أزمة «إثيوبيا والصومال» ودور إسرائيل.. «الهدف مصر»

ذات مصر

اشتعلت أزمة جديدة في منطقة القرن الأفريقي، وخصوصًا من قبل إثيوبيا، تضاف إلى الأزمات المتعددة التي تحيط بمصر، وتهدد مستقبل قناة السويس المصرية، ودور مصر الرئيسي في دعم حركة التجارة الدولية، والاستفادة منها.

لعبة إثيوبيا الجديدة

إثيوبيا، أعلنت توقيع مذكرة التفاهم مع إقليم أرض الصومال -غير المعترف به دوليًا- تقضي بحصول أديس أبابا على منفذ بحري في نطاق ميناء بربرة، من المتوقع استخدامه في أغراض عسكرية وتجارية، وذلك مقابل حصول أرض الصومال على حصة من شركة الطيران الإثيوبية.

الاتفاق المعلن، يمنح إثيوبيا قاعدة عسكرية ومنفذا للخدمات الملاحية التجارية على البحر الأحمر بطول 20 كلم تستأجره مدة 50 عاما، في ظل كونها دولة حبيسة لا تطل على البحر نهائيًا بعد انفصال إريتريا عنها وإعلان استقلالها عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود.

واستفادت أديس أبابا سابقًا من منفذ على ميناء عصب الإريتري لكنها فقدت القدرة على استخدامه خلال النزاع بين البلدين بين عامي 1998 و2000، وتعتمد إثيوبيا الآن على ميناء جيبوتي في صادراتها ووارداتها.

مقابل الصفقة

أرض الصومال، المحمية البريطانية السابقة البالغ عدد سكانها 4,5 ملايين شخص، استقلالها عن الصومال عام 1991، لكنها لم تنل اعتراف الأسرة الدولية وتواجه معارضة شرسة من مقديشو.

بيهي رئيس أرض الصومال قال في بيان إنه مقابل حصول أديس أبابا على منفذ إلى البحر، ستعترف إثيوبيا رسميًا بأرض الصومال. لكن الحكومة الإثيوبية لم تؤكد ذلك.

وقالت في بيان إن الاتفاق "يتضمن بنودا لقيام الحكومة الإثيوبية بإجراء تقييم متعمق تجاه اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال لنيل الاعتراف بها"

لكنها قالت إنه على الرغم من عدم الاعتراف الكامل بأرض الصومال، فقد وقعت اتفاقيات مع دول مختلفة، بما في ذلك من أجل تطوير ميناء فيها، مضيفةً: "ومع ذلك، لم يكن هناك أي تذمر أو شكوى عندما حدث ذلك".

وأكد بيان الحكومة الإثيوبية أن "أي طرف أو دولة لن يتأثر بمذكرة التفاهم هذه. لم تُفقد الثقة ولم تُنتهك أية قوانين".

رفض صومالي

وفي غضون الإعلان، أعلنت الصومال رفضها للاتفاقية، مشددةً على تمسكها بوحدة أراضيها، وشارك مئات الأشخاص في تظاهرة في مقديشو للتنديد بالاتفاق الذي يمنح إثيوبيا، إحدى أكبر الدول غير الساحلية في العالم، منفذًا على البحر الأحمر لطالما سعت إليه.

ودعت الصومال مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، لاجتماع عاجل لبحث «العدوان» الإثيوبي، مشددةً على تمسكها الكامل بالدفاع عن وحدة أراضيها «بشتى الوسائل القانونية الممكنة».

وصرح رضوان حسين، مستشار الأمن القومي الاثيوبي، بأن مذكرة التفاهم (الأخيرة) تمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر.

دعم مصر ودولي للصومال

مصر والعديد من دول العالم، والمنظمات الدولية، أعلنت دعمها للصومال، مشددةً ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة على كامل أراضيها، ومعارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، وحق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

وحذّر الدول من "خطورة تزايد التحركات والاجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها.

وشدّدت مصر على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها... وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.

إسرائيل كلمة السر

وشدد محللون على أن الخطوة الإثيوبية الحالية رغم الاضطرابات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، لم تأت من فراغ، لكنها بدافع من دولة الاحتلال الإسرائيلي لإشغال مصر عن التوترات الموجودة على الحدود مع إسرائيل في ظل الحرب على غزة.

وأوضحوا أن تل أبيب تحاول إلهاء القاهرة بقضية جديدة مع إثيوبيا لتخفيف الضغط المفروض عليها من خطر دخول مصر في الحرب في غزة، مبينةً أن العلاقات القوية الحالية بين إسرائيل وإثيوبيا ساعدتها في تنفيذ ذلك.

خطر الاتفاق على مصر

الاتفاق الجديد يمثل خطرًا حقيقيًا على مصر، وممرها الملاحي الأهم في العالم، قناة السويس، كونه يتعدى الخدمات التجارية واللوجستية، ويقود إلى دور أمني إثيوبي في القرن الأفريقي يصل خليج عدن والبحر الأحمر ويهدد اقتصاد قناة السويس وحركه الملاحة الدولية.

ويرى مراقبون أن نجاح إثيوبيا في تحقيق ذلك الهدف سيمنحها نقطة انطلاق للتحكم في حركة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الواصل إلى قناة السويس، ما يهدد الأمن القومي العربي ومصالح مصر الاقتصادية والأمنية بشدة، إذا ما وظفت إثيوبيا نفوذها في الصومال لصالح أجندتها السياسية.

وتنظر إثيوبيا إلى منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل والبحيرات العظمى بوصفها منطقة نفوذ إقليمي تسعى فيها إلى إبراز هيمنتها وتوسيع نفوذها لكي تصبح أحد أقطاب القارة الأفريقية، وتعتبر أن الحصول على منفذ بحري سيادي لها على البحر الأحمر إحدى أهم أدوات تحقيق هذا الهدف.

وشدد المراقبون على ضرورة صد المحاولات الإثيوبية بكل السبل حفاظًا على الأمن القومي المصري الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ووقف النفوذ المعادي للدول المجاورة ولمصر في القرن الإفريقي.

المشروع الإثيوبي يتعارض أيضًا مع مشروع مصر في إنشاء طريق كاب تاون لربط كل الدول الأفريقية بطريق تجاري واحد يمر بمصر، ما يشير إلى وجود محاولة إضافية لضرب الاقتصاد المصري سواء كان بالاستيلاء على موانئ مهمه على البحر الأحمر مدخل قناة السويس أو عرقله مشاريع اقتصادية مصرية مهمة تربط كل الدول الأفريقية ببعضها.