القمة الروسية الأفريقية.. بوتين يتغنى بالماضي ويتحدث عن «الغرب القبيح».. ويعد بإنهاء معاناة القارة

القمة الروسية الأفريقية
القمة الروسية الأفريقية

جاءت القمة الروسية الأفريقية، في مدينة في مدينة سان بطرسبرغ، خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين، مختلفة عن سابقتها التي عقدت عام 2019، في ظل العزلة المفروضة على موسكو بعد هجومها على أوكرانيا وفرض مئات العقوبات، خصوصًا مع حرص قادة أفريقيا جميعًا تقريبًا على الحضور.

أنهى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والزعماء الأفارقة، مساء أمس الجمعة، القمة بتوجيه رسائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، والحديث عن زيادة دور الاتحاد الأفريقي دول القارة السمراء في المحافل الدولية الكبرى ومنحهم حقوقهم المسلوبة ورفع الظلم عنهم، وبإطلاق وعود عن مساعدات جديدة من موسكو لدول القارة السمراء.

روسيا المساند التاريخي

الرئيس الروسي، حاول خلال جلسات القمة على مدار اليومين الماضيين على تقديم بلاده للدول الأفريقية في ثوب المساعد المنقذ، مستندًا على مواقف الاتحاد السوفيتي السابق في مساندة الدول ضد الاستعمار والاستبداد.

لم يكن بوتين الوحيد الذي يلقي الضوء على هذه النقطة، فتحدث رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستان آركانج تواديرا، عن مساعدة موسكو لبلاده خلال السنوات الماضية للحفاظ على ديمقراطيتها وتجنب الحرب الأهلية -في إشارة إلى الحرب الأهلية التي اندلعت هناك منذ عام 2012 واستمرت حتى 2018.

وقال رئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس جزر القمر، غزالي عثماني: «إذا ربحت روسيا فقد ربحت أفريقيا، فالعلاقات الروسية الأفريقية كبيرة وممتدة، وعند الشدائد يعرف الأصدقاء، ففي مرحلة الاستعمار التي شهدتها دول أفريقيا وجدت بجانبها دولة روسيا لتدعمها في الخلاص من ذلك الاستعمار».

وأضاف رئيس جزر القمر في كلمته: «روسيا من أوائل الدول التي قدمت دعما ضد العبودية والاستعمار، ولدينا علاقات تاريخية تمتد لعقود، وحان الوقت لإعطاء زخم إضافي إليها لنمضي قدما للأمام».

الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري، رئيس جمهورية الكاميرون بول بيا، ورئيس جمهورية أوغندا يوويري موسيفيني، والرئيس الانتقالي لجمهورية مالي العقيد أسيمي غويتا، وغيرهم، تحدثوا أيضًا عن الدعم الذي قدمه الاتحاد السوفيتي لمساعدة بلادهم في حروبها ضد الاستعمار.

موسكو تذكر بمساعداتها لأفريقيا

وفي رسالته الترحيبية للمشاركين في القمة، شدد بوتين، على تمسك روسيا بمواصلة تطوير العلاقات مع البلدان الإفريقية والعمل على تحفيز التجارة والاستثمار معها ومساعدتها في مكافحة الفقر.

ولم يفوت بوتين الفرصة، وأخذ في ذكر العديد من المساعدات وسبل التعاون الثنائية بين بلاده ودول القارة السمراء، فتحدث عن التدريبات العسكرية المشتركة، وتزويد الدول بالسلاح، فضلًا عن شطب 23 مليار دولار من الديون خلال فترة جائحة كورونا.

وشدد الرئيس الروسي، في كلمته على أن القمة التي جرت يوم أمس الخميس تدل على أن روسيا وإفريقيا يريدان توطيد تعاونهما في عدد من القطاعات، متابعًا: "لدى رجال أعمالنا ما يعرضونه على زملائهم في أفريقيا".

حرب الحبوب والغرب القبيح

زعماء القارة السمراء، استفاضوا في الحديث حول المخاطر والأضرار التي تواجه بلادهم في ظل انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب قبل نحو شهر من الآن، وعن مدى تضررهم من ارتفاع أسعار الحبوب والأسمدة، مطالبين موسكو بإيجاد حل للأزمة

الرئيس الروسي، أعلن أن بلاده ستقدم خلال الأشهر المقبلة شحنات مجانية من 25 إلى 50 ألف طن من الحبوب لبوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا، على خلفية قلق دول أفريقيا من توقف اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود.

وأكمل: "سنزيد من إمدادات الحبوب، في العام الماضي كان حجم التصدير للحبوب 11 مليون طن، والنصف الأول من هذا العام بلغ حجم الإمدادات 10 ملايين طن،  على الرغم من كل العقوبات غير الشرعية ضدنا".

وكرر الرئيس الروسي على مدار يومي القمة حديثه حول أن الغرب هو من يتسبب في أزمة الحبوب، قائلًا: "الغرب هو من يعيق تنفيذ مبادرة الحبوب رغم التزامنا التام بها"، مشددًا على أن العقوبات الغربية يجب ألا تشمل توريد الحبوب.

استقطاب الأفارقة في «حرب أوكرانيا»

القمة الروسية الأفريقية، تعد محاولة من موسكو لجذب الدول الأفريقية إلى صفها في ظل العقوبات الغربية عليها بعد اجتياحها الأراضي الأوكرانية قبل نحو عام ونصف من الآن، وعزلها دوليًا بالعديد من القرارات الصادمة عالميًا.

فتحدث بوتين عن أن روسيا متضامنة مع الدول الأفريقية نحو عالم متعدد الأقطاب وترفض استغلال المناخ وحماية حقوق الإنسان لأغراض سياسية وتعارض سياسة "القواعد بدلا للقوانين" التي يفرضها الغرب، مشددًا على أن أفريقيا ستصبح أحد الشركاء الرئيسيين لروسيا "في عالم جديد متعدد الأقطاب.

وأشار الرئيس الروسي إلى أن بلاده على استعداد لدراسة مقترحات خاصة بتوسيع تمثيل أفريقيا في هيئة الأمم المتحدة بما في ذلك ضمن سياسة إصلاح مجلس الأمن الدولي، منوهًا بأن بلاده تنظر إلى الاتحاد الإفريقي "كمنظمة إقليمية رائدة تشكل بنية أمنية حديثة في القارة وتهيئ الظروف لضمان مكانة لائقة لأفريقيا في نظام العلاقات الاقتصادية العالمية".

وعبر البيان الختامي لقمة روسيا - أفريقيا عن رفض المشاركين لسياسة العقوبات الأحادية، والعقوبات الثانوية، وتجميد أرصدة الذهب والاحتياطيات النقدية، ورفض أساليب الابتزاز السياسي الذي يُمارس ضد قيادات الدول الثالثة، لإجبارها على الانضمام لسياسة العقوبات، أو للتأثير على المسار السياسي والاقتصادي للدول.

وجاء في نص البيان الذي نشره موقع الكرملين: "نعارض استخدام سياسة العقوبات الأحادية غير المشروعة، والعقوبات الثانوية، وممارسات تجميد أرصدة الذهب السيادي، واحتياطيات النقد الأجنبي".

روسيا تنهي مشاكل أفريقيا 

لم يخل الحديث في القمة من وعود براقة، فقادة الدول أخذوا في الحديث عن احتياجات بلادهم لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ووقف سرقة واستنزاف مواردهم، فضلًا عن إنهاء الصراعات والتدخلات الأجنبية في قرارتهم.

بوتين حاول تطمين قادة أفريقيا عن مساعدة بلاده لهم لتحقيق الاستقرار، قائلًا: "لدينا خطة عمل مع إفريقيا حتى 2026 وهدف لزيادة التبادل التجاري وبنيته التحتية والانتقال للتسويات بالعملات المحلية"، منوها بأن روسيا ستأخذ بعين الاعتبار مقترحات شركائنا الأفارقة.

وأكمل: "شركاتنا منفتحة لتسليم الشركاء الأفارقة التكنولوجيا وزيادة التعاون الثقافي والرياضي"، مشددا على أن روسيا ستقدم مساعدة للدول الأفريقية لمحاربة الأوبئة وقد وصلت المبالغ المخصصة لذلك إلى مليار ونصف المليار روبل.

وشدد رئيس جزر القمر، على أن روسيا أظهرت استعدادها لمساعدة الدول الأفريقية في التصنيع وعدم تصدير المواد الخام، فيما يخص الطاقة والزراعة وغيرها من المجالات الأخرى، متابعًا: «أعتقد أن النجاح ينتظرنا، ومن طرفنا سنشكل الظروف المهيئة للمنافسة وسنتمتع بشركاء كثر، وسنمضي قدما حتى يحالفنا التطور في بلداننا، وأنا على يقين بأن نحقق مثل تلك المشروعات بمساعدة روسيا».