خبراء يكشفون الحلول

المحاصيل الزراعية في خطر.. درجات الحرارة المرتفعة تنذر بكارثة

تأثير الحرارة على
تأثير الحرارة على الزراعة

سجلت مصر على مدار الأيام الماضية ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة وصل إلى أكثر من 42 درجة مئوية في بعض المحافظات في موجة حرارة لم تشهدها البلاد على مدار تاريخها الحديث، ما ينذر بتغيير كبير في حالة الطقس في مصر والتي كانت تتميز بطقس متعدل قبل سنوات قليلة.

ارتفاع درجات الحرارة والتغييرات المناخية التي يشهدها العالم تؤثر بشدة على القطاع الزراعي، بل أنه أكثر القطاعات تضررًا، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية خاصة الخضر والفاكهة، ويهدد الأمن الزراعي المصري.

 

وكشف مركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة، في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على الزراعات الصيفية القائمة، مشيرًا إلى تأثر العديد من المحاصيل الزراعية بدرجات الحرارة المرتفعة.

حذر الدكتور محمد على فهيم، رئيس مركز التغير المناخى بوزارة الزراعة، من الموجة الحارة التي تسببت في حدوث بعض المشكلات للمحاصيل الزراعية، مثل لسعات الشمس على ثمار المانجو وتنحيس الرمان وضعف تحجيم الزيتون والتمور والموالح.

​​وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) انخفاض الإنتاجية الزراعية على مستوى العالم بنحو 15% بحلول عام 2050 نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والطقس غير المستقر. 

محاصيل الذرة والقطن والثوم والبصل في خطر

وأشار «فهيم» إلى قابلية بعض المحاصيل للإصابة ببعض الأمراض التي تعتمد على ضعف النباتات فسيولوجيًا، مثل البياض الزغبى، بجانب التأثير على عمليات التزهير والتلقيح والإخصاب لبعض المحاصيل (الذرة- فول الصويا- القطن).

وشدد على ضرورة تأجيل زراعة المحاصيل البينية، وعدم التفكير حتى في زراعة الثوم والبصل الأخضر خلال هذه الفترة حتى انكسار الموجة شديدة الحرارة، وتقريب فترات الري وإجراء رية سريعة لكل الزراعات القائمة صباحا، وعدم الري أثناء الظهيرة، مع رش أشجار الزيتون والرمان بمحلول الجير المخفف على الثمار، كي لا تتسبب الموجة في مزيد من لسعات الشمس وتنحيس لجلد الثمار في الرمان، أما محاصيل الخضر فينصح بإجراء رشات بسليكات البوتاسيوم أو البوتاسيوم فوسفيت.

وعن سبب الشعور بدرجات الحرارة، أوضح أنّها تعود لكون أشعة الشمس عمودية وقوية وقصيرة، حيث تتركز على مساحة أقل وتخترق سمك قصير في الغلاف الجوي، لذا فإنّ الشعور بأشعة الشمس يكون كبيرا، مع زيادة في الرطوبة النسبية على شمال البلاد وتتراوح بين 80% إلى 90% ما يزيد حرارة الطقس.

خسائر اقتصادية كبيرة

أوضح حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية خاصة الخضروات والفاكهة وأهمها الطماطم والبطاطس والخيار والبصل خلال هذه الفترة، متابعًا: “شهدنا خلال الفترة الماضية ما حدث من تأثير العاصفة الترابية على تساقط محصول المانجو في الإسماعيلية ولكن ارتفاع الحرارة بسبب الموجات الحارة المستمرة يمكنه أن يسبب خسائر في المحصول”.

وأضاف لـ"ذات مصر”، إن محاصيل البطاطس البصل قد تتعرض للضرر، ما يعني خسائر اقتصادية كبيرة خاصة أنهما مصدرين مهمين للتصدير إلى الخارج، متابعًا: “الحرارة المرتفعة قد يكون لها أثرًا سلبيا وتجعل هناك بعض الخسائر في المحصول أذا زادت بشكل مبالغ فيه لأنها محاصيل صيفية خلال هذه الفترة فتكون قادرة على تحمل الحرارة”.

وذكر أن المانجو تتأثر على سبيل المثال بارتفاع درجات الحرارة وتنضج قبل أوانها المحدد لها خاصة أنها في طور التحجيم لكن الحرارة المرتفعة تجعلها تدخل طور النضج لذا فيكون المحصول المتوقع به مشكلة، متمنيًا ألا يحدث مشكلات خلال الفترة المقبلة وتكون التأثيرات الحرارة بنسبة قليلة ومحدودة حتى لا يقل إنتاج المحاصيل من الخضروات والفاكهة خلال فترة حصادها.

قضية أمن قومي

وشدد رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، ورئيس شعبة الإنتاج الحيواني والداجني بالمركز، الدكتور رأفت خضر، أن التغيرات المناخية خلال الفترة الحالية تعد قضية أمن قومي، وأن هناك تعاون بين المنظمات والمراكز البحثية لإجراء العديد من البحوث والدراسات اللازمة لمجابهة الظاهرة، ولعمل على استنباط أصناف ونباتات تتحمل الملوحة والحرارة المرتفعة والظروف القاسية الأخرى.

وأضاف لـ"ذات مصر": “هناك خريطة أرصاد شهرية للمزارعين والمستثمرين بهدف معرفة كيفية التعامل مع المحاصيل ومعرفة التوقع المناخي وتحديد توقيت الري لتقليل الأضرار التي يمكن حدوثها في الوقت الذي يحدث فيه تغير مناخي وارتفاع كبير في درجات الحرارة للحفاظ على الإنتاجية”.

وبين أن قطاع الزراعة أهم القطاعات المعرضة للتأثير بالتغيرات المناخية حيث أنها تكون إيجابية لبعض المحاصيل وسلبية لمحاصيل أخرى وأحيانا تأتي فترة حساسة من عمر المحصول ويحدث اختلاف في المناخ، معلقا أن محصول المانجو على سبيل المثال من المحاصيل الاستوائية ما يعني أنه يحتاج لمناخ استوائي دون أي تذبذبات؛ وأحيانا تكون التغيرات المناخية مناسبة للقمح ولكن تكون مناسبة أيضا لمرض يصيب القمح؛ الأجواء التي تغيرت غيرت كثير من الأشياء.

ارتفاع قياسي في الأسعار

كشف حاتم نجيب، نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بغرفة القاهرة، أن الموجة الحارة التي تضرب البلاد حاليا ستؤثر على إنتاجية الفدان والمعروض في الأسواق بنسبة 30% وارتفاعا مماثلا في الأسعار.

وأوضح نجيب في تصريحات لـ"ذات مصر" أن محاصيل الطماطم والكوسة والتين والجوافة والباذنجان والفلفل والليمون الأكثر تأثرا بهذه الموجة، لافتا إلى أن الخضروات والفاكهة الصيفية بشكل عام ستتأثر، مشيرا إلى أن عدم شكوى المواطنين الآن من ارتفاعات الأسعار نتيجة لحالة الركود وترشيد الاستهلاك.

ونوه بأن الارتفاع الكبير في الأسعار سيحدث بشكل كبير في العروة النيلية في شهر سبتمبر، ما يحدث عند ارتفاع درجات الحرارة  تداخل أجيال التزهير وعمليات الإخصاب والعقد، خصوصاً أشجار المانجو والزيتون والبرقوق والمشمش والكمثرى والموالح.