هشام الحمامي يكتب: مهما فعلت.. (مستقبلي ورائي) يا جاهل! 

ذات مصر

تعلم الدنيا كلها أن تاريخ إسرائيل في المنطقة العربية من بداية الهجرات اليهودية في القرن الماضى، ارتبط ارتباطا شديدا بكلمة(مذبحة) وهى الكلمة التي فيها من الدلالة ما يكفى، لتوضيح معانيها الكامنة فيها.. 

والمختصون بتاريخ القضية الفلسطينية رصدوا وسجلوا ووثقوا كل المذابح التي قام بها الغرب، في هذه الأرض المباركة، تمهيدا لإخلائها من سكانها الأصليين، وإحلال سكان جدد له في وجودهم مصلحة كبرى. 

من ساعة دخول اللورد اللنبى (الإنجليزي) سنة 1917م، إلى الساعة التي تسلمت فيها إسرائيل قنابل الـ( جيدام) من بايدن (الأمريكي) وضربت بها تجمعات الفلسطينيين العزل، في المواصى أول أمس السبت 13/7/2024م. 

***

لا أتصور أنهم يقومون بعملية إبادة بالمعنى التاريخي الذى رأيناه في أمريكا وأستراليا، والدكتور عبد الوهاب المسيري شرح لنا سبب عجزهم عن ذلك، وإن كان من أعظم أمانيهم.

كما لا أتصور انهم كانوا يقصدون الوصول إلى (أبو خالد) الحاج محمد الضيف، ليس فقط لأنهم حاولوا وفشلوا عدد من المرات، بطريقة تجعل أي عاقل لا يكرر المحاولة. 

***

وسيكون هاما هنا تذكر الرجل الجاهلى البسيط (سراقة بن مالك) الذى كان يتتبع خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ليبلغ به قريش يوم الهجرة.. 

ووجد نفسه عاجز عن مهمته بطريقة ملفتة للنظر، ففهم أن الموضوع أكبر من البشر وقدرات البشر فقرر الرجوع فورا .. وأسلم بعدها رضى الله عنه.

***

ولمزيد من الفهم هنا.. سيكون أمرا  هاما ، وجدا جدا ،أن نتذكر المقولة الشهيرة لدانى ياتوم (79 سنة) رئيس الموساد الأسبق، والذى قال في مقال مبكر بعد(الطوفان) 31 أكتوبر.. كلاما يفهم منه، نفس الفهم الذى كان قد ألتقطه فورا (سراقة بن مالك).. وشتان بين الإثنين .!

ماذا قال دانى من عشرة شهور..؟

قال: ما الذي يحدث؟ هل تخلى عنا رب موسى وهارون؟ لا أفهم ماذا يحدث، وأضاف: هناك قوة خفية تساعدهم، وتحارب معهم، وكأن لديهم قمر صناعي! 

قائل هذا الكلام، درس الفيزياء والكمبيوتر، وكان رئيس الموساد من 1996/1998م ، وبعدها فورا عمل مستشارا أمنيا لـ(إيهود بارك/82 سنة )عاشر رئيس وزراء لإسرائيل .. ووزير دفاعها الأكثر شهرة. 

***

حديث رئيس الموساد الأسبق يشير إلى أن ما يجرى في غزة من صباح 7 أكتوبر وإلى اليوم، حدث يجرى على الأرض، لكنه موصول وصلا متينا بالسماء ..بقدرة الواحد القهار..

على أن المسألة لا تقف فقط عند تصريح الرجل الفيزيائي المخابراتى فقط، فنحن نرى ونسمع من (الأبطال) ما يقول لنا قولا مؤكدا، أنهم قاموا بما قاموا، في سياق المعنى الواسع للإيمان بالله واليوم الأخر والبعث والحساب 

و تصديقا ويقينا بما ورد في القرآن الكريم، خاصة في سور: آل عمران و الأنفال والتوبة .. 

سواء في آيات العبر والاعتبار (قتال يوم بدر وأحد..) أو في آيات الأمر الإلهي إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين والى يوم البعث والدين، تسليما وتأكيدا، لكل ما هو راسخ في أعماق القلب والعقل.

***

صحيح هم فلسطينيون حتى سابع جد، وهذه أرضهم وديارهم، وصحيح هم حركة مقاومة وتحرير إنسانية، تنظيما وتخطيطا وتنفيذا، ويعيشون في مجتمع زمانهم .

لكن الأصح، أنهم وضعوا كل ذلك في (مكانه الصحيح) تماما من نفوسهم وضمائرهم.  

وفى (مكانة الصحيح) تماما من تاريخهم وتاريخ أمتهم.     

وفى (مكانه الصحيح) تماما من النظر والتقدير لطبيعة العدو الذى يواجهوه، مباشرة على أرض الميدان المباركة، في فلسطين (العدو الصورة)..

أو بشكل غير مباشر، على أرض التاريخ الممتد مع (العدو الأصل) الغرب الأورو/ أمريكي. 

***

وهو ما كان إيذانا بإحياء جديد، لحالة كانت غائبة ومٌغيبة عمدا، خافية ومٌخفاه عمدا، محصورة ومٌحاصرة عمدا.

والعمد وسبق الإصرار والترصد هنا أشهر وأوضح من الجدل والنقاش حوله.. وموضوعه التاريخ على أي حال ، ولدينا ما يكفي منه لتفسير تطوره.

وهو تاريخ حي وقريب وموصول .. 

فثورة 1920م كانت موصولة، بثورة البراق 1929م ، وكانت هي أيضا موصولة بثورة عز الدين القسام 1935م، وهي أيضا كانت موصولة بثورة فلسطين الكبرى 1936م (أمين الحسيني).                   

وموصولة أيضا بالثورة الفلسطينية المعاصرة (حركة فتح وعملية عيلبون يناير 1965م) .. ولكن ..! 

ولكن هنا سيكون الوصل منقوصا لماذا؟ لأنها كانت في (الستينيات) الشهيرة بأفضح وأفدح خطأ تاريخي، أصاب الأمة كلها في الصميم، وهو الخروج عن النص الأصلي الصحيح للموضوع ، والانخراط الساذج في فوضى السياسات الكبرى التي بدت براقة وقتها، وسرعان ما ساءت وأساءت ..وسرعان ما أصبحت وهما وسرابا.. 

وآه .. لو ندرك أشكال النفس، كما ندرك أشكال الهندسة، لما عانينا مع العقول الضيقة، كما قال لنا الأديب الفرنسي (اناتول فرانس).

***

فقد بدأت فورا الإملاءات العنيفة بنصوص أخرى، استبدالا لما هو أصل (تزوير وتزييف؟)، ولما هو صحيح (انحراف وجهل؟) ...         

وسردا خطيا للأحداث وبخطوات هادئة متمهلة، على هذا الخط التاريخي، من هزيمة 5 يونيو 1967م .. إلى أوسلو 13/9/1993م .. 

ستجد أن التتابع والترتيب في أبرز أحداث هذا الخط كان ترتيبا منسقا مقصودا ومتصلا. 

***

كل هذا ورغم فداحته وخباثته لا يهم..!!  نعم لا يهم الأن .. لماذا؟ 

لأن الطوفان جاء ..  وأعاد ترتيب كل شيء، على ما كان ينبغي أن يكون عليه .

وتم كشف وتعرية كل ما كان من أحداث الخروج عن (النص الأصلي) لوقائع وواقع الحال.. 

والرائع أنه حين جاء.. لم يتهم أحد ولم يهاجهم أحد ولم يشتم أحد، وهذا من روائع روائعه ..

هو فقط(عرف)..أنه مدعو بقوة لأداء دورة التاريخي .. الشاهد والشهيد. 

فلبى الدعوة بكل قوة، وبكل وعى، وبكل إعداد مما أستطاع ..                                                       

فكانت منه وبه وله ولنا (الفئة القليلة) ذات الشهرة الكبيرة في الثقافة الإسلامية .. والتي ستغلب بإذن الله..( الآية 429/ سورة البقرة).

هذا وعد الله .. ووعد الله حق (الآية 60/ سورة الروم).

***

فيا من يعادينا، وما لنا ذنب إليه، غير أحلامنا..     هذه رحيق، ما لها كؤوس، فكيف نسقيها للوامنا.