درس كورونا في التعليم كونوا عباد الله "أون لاين"

ذات مصر
  بعد أن صار التعليم مسؤولية ولي الأمر بالكامل هذا العام بسبب انتشار فيروس كورونا، وضغط وقت الحصص بالمدارس، وعدم ذهاب الطلبة إلى المدرسة كل أيام الأسبوع، وهو الأمر الذي تكلل اليوم الخميس، 31 ديسمبر 2020، بقرار رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، باستكمال تدريس المناهج الدراسية اعتباراً من السبت المقبل، وحتى نهاية الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي ٢٠٢٠ / ٢٠٢١ بنظام التعليم عن بعد، وتأجيل كافة الامتحانات التي كان من المقرر عقدها في هذا الفصل لما بعد انتهاء إجازة نصف العام بسبب تفاقم الموجة الثانية لفيروس كوفيد- 19، إذ لجأ العديد من أولياء الأمور إلى المنصات التعليمية المجانية على الإنترنت لشرح المواد الدراسية، خصوصًا مع اقتراب وقت الامتحانات. قبل أزمة كورونا كان على موقع “يوتيوب” العديد من القنوات التي تدرس جميع المواد “أون لاين”، ثم بدأت تزداد في أثناء الأزمة وبعد إغلاق المدارس في منتصف مارس/ آذار الماضي، كما ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا “فيس بوك”، كثير من الصفحات التي تسهل التواصل بين ولي الأمر والطالب من جهة والمعلم من جهة أخرى، من بينها “درس خصوصي” و”دروس أون لاين” وغيرهما، وقد زادت هذه المبادرات بعد إغلاق المدارس، وفي فترة وجيزة صارت منصات التعليم عن بعد أكثر تخصصًا وتنظيمًا نوعًا ما، وتغطي جميع المناهج التعليمية، للغات والأزهر والتعليم الفني. “عندما حدث الإغلاق العام الماضي بسبب الجائحة، كنت أرغب في استكمال المنهج مع الطلبة عبر برنامج تفاعلي مجاني، فجهزت المطلوب من إنترنت سريع، وأجهزة نقل الصورة على الكمبيوتر، وسبورة، وقدمت دعوات أون لاين عبر واتس آب وفيس بوك للدروس، فنجحت التجربة ويحضر معي نحو 50 طالبًا في المرحلة الواحدة”.. هكذا قال عيسى عطية، مدرس مادة الرياضيات باللغة الإنجليزية عبر برنامج زووم، مضيفًا أن أهم شيء في التعليم عمومًا أن يكون تفاعليًّا بين المدرس والطالب وأن يشعر الطالب بأنه في حصة المدرسة، وأن المشكلة في التعليم الإلكتروني هو عدم وجود إنترنت قوي بمبلغ بسيط، فإن حُلَّت هذه الأزمة سيكون التعليم أون لاين متاحًا، وسيحرص أولياء الأمور على عدم ذهاب أبنائهم إلى المدرسة بنسبة 70%، إلا للامتحانات وبعض التجارب العملية، وسيصير هذا النوع من التعليم موازيًا للتعليم المدرسي النظامي. مجلة JAMA لطب الأطفال نشرت دراسة أوضحت كيف أثّر كوفيد-19 في الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض، وقالت إنه يوجد تباين واسع في القدرة على الوصول إلى تعليم تعليمي عالي الجودة والتكنولوجيا الرقمية وخدمة الإنترنت، خاصة لدى الطلاب في المناطق الريفية والحضرية.

أهمية القنوات الأون- لاين

تقول مروة محمد، مفتشة آثار: “قبل كورونا كنت أعتمد على دروس الأون-لاين، خاصة حين كنت أواجه مسألة غير مفهومة في الدرس، لكن هذا العام هو أول عام أعتمد فيه على الدروس التعليمية الموجودة أون لاين، فمع تقليل وقت الحصص وعدد أيام الدراسة بالمدرسة صار من الصعب على المدرس الشرح والمراجعة والحل، حينها لجأت لحصص الزووم المجانية في الرياضة والعلوم، وكان التفاعل جيدًا للغاية، لكن كانت المشكلة الوحيدة هي انقطاع الإنترنت، وعدم تركيز الأولاد”.. مشيرة سامي، ربة منزل، تحكي تجربتها مع تعليم الأون لاين: “أعتمد على شرح المدرسين على يوتيوب من قَبل ظهور كورونا لأن المناهج صعبة، خاصة وأنا لا ألجأ إلى الدروس الخصوصية، وزاد الأمر أكثر مع كورونا”. أما شريف عطية، مهندس، فيوضح أنه يعتمد كوليّ أمر على الدروس الخصوصية، ولا يمكن أن يصير اليوتيوب أداة تعليم رئيسة بالنسبة إليه، فهو يرى أن الاستيعاب في عملية التعليم أون لاين ضعيف. إبراهيم أيمن، طالب في الصف الثاني الثانوي، قال: “جربت مشاهدة الدروس التعليمية على يوتيوب العام الماضي، ووجدت أن شرح العديد من المدرسين غير واضح وأن مدرسين اللغات نطقهم غير صحيح فقررت عدم الرجوع لها مرة أخرى، أما فيديوهات بنك المعرفة فتتناول شرح قشور الدرس، والدروس غير مرتبة وبلا عنوان، فصرت أعتمد على الدروس المدفوعة أون لاين في المواد التي يصعب فهمها مثل الفيزياء والكيمياء والرياضة”. ووفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في أغسطس/ آب 2020، فإن “هذا العام الدراسي هو عام استثنائي بكل تفاصيله، فقد أدى وباء كوفيد-19 إلى حرمان ما لا يقل عن ثلث تلاميذ العالم، ما يعادل 463 مليون طفل، من التعليم، وذلك لعدم قدرتهم على فعل ذلك افتراضيًّا بعد إغلاق الكثير من المدارس. وقالت مديرة اليونيسف، هنرييتا فور: “يمثل العدد الكبير من الأطفال الذين انقطع عنهم التعليم تمامًا منذ أشهر، حالة طوارئ تعليمية عالمية”، محذرة من أن “الاقتصادات والمجتمعات قد تعاني من ذلك لعقود مقبلة”. وتقدّر الأمم المتحدة عدد الأطفال الذين تأثروا في أنحاء العالم بإغلاق المدارس أو تدابير العزل بنحو 1.5 مليار طفل، ولم تتح الفرصة لجميعهم للوصول إلى التعليم عن بعد بسبب التفاوت الاجتماعي. ياسر العقدة، مدرس لغة إنجليزية بالمرحلة الثانوية، أسس مجموعة على “فيس بوك” عام 2016 لأولياء الأمور والطلبة والمدرسين، يقول: “أنشر المَلازم والمراجعات للمراحل التعليمية المختلفة ويرد أولياء الأمور بعضهم على بعض، وأشرح الأسئلة غير المفهومة وأوضح النقاط التي يجب إيضاحها، وأطلقت هاشتاج خاصًّا بكل مادة حتى يسهل الوصول إلى الملازم التي يحتاج إليها الطالب”. ويضيف “العقدة”: “يمكن أن يكون التعليم أون لاين ذا فائدة كبيرة إذا توافر فيه بعض الخصائص، كأن يكون الوصول إلى الإنترنت متاحًا لكل طالب مجانًا حتى في القرى والنجوع، وتطوير المناهج بحيث تناسب سوق العمل وسهلة التناول عبر الإنترنت، والتفاعل بين الطالب من جهة والمدرسة من جهة أخرى”. أجرينا استطلاع رأي على مواقع التواصل الاجتماعي بمشاركة “31” شخصًا لمعرفة مدى استفادة أولياء الأمور والطلبة من مبادرات التعليم أون لاين الموجودة حاليًّا، وكانت النتائج كالآتي: أظهر الاستفتاء، المشكلات التي تواجه الطلاب وأولياء الأمور كالتالي: الإنترنت من حيث التكلفة العالية للباقات المفتوحة وجودة الشبكة وانقطاعها كانت على رأس المشكلات، تلتها مشكلة عدم تركيز التلاميذ وتشتت انتباههم بسبب عدم وجود أساليب جذابة في الشرح، وتمثلت المشكلة الثالثة في عدم وجود تفاعل بين المدرس والطلبة من حيث عدم القدرة على طرح أسئلة، ومن المشكلات أيضًا افتقار بعض المواد العلمية إلى شرح ميسر للطلاب، وأن الشرح مناسب لولي الأمر وليس للطالب، وكذلك عدم جودة الصوت والإضاءة.

الاستفادة المثلى

الدكتورة منى يونس، المتخصصة في مجال التعليم الإلكتروني، أوضحت أنه “حتى يحقق أولياء الأمور الاستفادة المثلى من التعليم لا بد من أن يتعاملوا مع مرحلة كوفيد-19 على أنها ممتدة، وأن يكيفوا أنفسهم عليها بتغيير التفكير إلى أن التعليم ليس مرتبطًا بفصل دراسي وبأربعة جدران، وأن نزرع داخل أولادنا وطلابنا أن التعلم مسؤولية خاصة بهم وليس مسؤولية المدرسة ولا المعلم، وإذا خرجنا من مرحلة كوفيد-19 بتحقيق هذا الهدف سنكون حققنا إنجازًا كبيرًا جدًّا”. تضيف: “الاستفادة الثانية التي يمكن أن نخرج بها من أزمة كورونا هي أن نقضي مع أولادنا وقتًا عالي الجودة وأن نستزيد من العلم في المجالات التي لديهم شغف بها مثل الأعمال اليدوية والزراعة والفلك والسيارات، وأن نحاول إشراكهم في ذلك ورفع مستوى شغفهم بعمل مشاريع صغيرة في المنزل وحثهم على التعلم بطرائق غير مباشرة ومن خلال المرح، وألا يصلهم الشعور بأن التعلم شيء ممل أو جبريّ”. وتؤكد المتخصصة في مجال التعليم الإلكتروني أن “الهدف الرئيس الذي يجب التركيز عليه هو غرس القيم الخاصة بالتعليم أكثر من المادة التعليمة، مثل قيمة تحمل المسؤولية واحترام المعلم والمجهود الذي يبذله في التعليم الإكتروني، وتقدير أن التعلم الإلكتروني والأجهزة ليست متاحة لكل الأطفال”. أما بالنسبة إلى التعليم الإلكتروني لمرحلة الطفولة المبكرة فترى الدكتورة منى أن “الاستفادة من التعليم الإلكتروني في هذه المرحلة في غاية الصعوبة، خصوصًا أن مرحلة الطفولة المبكرة تعتمد على تنمية المهارات الاجتماعية من التشارك مع الآخرين والتواصل أكثر من فكرة التشارك عبر الإنترنت، لذلك لا بد من تطوير القدرة على توصيل المادة من خلال اللعب، وأبدع بعض المعلمين في إنشاء وتطوير بعض الألعاب عن طريق الأدوات باللغة العربية ولكنها لا تزال محاولات ضئيلة”.