه درجة الحرارة لأكثر من نصف الحد المقرر من الحكومة، ليأخذ الحديث منحى آخر، خصوصًا في ظل أزمة نقص العملة في البلاد حينها.

وفق مصادر حكومية، فقرار الحكومة في البداية كان تقليل فاتورة استهلاك الدولار في ظل اللجوء إلى تصدير الغاز المحلي للخارج لضمان تدفق الدولار إلى السوق المصري، وعدم قدرة الدولة على استيراد بديله «المازوت».

الرئيس يعلق

علق الرئيس عبد الفتاح السيسي، نهاية سبتمبر الماضي على الأزمة خلال كلمته في مؤتمر "حكاية وطن"، قائلًا: "إحنا في إيدينا أن الكهرباء متتقطعش، ولكن هناك أزمة في توفير الغاز من قبل وزير البترول".

وتابع السيسي: "علشان يكون فيه شبكة مستقرة بشكل كامل شوفوا الخط بتاع المصروفات والإيرادات، عندنا فائض لازم ييجي بالسلف، طيب والسلف علشان خاطر عيون الدكتور شاكر (وزير الكهرباء) ولا علشان خاطر بلدنا يبقى بلدنا كلها تقف كده علشان تسدد سلفها وتسدد ديونها".

وأردف: "الدكتور شاكر مش عارف يسدد للدكتور طارق (وزير البترول) اللي عايز الفلوس بالدولار علشان يقلل فاتورة استيراد الغاز ويقلل الضغط على البنك المركزي، والدكتور شاكر نفسه مبيخدش الفلوس من الناس، أنا شوفت تقارير عن حجم سرقات الكهرباء في مصر، هي لا تقل مليون واقعة كل شهر".

واستطرد: "مين اللي بيعمل كده، 17 مليون مشترك في خدمة الكهرباء يحصلون على الطاقة بربع ثمنها، والناس مش عايزة تدفع تمنها، والدكتور شاكر مش عايز يدفع، فوزير البترول يحرن عليه وأنتوا متلاقوش كهرباء، فتقولوا الحكومة نايمة، طارق بيبيع الغاز علشان يجيب البترول اللي نخليه سولار وبنزين للناس".

وتابع: "وزير الكهرباء بياخد الغاز لإنتاج الكهرباء بـ3 دولارات وفي السوق العالمي بيباع بـ12 دولار.. الوزير عارف أنه مبيدفعش ويطلع بيان يقول لو ادوني غاز هطلع، طيب ما تدفع اللي عليك، علشان تاخذ الغاز اللي هيكفي الكهرباء أنا حكيت لكم الحكاية وبسيب لكم الحكم".

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن وزير الكهرباء يُرسل له تقريرًا شهريًا يتعلق بحجم سرقات الكهرباء في مصر، مشيرا إلى وقوع مليون حادثة سرقة للكهرباء شهريًا، وأن تلك السرقات تضعف إيرادات الكهرباء التي يتحمل الناس ربع تكلفتها، وأنه من الضروري مكافحة هذه الظاهرة.

وأكمل الرئيس السيسي: "شوية الكهربا اللي بيتقطعوا بيوفروا 300 مليون دولار، طب مش عاوزين الكهربا تقطع مين يدفع الـ300 مليون دولار نجيبهم منين؟!".

المليارات لا تكفي

قبل أشهر قليلة بدأت أزمة الدولار في الانفراج مع إعلان الحكومة بيع منطقة رأس الحكمة إلى جهة استثمارية «عربية» بصفقة قدرت بنحو 35 مليار دولار، والتي بالفعل أثرت إيجابيًا على السوق المحلي وقضت تقريبًا على السوق الموازي لبيع الدولار.

تصريحات الحكومة، عقبها حملت وعودًا عديدة بالقضاء على أزمة نقص العملات الأجنبية، والسوق الموازية لها، وجذب مئات المليارات من الدولارات استثمارات من الخارج، مع وجود خطط عدة لتعظيم الموارد الدولارية.

زخم الوعود الحكومية رفعت سقف التوقعات لدى المواطنين، وبدى حديثهم أكثر تفاؤلًا عن انخفاض الأسعار بعد موجة التضخم الكبرى التي عاشتها البلاد على مدار العاميين الماضيين، بالإضافة إلى انتهاء أزمة انقطاع الكهرباء مع إعلان الحكومة وقف خطة تخفيف الأحمال في رمضان.

صدمة العيد

قبيل انتهاء إجازة العيد أعلنت الحكومة عودة انقطاع الكهرباء لمدة ساعة واحدة يوميًا، لكن سرعان ما تفاجئ المواطنين بأنباء أخرى غير سارة تضيف إلى أعبائهم معاناة إضافية تمثلت في زيادة ساعات الانقطاع.

مع أول يوم لتطبيق القرار، فوجئ الجميع بزيادة الحكومة وقت انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ساعة، فكشفت مصادر بـ«الكهرباء»، أن انقطاع التيار سيصل إلى ساعتين و15 دقيقة في بعض المناطق بدلًا من ساعة.

وحددت المصادر الأوقات التي سينقطع فيها الكهرباء ليصبح بين الساعة الـ11 صباحًا وحتى الـ5 مساءً أي في أوقات الذروة خلال فترة فصل الصيف الذي أوشك على البدء، ما ضاعف معاناة المصريين في منازلهم وأعمالهم.

خرجت العديد من الشكاوى بشأن استهداف الوزارة أوقات في بعض المناطق تتزامن مع عودة الطلاب من المدارس، خصوصًا كون منازلهم في مناطق تضم عمارات يزيد عدد الأدوار فيها لأكثر من 10 أدوار.

وتحدث آخرون عن أن الانقطاع يأتي في وقت الذروة خلال عملهم ما سيؤدي إلى إضعاف إنتاجهم بنسبة كبيرة، وانتقد البعض سياسات الحكومة وأخذوا في نشر تصريحات حكومية أخرى كانت تنتقد سياسات الدولة خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية.

تبريرات الحكومة

انتقادات المواطن البسيط سواء في الجلسات العائلية أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي بررتها مصادر في الحكومة، بأن الدولة مضطرة إلى فعل ذلك للحفاظ على دخلها من العملة الأجنبية في ظل معاناة قناة السويس من الحرب الدائرة في غزة.

وقالت المصادر إن الدولة تتكبد مبالغ طائلة لدعم الكهرباء في ظل تأجيل خطة زيادة الأسعار لنحو 3 أعوام، مشيرةً إلى أن الزيادة الأخيرة كان من المفترض أن تقر خلال عام 2020 لكن الرئيس أمر بتأجيلها في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا في العالم.

المصادر شددت على أنه لا ينبغي الربط بين فترة حكم الإخوان والوضع الحالي، مشيرةً إلى أن الدولة المصرية نفذت عشرات المشاريع لزيادة إنتاجها من الكهرباء، وأن الأزمة الحالية لا علاقة لها بالإنتاج لكنها مرتبطة بفاتورة الإنتاج وحاجة المحطات إلى الوقود والغاز للعمل ما يضيف أعباء كبيرة على الموازنة.