مغارة رؤساء وأعضاء الاتحادات الرياضية المصرية تلتهم أموال اللاعبين.. هروب بغدودة لن يكون الأخير

المصارع أحمد بغدوة
المصارع أحمد بغدوة

أعادت قصة هروب لاعب منتخب مصر للمصارعة الرومانية، أحمد فؤاد بغدوة، من معسكر الفريق خلال بطولة إفريقيا التي أقيمت ببطولة تونس، بعد ساعات من حصده الميدالية الفضية وزن 63 كيلو جرام، الحديث حول انتشار الفساد في الاتحادات الرياضية المصرية خصوصًا الفردية منها، والتي لا تتمتع باهتمام جماهيري.

اختفاء بغدوة 

بغدوة اختفى فجأة من مقر إقامة المنتخب في تونس، قبل يومين تقريبًا ليعلن الاتحاد بعد ساعات بيانًا صحفيًا، أشار فيه إلى أنه يدرس حاليًا اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي تحفظ للاتحاد كافة حقوقه في هذا الأمر.

وأشار الاتحاد المصري للمصارعة، إلى أنه تواصل مع الاتحاد الدولي بشأن عمل كافة الإجراءات بما يضمن استمرار اللاعب ضمن صفوف المنتخب المصري، وفقاً للوائح القانونية للاتحاد المنظمة لذلك.

قصة هروب بغدوة ليست الوحيدة في اتحاد المصارعة، فسبقه عديد اللاعبين المصريين، أخرهم المصارع محمد عصام فتحي، لاعب منتخب المصارعة تحت 17 سنة، أثناء مشاركته في معسكر الاتحاد الدولي المقام بإيطاليا.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضية المصرية، في أغسطس الماضي، فتح تحقيق عاجل في الواقعة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد اللاعب، لكن رغم مرور أكثر من 9 أشهر على الواقعة لم تكشف الوزارة تفاصيل وملابسات الواقعة، وأسباب هروب اللاعبين المتكررة من المنتخب.

شقيقان يهربان في عامين

وسبق بغدوة وعصام في الهروب، الشقيقان أحمد حسن وحسن حسن، ففي عام 2017 تفاجأت بعثة منتخب المصارعة أيضًا خلال تواجدها في فنلندا للمشاركة بمنافسات بطولة العالم، باختفاء اللاعب أحمد حسن، بعد حصوله على جواز سفره من غرفة المدير الفني، ليفر هاربًا إلى السويد لدى أحد أقاربه.

وبعد عامين من الواقعة، وبالتحديد في عام 2019 هرب شقيقه حسن حسن أيضا خلال بطولة العالم التي أقيمت بالمجر، بعد حصوله على جواز سفره هو الآخر بطريقة مختلفة، ورغم كل تلك الأعوام لم يكشف الاتحاد أو وزارة الرياضة سبب هروبهما وأي تفاصيل عنهما حتى الآن.

واقعة هروب الشقيقين سبقها بأشهر قليلة، مغادرة لاعب منتخب المصارعة طارق عبدالسلام، إلى بلغاريا بعد رفض الاتحاد تحمل نفقات علاجه، ليهاجر إلى هناك ويعمل في مطعم شاورما قبل أن يحصل على الجنسية البلغارية ويتوج بالميدالية الذهبية في بطولة أوروبا، ليلقب بـ«بطل الشاورما».

4 آلاف جنيه في 12 عامًا

الحالات السابقة كانت في اتحاد واحد فقط، وتناسها الجميع للأسباب مختلفة، لكن قصة بغدوة الأخيرة فتح الحديث عن فساد الاتحادات الرياضية في مصر، فكشف سكرتير الاتحاد المصري للمصارعة، محمود السيد، في تصريحات تلفزيونية، إن اللاعب يحصل على دعم كبير، مثل جميع اللاعبين في الاتحادات الفردية حاليًا.

وأوضح أن اللاعب حصل على دعم كبير خلال العام الحالي، وأنه كان يحصل على مرتب من أكثر من جهة، متابعًا: «كان يحصل راتب شهري من الاتحاد، وراتب شهري ثابت من المشروع القومي الأوليمبي، بإجمالي 7 آلاف جنيه، بخلاف العمولات والبطولات والرعاية، وهذه أرقام كبيرة بالنسبة للألعاب الفردية».

تصريحات سكرتير الاتحاد، لم يفوتها والد بغدوة، والذي أكد أن نجله لم يحصل على أي أموال من اتحاد المصارعة منذ انضمامه له قبل نحو 12 عامًا، منوهًا بأن نجله خصص له نحو 15 ألف جنيه من المشروع القومي للبطل الأوليمبي، ولم يحصل منهم سوى على 2200 جنيه بدعوى أن الفارق في المبلغ خصم كضرائب.

اتهامات الفساد التي لاحقت اتحاد المصارعة على مدار السنوات الماضية، والحديث عن استيلاء رؤساء وأعضاء الاتحاد على مستحقات اللاعبين وعدم توفير الدعم اللازم لهم لم يعلن فيها توجيه اتهام لأي مسؤول، واكتفي بالإعلان عن فتح تحقيق دون الإعلان عن نتائج التحقيق والإجراءات التي ستتخذ في هذا الشأن.

فساد الشطرنج

اتهامات الفساد لا تقتصر على اتحاد بعينه، بل تمتد إلى أغلب الاتحادات تقريبًا، فالنائب العام المستشار حمادة الصاوي، أمر بفتح التحقيق في بلاغين ضد مؤمن أحمد محمد شفيق عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للشطرنج، والذي يتهمه فيهما بارتكاب مخالفات مالية وإدارية ومخالفة اللوائح والقوانين التي توجب عزله من منصبه.

وبين البلاغ الأول أن المشكو في حقه بصفته موظفا عاما باعتباره عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للشطرنج، وعينه الاتحاد مديرا لبطولة الأندية العربية للشطرنج المقامة في القاهرة في الفترة من 18 وحتى 22 نوفمبر 2022، استبعد المرشح للمركز الأول للحصول على المركز الأول بالبطولة وهو نادي إيسترن كومباني بطل الدوري المصري لأكثر من عشرين عاما متتالية.

وأشار إلى أن ذلك لتجنيبه وإتاحة الفرص للأندية العربية المشاركة في الحصول على مراكز متقدمة بالمخالفة للوائح والتعليمات والقوانين المنظمة لذلك الشأن وهو ما حدث بالفعل من حصول أندية عربية أخرى على مراكز متقدمة بالبطولة.

كما جاء في البلاغ الثاني أن المشكو في حقه خالف اللوائح المالية بالاتحاد المصري للشطرنج والمعمول بها في التعاقد على فندق إقامة الفرق المشاركة ببطولة الأندية العربية من وجوب وجود ثلاثة عروض مالية للتعاقد يتم التعاقد عليها للأفضل فنيا والأقل سعرا، وهو ما لم يحدث.

تزوير واختلاس في رفع الأثقال

وعلى وقع قضية الفساد الشهيرة لاتحاد رفع الأثقال في عام 2020، والتي أدت لوقف الاتحاد المصري لمدة عامين، كشف بعض لاعبي المنتخب في تحقيقات النيابة عدم صحة التوقيعات المنسوبة لهم بصرف مكملات غذائية لهم من قبل الاتحاد.

وذكر بعض اللاعبين في التحقيقات، أنهم كانوا يشترون المكملات الغذائية على نفقاتهم الخاصة، وعندما كانوا يواجهون أعضاء بالاتحاد أو المدرب بالأمر، كانوا يعللون بأن المكملات الخاصة بهم لم يتم توفيرها بعد.

وكشفت التحريات أن المكملات الغذائية كان المتهمون المحبوسون في القضية يوقعون زورًا بصرفها ويبيعونها خارج الاتحاد وفي المراكز الرياضية الخاصة.

وأضاف اللاعبون في التحقيقات أنهم كانوا يوفرون على نفقاتهم الخاصة كل شيء، من أماكن تدريب، وأغذية، ومكملات غذائية، وإقامة، وتنقلات، في الوقت الذي كان فيه المسؤولون يصرفون مخصصات مالية للاعبين بعد التوقيع زورا بأسمائهم في كشوف الاتحاد المصري لرفع الأثقال.

وكشف عدد من اللاعبين عن أن تلك الوقائع التي تحقق فيها النيابة والتي تعود إلى عام مضى لم تقتصر على الوقت الحالي فقط، فقد ذكر لهم لاعبون سابقون في الاتحاد أن عمليات الفساد وصرف مستحقات اللاعبين دون علمهم تجرى منذ أكثر من 6 سنوات.

وكلفت النيابة، مباحث الأموال العامة، بالتحري عن شبهة وجود جرائم أخرى تتعلق بالفساد والتزوير في سنوات سابقة على الفترة التي تحقق فيها النيابة العامة من عدمه، واستدعاء القائمين على عمليات صرف نفقات اللاعبين والمكملات الغذائية الخاصة بهم.

وتسلمت النيابة تقرير الإدارة العامة لمباحث التزييف والتزوير، والذى أكد تورط المدير الفني ومساعده في تزوير توقيعات اللاعبين للحصول على مكملات غذائية دون علمهم.