نظرة الوداع الأخيرة.. مبادرة لتوثيق ورسم مقابر القاهرة التاريخية قبل الإزالة

ذات مصر

احتفت مبادرة «رسم مصر» على صفحتها في فيسبوك، بالتجمع الكبير لشباب الرسامين الذين حضروا من  محافظات عدة ضمن جولة أطلقتها المبادرة تحت عنوان "طالع إزالة"؛ لرسم وتوثيق الأماكن الأثرية في القاهرة التاريخية قبل إزالتها.

وأشادت المبادرة بحضور عدد كبير من الشباب والرسامين والفنانين بالجولة، بمقابر الإمام الشافعي لتوثيقها قبل التفكيك، مضيفة على منشور في فيسبوك: "حضور أسطوري بجولة رسم مصر (طالع إزالة)، رغم حرارة الجو وكثرة المشي، حضوركم مميز، شكرا لكم محبين الفن والعمارة والتاريخ".

وكانت المبادرة دعت الرسامين والفنانين والموهوبين من الشباب للمشاركة بجولة "طالع إزالة" في مقابر الشافعي، لتوثيق ورسم المقابر قبل إزالتها، مضيفة: "هنروح آخر شارع الطحاوية اللي فيه أضرحة ومدافن كتير زي مدفن صبري باشا أبو علم ومدفن إسماعيل صدقي، وبعدها هننتقل للمنطقة اللي بتتشال فيها بعض الأضرحة دلوقتي وبعض التراكيب بيتم نقلها".

وقالت المبادرة في دعوتها، إنها سترسم الأضرحة والعمارة الإسلامية، فضلًا عن رسم التراكيب وشواهد القبور، قائلة: "احنا هنرسم هذه الاضرحة والعمارة الإسلامية الرائعة وهنرسم كمان التراكيب بتاعت القبور زي حوش الأمير يوسف كمال، هو مؤسس مدرسة الفنون الجميلة، اللي أصبحت كلية الفنون الجميلة، وهنرسم ونوثق التحفة المعمارية لضريح علي باشا فهمي وهو والد عائشة فهمي اللي قصرها حاليا هو مجمع الفنون بالزمالك، وهنوثق بردو التراكيب الرخامية الرائعة لزوجات ومستولدات الخديوي إسماعيل".

ويشارك في المبادرة ضمن جولات الرسم، طلاب الجامعات من كلية التربية الفنية جامعة حلوان والجامعات الأخرى، والرسامين والفنانين الشباب، الذين يحبون الرسم ويريدون تعلمه، إضافة إلى مشاركة أطفال صغار من كافة المحافظات، وفق بيانات المبادرة.

وأحدثت جولة "طالع إزالة" التي دعت إليها المبادرة، موجة تفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادات واسعة من المتابعين.

وفي حديثه لـ«ذات مصر» قال مؤسس المبادرة، محمد حمدي، في كلمات مقتضبة، إن الجولة هدفها رسم وتوثيق المكان، مضيفًا أنها حُملت أكثر مما تحتمل، رافضًا الإدلاء بأي تصريحات حول المبادرة.

وتُعرف المبادرة نفسها، بأنها تهتم بفنون مصر وتاريخها، حيث توثقه بالرسم والتصوير والفيديو، عن طريق رسم الناس والآثار والمعالم والشوارع المصرية، إضافة إلى الحديث عن تاريخ مصر ببساطة ودون تعقيد، بالاشتراك مع طلاب كلية التربية الفنية جامعة حلوان والموهوبين من المحبين للرسم وتعلمه.

هدم المقابر التاريخية

تأتي جولة المبادرة على خلفية إجراءات حكومية لإزالة الجبانات التاريخية في منطقة مقابر الإمام الشافعي، والسيدة نفيسة وغيرها، لتكون مشاركة في الحملة المناهضة لقرارات الإزالة والهدم.

وأدت قرارات الحكومة إلى إزالة عدد كبير من المقابر التاريخية، التي يتجاوز عمر بعضها أكثر من ألف عام، فيما ذكرت مصادر مطلعة أنه سيجري إزالة نحو 2700 مقبرة ونقلها لأماكن جديدة في مدينتي 15 مايو والعاشر من رمضان.

وأحدثت إجراءات الحكومة لإزالة المقابر التاريخية، بهدف تطوير المكان، جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، حيث شارك مختصون وشخصيات عامة، ومنظمات حقوقية وأحزاب إلى جانب المشاركة الشعبية في حملة رافضة لقرارات الهدم، ودعوا إلى المحافظة على المناطق التاريخية وصيانتها، للاستفادة منها بدل هدمها.

وأعلن رئيس لجنة حصر المباني ذات الطراز المعماري المتميز في القاهرة، أيمن ونس، استقالته قبل أيام، من رئاسة اللجنة على خلفية استمرار الهدم لمقابر القاهرة التاريخية، خاصة بمناطق الإمام الشافعي، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة، وسط ترحيب كبير من نشطاء المنصات الاجتماعية.

ونشر ونس، الخميس الماضي، صورة من خطاب استقالته عبر صفحته على فيسبوك، ذكر فيها أن سبب الاستقالة هو عدم جدوى عمل اللجنة، في ظل ما يحدث من أعمال هدم وإزالة للمقابر التراثية ذات القيمة المعمارية والعمرانية والتاريخية بالقاهرة.

وتراجع ونس عن استقالته لاحقًا، وحذف المنشور، مشيدًا في منشور آخر بـ"جهود الدولة الدؤوبة والمستمرة في التطوير، وتحسين البيئة العمرانية وحياة المواطنين"، لافتًا إلى أن دافعه كان حبه لوطنه وغيرته على الكنوز التراثية، وتحسين أداء التطوير بما "لا يؤثر في المخزون التراثي الثمين الذي نمتلكه"، كما أكد أنه "سيتم محاسبة المتجاوز، وتصحيح مسار أعمال التطوير".

وكان أربعة من أعضاء اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز في شرق القاهرة، أعلنوا تقديم استقالتهم من اللجنة، على خلفية إزالة وتحطيم المقابر التاريخية في مقابر الإمام الشافعي، وقرافة المماليك، ومقابر السيدة نفيسة.

بلاغ للنائب العام

وفي بيان مشترك، السب الماضي، أعلن ممثلو أحزاب ومنظمات حقوقية، وشخصيات عامة، تقدمهم ببلاغ للنيابة العامة ضد وزراء السياحة والآثار، والأوقاف، بالإضافة إلى محافظ القاهرة، والمسؤولين عن التنسيق الحضاري والجهات المشاركة في أعمال الهدم والإزالة للجبانات التاريخية.

وطالب البيان بفرض الحراسة على مناطق المقابر التاريخية، وسحب معدات الهدم وتقييم الأضرار التي لحقت بالمنطقة.

وأدان الموقعون على البيان مسلسل التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية، والمسجلة على قائمة التراث العالمي، رغم تقديم البدائل عن إزالة الجبانات، بالاعتماد على استغلال شبكة الطرق الحالية والمستحدثة، والتي أقرت كفاءتها لعشر سنوات قادمة دون المساس بالجبانات التاريخية، مع وضع رؤية لاستغلال الموقع للسياحة الدينية والثقافية.