أحمد سراج يكتب: حزب الله وهدهده وريحه.. مهرب لإسرائيل أم الضربة القاضية لأسطورتها

ذات مصر

 ما الذي عاد به الهدهد؟

(1)

"لقد فشلنا وعلينا أن نعتذر" هكذا صرح وزير حكومة الحرب غانتس قبل أن ينسحب، ويعقبه آيزنكورت، "الآن وبعد ثمانية أشهر فقدنا دعم العالم، لقد وُضعنا في القائمة السوداء مع حماس، في مجموعة أوامر اعتقال وحظر اقتصادي، وقد حصلنا على ذلك بجدارة"  اللواء الإسرائيلي  إسحاق بريك، "يجب ألا تكون هناك حرب أهلية بين الأشقّاء، الانقسام ضعف، والوحدة شرط للنصر" وهكذا صرح نتنياهو تعليقًا على المظاهرات التي تطالب بإسقاط حكومته، وبتنا كل ساعة أمام تصريحات لكثير من قادة إسرائيل والغرب أن طوفان الأقصى قد أذل إسرائيل بما فيه الكفاية، وأنه حتى لو استطاعت القضاء على حماس والقبض على السنوار والضيف وهنية وكل رجالها؛ فلن يمحو هذا أثر ما قاموا به.. ومع هذا تلجأ إسرائيل إلى تصعيد كبير مع حزب الله، يبلغ ذروته في اغتيال عدد من كبار قادته، وفي أنها تستعد لحرب مفتوحة ضد لبنان.

(2)

لكن السياسة الأمريكية التي انكشفت أمام الرأي العام العالمي، أرسلت مبعوث بايدن "عاموس هوشستين" ليمنع إسرائيل من هذه الخطوة، وقال غانتس خلال اجتماعه مع المبعوث:  "إن مهلة التوصل إلى اتفاق بشأن التوترات على الحدود مع لبنان بدأت في النفاد" الغريب أن غانتس الفاشل (بتعبيره واعترافه) يهدد بضرورة إزالة خطر حزب الله، لكن هذه الغرابة تقودنا إلى فهم للموقف الإسرائيلي إلى حد بعيد.

(3)

يمكن تقسيم تصريحات نتنياهو تعقيبًا على مظاهرات الثلاثاء 18 من يونيه 2024م إلى قسمين؛ الهامش: مواجهات إسرائيل في الجنوب والشمال (حماس) والشرق (حزب الله، أو وفق تعبيره هو إيران). والمتن: التخويف من حرب أهلية.

نتنياهو لا يخشى المظاهرات بقدر ما يخشى من تنامي حظوظ غانتس فتى أمريكا الذي تراهن عليه، ومن يقرأ تصريحات الاستقالة يجد أنه يركز على أن نتنياهو هو العقبة في طريق الانتصار.. لكن نتن لن يقول هذا، بل سيلوح بما يلوح به الطغاة دائمًا: الفوضى..

لكن المتن الذي يطبق على نتنياهو يدفعه إلى إيجاد مخرج؛ لذا فهو يلوح بقرب تحقيق أهداف الحرب في رفح، وهو ما ينفيه معظم من حوله، فكل يوم لا تكسب إسرائيل إلا مزيدًا من الخسارات خصوصًا مع إتقان حماس لحرب العصابات وقيام "محور المقاومة" بعمليات إسنادية بالغة التأثير خصوصًا من لبنان واليمن.

(4)

الجميع الآن ينتظر ماذا ستفعل إسرائيل مع حزب الله، لا تتوقف التصريحات والجولات المكوكية الأمريكية الرامية إلى إيقاف إسرائيل عن القيام بحرب شاملة ضد حسن نصر والذين معه.. وهذا يقودنا إلى سؤالين: لماذا تندفع إسرائيل إلى حرب شاملة؟ ولماذا تحاول أمريكا تحديدًا إيقافها؟ عن السؤال الأول: أظن أن إسرائيل تريد توسيع الحرب للتغطية على فشلها، ولكسب ما خسرت من دعم استعماري، وأنها تريد دفع أمريكا إلى الدخول في الحرب بصورة أوضح، إنها تريد حرب شاملة، وعن السؤال الثاني: فحزب الله لم يلتق بإسرائيل في معركة إلا خرج منها منتصرًا، وأمامنا معركتان: خروج إسرائيل من لبنان بعد اثنين وعشرين عامًا في 25 مايو 2000، وهزيمته في حرب الثلاثة والثلاثين يومًا 2006، إضافة إلى أن إسرائيل غير قادرة على الانتصار في أي معركة طويلة الأجل، قصاراها هي الاستمرار، ونجاحها لا يعني إلا قتل الأطفال والشيوخ والنساء.

(5)

 في هذه الأثناء وبتوقيت مختار بعناية أعلن حزب الله عن تدميره ميركافا بمسيرة، ثم نشر  مقطعًا مصورًا،  يتضمن مواني بحرية ومطارات في مدينة حيفا، جمعته طائرة مراقبة تابعة له أطلق عليها اسم طائر الهدهد  مع  تهديدات إسرائيلية بالتصعيد في حال فشل التوصل إلى حل سياسي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لإنهاء الحرب في جنوب لبنان.

المقطع كانت مدته 9 دقائق و31 ثانية، وفيه وثقت الطائرة المراقبة التابعة له؛ مشاهد لمنشأة صناعات عسكرية تابعة لشركة «رافايال» لتطوير أنظمة الدفاع الجوي، ومرفأ حيفا المدني والعسكري، ولمنشآت لوجيستية تابعة للمرفأ، وحاويات نفط ومواد كيميائية، كما تضمن صورًا لسفن عسكرية وتجارية، فضلاً عن مجمعات تجارية ومجمعات سكنية في منطقة الكريوت التي قال إنها تضم 260 ألف نسمة، تقع جميعها في محيط مدينة حيفا التي تقع على بعد 27 كيلومتراً من الحدود اللبنانية.

(6)

هذا النفس الهادئ والتلاعب المؤلم يقودنا إلى أن نزن الأمر كالتالي: "يظن بعض قادة إسرائيل أن حربها ضد حزب الله ستعطيها فرصة لالتقاط الأنفاس، فيما يرى كثيرون  داخل إسرائيل وخارجها أن هذه الحرب ستكون الضربة القاضية لأسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وتحويله إلى الجيش الذي لا يهش ولا ينش". هذا ما عاد به الهدهد..