هجوم برلماني "موجه "على الحكومة.. هل حانت ساعة رحيل " مدبولى " ؟

ذات مصر

تعرضت الحكومة المصرية، منذ أمس الثلاثاء، لهجوم يبدو ممنهجًا داخل أروقة مجلس النواب، من نواب محسوبين على المعارضة، لكن انتقادات الحساب الختامي لموازنة العامة 2022/2023، ومشروع موازنة العام المالي 2023/2024.

كلمة الحكومة المعتادة

وزير المالية المصري، محمد معيط، مثل الحكومة أمام البرلمان للسنة الثالثة على التوالي، أمس الثلاثاء، لإلقاء البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023/ 2024، والتي تبلغ قيمة المصروفات فيها نحو 3 تريليونات جنيه، في حين سجلت الإيرادات نحو 2.1 تريليون، لتصل نسبة العجز المتوقعة تصل إلى 6.5%.

كلمة معيط، لم تختلف نهائيًا عن كل تصريحات الحكومة على مدار العاميين الماضيين من تعرض مصر كغيرها من دول العالم لأزمات اقتصادية كبرى هددت خطتها الاقتصادية «الملهمة»، بسبب أزمة انتشار فيروس كوفيد 19، والحرب الروسية الأوكرانية المستمرة من العام الماضي.

الجديد في كلمة الوزير بخلاف الأرقام المعلنة للموازنة منذ مارس الماضي، كانت محاولته كسب تعاطف النواب، بعد الانتقادات المستمرة على مدار الأشهر الماضية بسبب تخفيض قيمة الجنيه نحو 80% من قيمته في عام، فضلًا عن زيادة التضخم لأرقام قياسية لم تشهدها مصر طوال تاريخها، بعد تجاوزه الـ40% في شهر فبراير الماضي، قبل انخفاضه في مارس إلى 39.5%.

أبرز أرقام الموازنة الجديدة

وفقًا لبيان الحكومة بلغت المصروفات 3 تريليونات جنيه والإيرادات 2.1 تريليون جنيه، ويبلغ معدل العجز 6.9%، فضلًا عن استهداف فائض أولي بنسبة 2.5% من الناتج المحلي، مستهدفة انخفاض نسبة الدين للناتج المحلي لأقل من 80٪ في يونيو 2027.

وسجلت مخصصات الدعم والحماية "127.7 مليار جنيه لدعم السلع التموينية و14.1مليار جنيه للتأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة، و10.2 مليار جنيه لدعم الإسكان الاجتماعي و28مليار جنيه لدعم وتنمية الصادرات.

وقالت الحكومة إن تكلفة توصيل خدمات الغاز الطبيعي للمنازل 3.5 مليار جنيه، علاوة على تحمل الخزانة 127 مليار جنيه فرق سعر الفائدة لمبادرة توفير تمويل 160 مليار جنيه لقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، مشددةً على تحقيقها النسبة المقررة دستوريًا للصحة والتعليم.

وأشار بيان الحكومة إلى أن نسبة العجز الكلي للموازنة بلغ 5.5% من يوليو 2022 حتى مارس 2023 بسبب زيادة المصروفات على الفوائد، الناتجة عن خفض قيمة الجنيه أمام الدولار وزيادة أسعار الفائدة سواء داخليًا أو خارجيًا.

معيط على خطى الرئيس 

وفي نهاية خطابه المطول، حاول معيط إقناع النواب بأن الحكومة لديها العزم والثقة على النهوض مرة أخرى واستمرار التوسع في الإنفاق الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة ومستويات الدخل وفرص العمل، وغيرها من البنود الأخرى لصالح المواطنين.

وكعادة المسؤول في مصر، حاول معيط اقتباس عبارات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالتأكيد والتشديد والإشارة إلى أن مصر لن تسقط أبدًا، وأن «الله لن يتركها»، وأنها قادرة على تجاوز الصعوبات والأزمات الحالية، لكنه لم يخف وجود مخاطر تهدد اقتصاد مصر، أبرزها التوقعات بأزمة مالية عالمية في 2023، والتغيرات المناخية، والحرب الروسية الأوكرانية، ورفع أسعار الفائدة عالميًا.

هجوم برلماني «غير معتاد»

كلمات رؤساء الهيئات البرلمانية المؤيدة، والتي أعلنت موافقتها على الحسابي الختامي كالعادة، أمس، شهدت توجيه لوم وعتاب وانتقادات على غير العادة للحكومة في تلك الوقت، بخلاف الكلمات الحادة المعتادة من المعارضة الحقيقية في المجلس، ليبدو أن الوقت قد حان لرحيل حكومة رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أو على الأقل إجراء تغييرات كبيرة عليها.

أسماء عديدة كانت عادةً تقف في صف الرئيس وحكومته وتدافع عنهما أحيانًا وتوافق على حسابها الختامي، والموازنة الجديدة لكنها غيرت موقفها هذه المرة مع تصاعد الانتقادات الشعبية ضد السياسات الاقتصادية، كالنائب محمود بدر، والنائب محمد عبدالعزيز، والنائب أيمن أبوالعلا، والنائب فريد البياضي.

عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، محمود بدر، قال في كلمته، «عشانا عليك يارب كانت جملة تكثر على لسان الكثير من المصريين قديمًا، والحكومة الآن ترفع شعار (عشانا عليك يا صندوق النقد.. عشانا عليك يا بنك يا دولي».

وعلى نفس النهج سار، عضو مجلس النواب عن التنسيقية، محمد عبدالعزيز، قائلًا: «يوجد خلاف واضح مع سياسات الحكومة التي تعلم أن المواطن يعاني جراء أزمات اقتصادية متلاحقة ما بين ارتفاع التضخم الذي وصل تقريبا لـ40%، أو ارتفاع الدين العام الذي وصل بحسب الأرقام لـ %87.2، والدين الخارجي 108 مليار دولار».

وأضاف عبد العزيز: «إذا الحكومة حققت كفاءة فحققت كفاءة في جمع الضرائب بتبديلات أعلى من التبديلات التي وضعتها وذلك يعد أمر إيجابي، لكن إذا كان المواطن عمل اللي عليه ودفع الضرائب فماذا عملت الحكومة اللي عليها في الإصلاح الاقتصادي أو في أدائها المالي».

وللمرة الأولى، خرج عضو مجلس النواب عن حزب الإصلاح والتنمية، أيمن أبوالعلا، ليرفض البيان الختامي، قائلًا: «الملاحظات والتعليقات منذ عام 2016 متكررة ما يعني أن الحكومة لا تستمع للبرلمان أو الجهاز المركزي للمحاسبات ونستشهد بالمضابط سنجد نفس الملاحظات»، مشيرًا إلى ملاحظات عدم الاستفادة من القروض أو استغلالها.

في الوقت نفسه،  أعلن عضو مجلس النواب، فريدي البياضي، رفضه للحساب الختامي، قائلًا: «كفاية، كفاية ديون، غرقتونا وخنقتونا إحنا واللي خلفونا واللي خلفناهم واللي هايخلفوهم»، متابعًا: «الوزير بيقول أرقام ونسب وبيحاول يثبت أن نسبة الدين في تحسن، يا إما أرقامك وهمية يا وزير، وأنا متأكد من كدا لأن الـ٨٧٪؜ دول مش حاطط فيهم ٢٤٪؜ ديون الهيئات الاقتصادية وحاسب سعر الدولار على 18.. كفاية كفاية كفاية».

ورغم تمرير المجلس الحساب الختامي، أمس، لكن 22 نائبًا أخرين بينهم النائب سليمان وهدان، كانوا يريدون الانتقام من الحكومة التي أوشكت على الرحيل، بعد تقديمهم، اليوم الأربعاء مذكرة لرئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، احتجاجًا على منع النقاش في الجلسة العامة، وعدم إتاحة الفرصة للنواب لإبداء رأيهم، وفقا للائحة الداخلية لمجلس النواب، في أول سابقة في تاريخ البرلمان.