هشام الحمامي يكتب: المقاومة تقول: لن أمر بجانبك.. سأمر من خلالك!

ذات مصر

من كان يتخيل أن إسرائيل التي أسست في عام 2016م جهازا هدفه (محاربة نزع الشرعية عن إسرائيل) باعتباره خطرا استراتيجيا، يمكن أن يؤدي مستقبلا إلى عزلة دولية، تواجه اليوم ما تواجهه في العالم كله وليس في الغرب وأمريكا فقط. 

تقول الحكاية أنه من 7 سنوات بالتمام والكمال قال تسفي هاورز (56 سنة) رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (سابقا): أن إسرائيل الآن في خضم معركة دولية على (الوعي)، وفي مواجهة حرب استنزاف تهدد أمنها وأرصدتها الاستراتيجية. 

وقال أيضا: إن الخطر الأساسي لفكرة نزع الشرعية هذه، هي النجاح في الحصول على دعم جماعات في الغرب لديها أفكار معتدلة!

الرجل يصف بدقة ما يحدث الآن فى الغرب!! وهذا قد يكون مفهوم عمليا فـ(يكاد المريب يقول خذوني)... لكن هذا ليس كل شيء.. 

***

إذ إن (هاورز) أصلا قانوني ضليع.. وأحد أهم من يكتبون دائما في يديعوت أحرونوت عن (فلسفة الدولة اليهودية). وهو بالطبع أكثر من يعرف أن (الدولة اليهودية) مجرد كذبة تاريخية يرفضها حتى اليهود أنفسهم.. كما قال لنا الدكتور المسيري رحمه الله. 

وبالتالي فليس هناك أي شرعية من أي نوع لأشهر أكذوبة في العصر الحديث، ويوما ما ستظهر الحقيقة.. هكذا تقول حكايات الدنيا والناس.. والرجل بالكاد فقط يحاول تأخير ظهور تلك الحقيقة.  

***

لكن كيف سيكون ذلك مفهوما الآن بعد ما أبت الحقيقة طول اختفاء، وظهرت في عز الظهر من وراء قفاه. 

أتصور لو أني مكانه، وفي هذه الأيام تحديدا.. لغادرت إسرائيل فورا وذهبت إلى مؤسسة (تكوين الفكر العربي) كي أناضل معهم.. 

وقتها كان سيحتفى به (المؤسسون) بأضعاف ما ظهر في صورتهم الشهيرة التي زعلت الأستاذ جمال مبارك. 

***

ليس فقط لأن (عاموس يدلين) رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق في الفترة (2006-2010)، كان قد سبقه في طرح مخاوفه هذه من قبل.. 

وقال في حفل تقاعده من 14 سنة مضت: (من سيقودون الولايات المتحدة بعد 20 سنة يتعلمون اليوم في الجامعات التي تدور فيها دعاية معادية لإسرائيل، وهذه مسألة خطيرة).. 

أهلا وسهلا.. هو حضرتك لسه شفت حاجة. 

وذكر في كلمته نقلا عن الجهاز الاستخباراتي في فرقة 8200 (المتخصصة في التجسس الإلكتروني) والتي يقبع عدد محترم من كبار قادتها ضيوفا لدى (حماس): أنه يتعين على إسرائيل أن تنشئ وحدة تضم آلاف الأشخاص التي تعمل في (الحرب على الوعي) بمختلف اللغات وعلى مختلف الجبهات. 

لكن الرجل سيضيف لنا بكل صراحة شفوفه عن ذاك الذي هو أخطر ما يتوقعونه بالنسبة لمستقبل المنطقة.. وللطرافة الطروفة أن أحد مؤسسي (تكوين) قاله من يومين فقط وليس من 14 سنة كما قال عاموس. 

ماذا قال عاموس...؟ قال إن مواجهة (الإسلام المحافظ) في المنطقة يجب ألا تكون بواسطة القدرة العسكرية فقط، بل كذلك بوسائل متعددة المجالات.. يا راجل...؟ مش تقول كده من بدري.. لكن للأسف أنت مجرد رومانتيكي تافه.. ومن أصحاب الرؤوس الصغيرة.. ووجهك وأنفك مضغوطان على واجهه زجاجية لمحل حلويات.. كما تقول الحكايات..

لأنك ستبوء بكل خيبة خيوبة عما قريب جدا.. فلن تنال شيئا.. عليك فقط أن تضغط أنفك أكثر وأكثر.. وها قد رأيت بعد مرور 14 سنة. 

صحيح المنطقة كلها ذهبت إلى توقعاتك.. لكن (العزيز الحكيم) أراد للأمة كلها ما هو أكثر خيرا.. بل لكوكب الأرض كله.. فالمراجعات العميقة لكل ما كان من أشخاص وأفكار وأحداث على قدم وساق فى كل مكان كان. 

على فكره كل ما ذكره عاموس سابقا.. نقلته عنه جريدة النهار الكويتية (20/11/2010م) 

***

لكن من ذا الذي سيتحول تفاؤله الواضح.. إلى يأس مساوى له في الوضوح؟ إنه شامخ الأنف عظيم اللغد.. السناتور الجمهوري (ليندسي جراهام/69 سنة) الذي استدعى عدد من قادة وزارة الدفاع في أمريكا.. وللصدفة السعيدة كانوا كلهم من ذوي البشرة السوداء!

ويسأل: هل تعتقد أننا كنا مصيبين في إسقاط قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين؟ إسرائيل تعرضت لهجوم من إيران وحزب الله وحماس.. يريدون تدمير (الدولة اليهودية)، الوضع الآن أضعاف ما كان وقت هيروشيما وناجازاكي.. سعادة السيناتور(التختوخ) يريد من وزير الدفاع أن يطلب من بايدن السماح له بعمل شبيه بذلك الذي حدث في هيروشيما وناجازاكى. 

***

جراهام لا تعنيه مصالح ومستقبل بلاده أمريكا (مثل كل النخبة الحاكمة) ولا مصالح الشعب اليهودي (مثل كل المنظمة الصهيونية). 

وهو بحديثه هذا لا يعرف شيئا عن (الخطة الخبيثة) التي ورطت اليابان في ضرب (بيرل هاربر) 1941م وجعلت تشرشل رئيس وزراء بريطانيا يرقص فرحا _كما قيل _ وترتب عليها ضرب هيروشيما وناجازاكى بالقنبلة النووية.. هو كليا وفعليا.. لا يهتم بهذه التفاصيل التي صنعت تاريخ العالم بعد الحرب العالمية الثانية. 

وأتصور أنه هو و(نخبة الحكم الأمريكية) معنيون أكثر بما سنعرفه عنهم من أسرار فاضحة، بعد انتهاء هذه (الحرب التاريخية). 

***

بعد 8 سنوات من هذا التحذير الطريف لهاورز سيرى العالم كله (جلعاد أردان) مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة وهو يمزق نسخة من ميثاق (الأمم المتحدة) اعتراضا على اعتماد الجمعية العامة بموافقة الأغلبية (143 صوت) على قرار بأحقية دولة (فلسطين) بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. ورفع صورة (الحاج يحيى) قائلا إن هذه صورة من سيكون رئيسا لدولة فلسطين.. ويبدو أنه معجب بشدة بتلك (الطلَة الأخَاذة) لصاحب الصورة (قلب الولي وعقل الداهية) إذ كان قد رفعها أيضا في ديسمبر الماضي. 

حين قدمت مصر طلبا للأمم المتحدة بوقف إطلاق نار إنساني، وكتب تحت الصورة رقم تليفون وقال: من يريد وقف إطلاق النار يتصل بهذا الرقم ويطلب من صاحبه تسليم سلاحه، ويسلم نفسه وإعادة الأسرى وستحصلون على وقف إطلاق نار فورا وللأبد.. وعلينا ألا ننسى أن هذا الكلام كان من 6 شهور!

***

ستأتي بعد تلك الشهور الشهيرة صحيفة نيويورك تايمز الأميركية والمعروفة بارتباطها بالمنظومة الصهيونية الدولية وتقول لنا الأحد الماضي 12 مايو عن صاحب الصورة: رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، لم يظهر كقائد قوي الإرادة فحسب بعد 7 شهور من الحرب، بل كـ(مفاوضٍ داهية) نجح في إحباط انتصار إسرائيلي في ساحة المعركة.

(لاحظ كلمة انتصار!!).. ومتى؟؟ في الوقت الذي سيعلن فيه الجيش الإسرائيلي عن إصابة 50 جنديا خلال 24 ساعة الماضية (السبت 11 مايو). 

***

سيفسر لنا الراحل الكبير إدوارد سعيد في كتابيه الرائعين: (الاستشراق) و(الثقافة والإمبريالية) الذين صدرا في 1978م كل هذا الجهل الاستعماري المتغطرس بمعرفة الواقع، والذي كان يتغير في(غزة) أمام أعين الجميع في إسرائيل والغرب ولكنها، وكما نعلم كانت (أعين لا يبصرون بها). 

***

لقد قررت (حماس) بكل ما احتوته في كيانها ووجودها ووجهتها التي توجهت بها إلى (فاطر السماوات والأرض) من إخلاص وحب وتجرد وشجاعة وصدق خالص مصفى من أي شائبة من شوائب الغرض الرخيص.. أن تغير كل ذلك.. ولله عباد إذا أرادوا أراد.. وقد تغير.. ونفذت من خلالهم.. ومن قلب قلبهم. 

تأخرت أستبقى الحياة فلم ** أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدم. 

إنهم فتية الأنفاق.. أهل اليقين.. الذين صفى نبعهم وطاب.