الإخوان وانتخابات الرئاسة بالجزائر.. مشاركة لا منافسة

ذات مصر

تتأهب الأوساط السياسية في الجزائر للانتخابات الرئاسية المبكرة المقرر عقدها سبتمبر المقبل وسط مشاركة حركة مجتمع السلم التي تعتبر فرع جماعة الإخوان المسلمين بالجزائر.

وكان مجلس الشورى لحركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية والمعارضة بالجزائر، قد أعلن ترشيح رئيس الحركة عبد العالي حساني شريف للانتخابات الرئاسية التي ستُجرَى يوم السابع من سبتمبر 2024.

وجاء ترشيح حساني في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير عن رغبة الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم  عبد الرزاق مقري الترشح في الانتخابات الرئاسية.

وأبدى مقري، تحفظات عن عملية اختيار خلفه عبد العالي حساني، مترشحا باسم الحركة في الرئاسيات المقبلة. 

وكتب على صفحته بمنصة "فايسبوك" ما يختلج في صدره بخصوص المسألة قائلا "أؤكد ما قلته منذ البداية بأن لدي الرغبة في قيادة البلد وأنني قادر على ذلك بما يحقق تنميته ونهوضه بين الأمم، غير أنني لا أتحكم في الفرصة التي تملكها مؤسسات الحركة وتتحكم فيها السلطات".

 وكان حساني قد أعلن في تصريحات صحفية عقب إعلان ترشحه: "تحملنا جميعا هذه المسؤولية وهذا الترشح هو ترشح للحركة والوطن والأمة، نحن في حركة مجتمع السلم لا نفكر بمنطق المصالح ومنطق الأشخاص بل بضمير الأمة والوطن". وأكد أن "الشعب الجزائري اقتنع أن المنهج الذي يحفظ ويصون الوطن هو منهج الوسطية والاعتدال"،  لافتا إلى أن "ترشحنا ينطلق من هويتنا ونحن حركة وطنية وسطية نسعى لنحافظ على التعددية والوسطية".

 وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها "حمس" في الانتخابات الرئاسية منذ عام 1995 وهو العام الذي خاضت فيه المعترك الانتخابي بمؤسسها ورئيسها الراحل محفوظ نحناح الذي حل ثانيا بعد الرئيس اليامين زروال قبل أن تعلن مساندتها لترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 1999 وَ 2004 وَ 2009 وقاطعت الحركة الانتخابات الرئاسية عامَي 2014 وَ 2019.

وأول أمس الجمعة، أكد رئيس حركة مجتمع السلم والمرشح الرئاسي عبد العالي حساني شريف، أن تشكيلته السياسية ستخوض الانتخابات بروح من التنافسية العالية، كون تشكيلته تؤمن بالمشروع الذي ستقدمه للجزائريين الذي سيتضمن حل مشكلاتهم ولتكون الجزائر دولة مزدهرة.

وفي محاولة للوقوف على مستقبل الصراع الانتخابي بالجزائر وفرص التيار الإسلامي في المنافسة على الفوز بالرئاسة إلتقت " ذات مصر" بالمحلل السياسي الجزائري المقيم في فرنسا د.الحسين مصدق الذي قلل من أهمية الانتخابات الرئاسية المقبلة ووصفها بالشكلية.

إجراء شكلي

وأكد مصدق أن الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرر عقدها في سبتمبر المقبل مجرد إجراء قانوني شكلي لن يؤدي إلي أى تغيير في السلطة، موضحا أن الانتخابات في الجزائر تخضع لمساومات و تسويات مسبقة قبل حتى الإعلان عن إجرائها ونتائجها تعتبر محسومة بشكل كبير.

وحول إعلان حركة مجلس الشورى لإخوان الجزائر الممثلة في حركة مجتمع السلم، بشكل رسمي، ترشيح رئيسها عبد العالي حساني شريف للانتخابات الرئاسية، يري الخبير الجزائري أن خوض الاخوان أو الإسلاميين بشكل عام للانتخابات مجرد محاولة للبقاء وليس الفوز، لافتا في الوقت نفسه إلي أنه حتى لو فاز الإخوان بالرئاسة فلن يسمح لهم أحد بتولي السلطة.

وبسؤاله حول احتمالية تكرار أحداث التسعينات والعشرية السوداء التي عاشتها الجزائر بعد فوز جبهة الإنقاذ بالرئاسة، شدد الخبير الجزائري أن الأمر مختلفا فهذه المرة لن يسمحوا لهم بالنجاح من الأساس.

وبحسب د.مصدق فإن الانتخابات الرئاسية في الجزائر تتخذ طابعا مغايرا هذه المرة عن سابقاتها فهي تاتي بعد الحراك الذي كشف مدى تورط الأحزاب في الفساد السياسي والأخلاقي و المالي في الجزائر و الزج بالعديد من قادة الأحزاب في السجون بفعل تورطها في هذا الانحراف الذي كاد أن يعصف بالدولة الحزائرية من الداخل. 

إضافة إلى عمل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على إفراغ الساحة السياسية من المعارضة الحقيقية و الابقاء إلا على الموالين حيث أصبح المجتمع الجزائري لا يؤمن بالمعارضة للسياسة و يعتبرها تلعب ادوارا لصالح السلطة القائمة و خدمتها بحسب وصفه.

وتابع الخبير الجزائري:  "إضافة إلى دور الإعلام الجزائري الذي تهيمن عليه فئة مناوئة لكل ما هو مسلم و ما هو عربي و ترمي بثقلها للحط من مرشحي التيارات الإسلامية و التي لها انتماء عربي إسلامي و ذلك للإبقاء على الساحة فارغة للتوجهات الفرانكو بربرية وأصبح وجود الاحزاب الإسلامية في مقامة من أجل البقاء و ليس من أجل السلطة التي اصبحت من المستحيلات بالنسبة لها بفعل تكتل كل الأجهزة الإدارية و الإعلامية و الاقتصادية و السلطوية ضدها.

تسجيل حضور وليس منافسة

وأشار الخبير الجزائري إلي أنه كلما أعلن طرف ذو توجه إسلامي نيته في الترشح للاستحقاقات الرئاسية حتى تثور الثائرة ضده و بالتالي فإن طرح مرشح باسم حمس أو مرشح باسم التيار الإسلامي العروبي في الجزائر فهو مجرد التعبير عن الوجود و السعي للحفاظ على البقاء في الساحة السياسية. 

و يري مصدق أن ترشيح مقري أو عبد العالي حساني في السباق الرئاسي بدون طموح فعلي في النجاح و الكل يعلم انه من المستحيل توليهم رئاسة البلاد حتى و لو نجحوا فعلا فسيعلن عنهم في ذيل النتائج الانتخابية وبالتالي فيمكن أن نسمي ترشحهم بأنه مجرد تسجيل الحضور.

وأكد أن الاحتمال الأقرب والنتيجة شبه المؤكدة هو بقاء الرئيس عبد المجيد تبون في منصبه لفترة رئاسية جديدة.

وبسؤاله حول قوى الحراك بالجزائر التي أطاحت بالنظام السابق ودورها في العملية السياسي وكيف تراجعت أمال التغيير أكد الخبير الجزائري أن الأمر يتطلب وقت أكثر لان المجتمع لازال تحت إرتدادات الحراك و يعيش انقسامات كبيرة.