القمة الروسية الأفريقية.. موسكو تواجه ضغوط الغرب بالتحالفات

ذات مصر

تستضيف مدينة بطرسبرج الروسية، غدًا الخميس، القمة الروسية - الأفريقية الثانية، بعد قمة سوتشي الأخيرة في أكتوبر 2019، بحضور عدد من قادة الدول الأفريقية، في مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا، في إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين روسيا والدول الأفريقية.

قمة المعاناة 

تأتي القمة الجديدة بين روسيا ودول القارة السمراء، وسط أزمات متلاحقة يعاني منها الجانبان، فروسيا تعيش في عزلة بعد فرض مئات العقوبات عليها من قبل أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي بعد غزوها وكرانيا، في حين تعاني أفريقيا من تداعيات الحرب التي أدت إلى تسجيل أسعار الحبوب والمواد الغذائية والنفط مستويات قياسية.

وفقًا للرئاسة المصرية فالقمة الأفريقية الروسية بدأت في عام 2019 تحت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، بهدف التشاور بين القارة الأفريقية وروسيا حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة، وستتضمن القمة الثانية هذا العام عقد جلستين عامتين وسيصدر عنها إعلان ختامي، وسيعقد على هامش القمة عددًا من الفعاليات الاقتصادية والتجارية والثقافية، أبرزها المنتدى الاقتصادي والإنساني.

ملفات القمة الروسية الإفريقية

 سيعقد خلال القمة المنتدى الاقتصادي الروسي الإفريقي الثاني، والذي يهدف لتنويع مجالات التعاون الروسي الإفريقي، وتحديد تطور هذه العلاقات على المدى الطويل، وسيُنظم معرض واسع النطاق بالإضافة إلى عقد ورشات عمل في إطار المنتدى.

 وسيبدأ برنامج أعمال القمة والمنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الأفريقي في اتجاه الأمن المتكامل والتنمية السيادية بحلقة نقاش بعنوان "روسيا وأفريقيا: شراكة من أجل السيادة الغذائية.

ويأتي في مقدمة ملفات الزعماء الأفارقة في القمة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على بلدان القارة، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، خصوصاً بعد إنهاء روسيا العمل بصفقة الحبوب في 18 يوليو الجاري وسحب ضماناتها بسلامة الملاحة في البحر الأسود وإغلاق الممر الإنساني البحري لمرور الحبوب الأوكرانية لمعالجة نقص الغذاء العالمي.

وأعلن سفير المهمات الخاصة بوزارة الخارجية الروسية أوليج أوزيروف أن القمة ستتناول صادرات موسكو من الحبوب والأسمدة، مبينًا أن «إنشاء ممرات لوجستية، ومراكز ليس فقط للأغذية والأسمدة، ولكن أيضا لأي منتجات أخرى من روسيا الاتحادية، سيكون أحد الموضوعات التي ستجري مناقشتها»، موضحاً أن فكرة الممرات اللوجستية وإنشاء مراكز الحبوب واعدة وقابلة للتنفيذ».

حلول روسيا لمشاكل الغذاء بالدول الأفريقية

 أكد أوليج أزوروف، أن بلاده تعتزم تقديم حلول لمشاكل الغذاء للدول الأفريقية في ظل إنهاء العمل بصفقة الحبوب، مشيرا إلى أنه من المقرر إجراء مناقشة حول الأمن الغذائي الدولي في القمة الروسية الأفريقية.

 وقال أزوروف لوكالة أنباء سبوتنيك الثلاثاء: «سنقترح حلولا لتغادر الدول الأفريقية سان بطرسبرج بفهم واضح لكيفية معالجة هذه المشاكل»، مشيراً إلى أن بلاده قدمت بالفعل مساعدة للبلدان الأفريقية بإرسال عدة شحنات من الأسمدة، منها ملاوي وكينيا.

سر التقارب الروسي من أفريقيا

العزلة المفروضة على روسيا دوليًا بعد حربها في أوكرانيا، وفرض الدول الغربية عقوبات صارمة ضدها على مدار نحو عامين دفعتها للبحث عن مخرج لها لمساندتها في المحافل الدولية خصوصًا في الأمم المتحدة، يساعدها على مواجهة موجة العقوبات.

أوزيروف قال إن روسيا تستعد لفتح سفارات في جميع دول أفريقيا، لكن الأمر لن يكون سريعًا، معتبرا قرار إغلاق البعثات الدبلوماسية الروسية في أفريقيا في التسعينيات "غير معقول تمامًا"، وأن هذا الوضع يحتاج إلى تصحيح، لكنها ستكون عملية طويلة.

قمح روسيا «مجانًا» لأفريقيا

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حرص في مارس الماضي، على استباق القمة بإطلاق تصريحات عن استعداد بلاده لمنح إفريقيا القمح «مجانًا» حال انسحاب موسكو من اتفاق تصدير الحبوب، وعاد مجددًا لتأكيد ذلك في مقال بعنوان "روسيا وأفريقيا: توحيد الجهود من أجل السلام والتقدم وخلق مستقبل ناجح" نُشر على موقع الكرملين الاثنين الماضي.

وقال بوتين إن «صفقة الحبوب» كانت تهدف في الأصل إلى ضمان الأمن الغذائي العالمي، والحد من خطر الجوع ومساعدة أفقر البلدان في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، لذلك التزمت بالمساعدة في تنفيذها، لكنها استخدمت لإثراء الشركات الأمريكية والأوروبية الكبيرة التي كانت تصدر الحبوب من أوكرانيا وتعيد بيعها». 

وكشف الرئيس فلاديمير بوتين عن ملفات أخرى، في ضوء تنمية العلاقات الروسية الإفريقية، ولاسيما في مجال التعاون الاستراتيجي، منوهاً إلى ما تتمتع به أفريقيا وروسيا بإمكانات عالية للارتقاء بالشراكة التجارية والاقتصادية، وقال إن حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول الإفريقية ازداد في 2022 ووصل إلى قرابة 18 مليار دولار.

اعتماد إعلان شامل

وأضاف "أود أن أؤكد لكم أن بلدنا قادر على تعويض الحبوب الأوكرانية، سواء على أساس تجاري أو على أساس مجاني، بخاصة أننا نتوقع حصادا قياسيا هذا العام".

وشدد بوتين على أن "موسكو ستعمل على بذل كل ما بوسعها لمواصلة توريد الحبوب والغذاء والأسمدة إلى الدول الأفريقية"، لافتا إلى أن موسكو "تعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا بشكل نشط، سواء كان ذلك مع كل دولة على حدة، أو مع منظمات التكامل الإقليمي، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي".

وعلق الرئيس الروسي في مقاله أهمية كبيرة على القمة الروسية الإفريقية، مضيفا أنه بناء على نتائجها، من المخطط اعتماد إعلان شامل، وعدد من البيانات المشتركة، والموافقة على خطة عمل منتدى الشراكة الروسية الإفريقية للفترة حتى عام 2026.

ويجرى القائمون على انعقاد القمة على إعداد وثائق ثنائية ومتعددة الأطراف بشأن التعاون مع الدول الإفريقية، للتوقيع عليها، حيث تعتبر القمة الروسية الإفريقية الحدث الرئيسي والأكبر في العلاقات الروسية الأفريقية، من أجل تعزيز التعاون في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والاجتماعية.

 وقال الرئيس الروسي أيضا أن الشركات الروسية تولي اهتماما كبيرا للعمل في القارة الإفريقية في مجالات عديدة من ضمنها التكنولوجيا المتطورة والاستكشاف الجيولوجي، وكذلك قطاع الوقود والطاقة، بما فيها النووية.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن في وقت سابق اليوم، عزم موسكو على تطوير التعاون مع أفريقيا، والعمل معًا لحل مشاكل مثل مكافحة الفقر وضمان الأمن الغذائي.

وقال بوتين، في تحيته للمشاركين وضيوف المنتدى الاقتصادي والإنساني "روسيا - أفريقيا": "المهم أن تعاوننا مع أفريقيا في السنوات الأخيرة وصل إلى مستوى جديد. ونعتزم زيادة تطويره: تحفيز التجارة والاستثمار وتعميق التعاون والعمل معًا في قضايا ملحة مثل مكافحة الفقر وتدريب الموظفين العصريين وضمان الأمن الغذائي، وتغير المناخ. 

وتابع: “وبالطبع، سنواصل مساعدة شركائنا الأفارقة بكل وسيلة ممكنة في تعزيز السيادة الوطنية والثقافية، وفي مشاركتهم في حل القضايا الإقليمية والعالمية بنشاط أكبر".