أنصار الله.. جماعة دينية بنكهة عائلية

ذات مصر

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر 2023، كان لجماعة أنصار الله أو الحوثي اليمنية الموقف الأقوي بين كل الدول العربية والإسلامية حيث قامت الجماعة بإطلاق صواريخ نحو جنوب إسرائيل واستهداف سفن تجارية بالبحر الأحمر.

وفي 14 نوفمبر، توعدت الجماعة باستهداف أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، وهو التهديد الذي نفذته بعد أيام قليلة من صدور البيان، ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني، سيطر الحوثيون على السفينة الإسرائيلية غالاكسي ليدر، واقتادوها مع طاقمها إلى السواحل اليمنية. وفي 25 من الشهر ذاته، هاجمت مسيّرة يمنية سفينة كلاندار المملوكة لشركة زيم الإسرائيلية.

وعلى مدار شهور الحرب الثمانية، كان الموقف الحوثي هو الأقوي بين الدول العربية بشكل كان مفاجئا للكثيرين الذي كانوا يحملون مواقف سلبية من الجماعة بفعل الأزمة في اليمن.

فما حكاية جماعة أنصار الله أو ما يعرف بـ"الحوثيين" وكيف تحولت من حركة دينية زيدية محلية، إلى كيان مسلح يهدد الملاحة العالمية وما سر سيطرة عائلة الحوثي عليها.

البداية والتأسيس

وفقا التقارير، تعود جذور جماعة الحوثيين أو أنصار الله كما تسمي نفسها إلى عام 1991 مع تأسيس منظمة "الشباب المؤمن" في محافظة صعدة ذات الغالبية الزيدية، بإيعاز من بدر الدين الحوثي، وهو أحد كبار العلماء الزيديين في المنطقة.

شكلت " الشباب المؤمن" الجناح الدعوي والفكري والثقافي لحزب "الحق" ذي المرجعية الإسلامية الزيدية، وهو مشروع سياسي أسسه مجموعة من علماء الزيدية وناشطيها السياسيين، منهم بدر الدين الحوثي في بداية تسعينيات القرن الماضي مع إعلان الجمهورية اليمنية.

نشطت منظمة الشباب المؤمن في مجال الأعمال الاجتماعية وعملت على إحياء الإمامة الزيدية في مواجهة انتشار ما يصطلح عليها بـ"الدعوة الوهابية" السعودية في اليمن.

بعد خلاف مع قيادات حزب "الحق"، قرر بدر الدين الحوثي وأبناؤه -ومن أبرزهم الابن البكر حسين الحوثي الذي كان ممثلا للحزب بالبرلمان- قطع علاقتهم بالحزب والتفرغ لتوسيع أنشطة منظمة "الشباب المؤمن" عبر بناء مراكز ومساجد، والعمل على استقطاب الشباب والقبائل داخل منطقة صعدة وخارجها.

وفي عام 2000 تخلى حسين الحوثي عن منتدى "الشباب المؤمن" وأطلق تيارا جديدا باسم "أنصار الله" بدعم من والده، وقد عرف أيضا باسم "جماعة الشعار"، حيث اتخذت لها منذ سنة 2002 شعارات "الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، وهي الشعارات التي كان يرددها أتباعها عقب كل صلاة بجانب الهجوم الذى كان يشنه مؤسسها حسين الحوثي على الولايات المتحدة في خطبه وتجمعاته مع مناصريه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

تفضل الجماعة إطلاق اسم "أنصار الله" عليها حتى لا يرتبط اسمها بتنظيم عائلي، ويعتبرون أن أنصار الله تمثل حالة فكرية ودينية ومحاولة إحياء واستنهاض تاريخية لا تمثل الزيدية إلا خلفيتها الثقافية والاجتماعية.

أيدلوجية أم مذهب

وفقا للكثير من المصادر فإن أنصار الله تصنف بأنها شيعية اثني عشرية، معتبرين إن مرشدها الروحي بدر الدين الحوثي، ومؤسسها ابنه حسين الحوثي، تأثرا بهذا المذهب بعد استقرارهما في إيران منتصف تسعينيات القرن الماضي، وهو ما ينفيه الحوثيون ويؤكدون تمسكهم بالمذهب الزيدي.

وذكرت بعض الدراسات أن حسين الحوثي حاول بعد عودته من إيران الترويج لأفكاره الجديدة في خطبه وتبني عدد من الطقوس الجعفرية مثل الاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء، وسعى لرأب الصدع بين المذهبين بالرغم من الخلافات الجوهرية بينهما.

ومن أهم هذه الخلافات أن المذهب الجعفري الاثنا عشري لا يعترف بإمامة زيد بن علي مؤسس المذهب الزيدي، وأن الزيديين يرفضون ادعاء عصمة الأئمة الشيعة ويرون أن العصمة للأنبياء فقط، كما أنهم يختلفون مع بعض مذاهب الشيعة في عقيدة التقية وسب الصحابة، وفجرت هذه المساعي التقريبية خلافات في أوساط علماء الزيدية.

ويرى عدد من الباحثين أن امتزاج الزيدية بالاثنا عشرية لدى الجماعة أدى إلى إنشاء ما أطلقوا عليه "مذهبا حوثيا" مرجعيته الأساسية خطابات المؤسس حسين الحوثي.

أنصار الله أم الحوثي

منذ نشأتها، يحتكر أفراد عائلة الحوثي المناصب القيادية في جماعة أنصار الله، بداية من بدر الدين الحوثي الذي يعتبر الأب الروحي للجماعة ومرجعها الأول والذي توفي في نوفمبر 2010 بعد تولى قيادة الجماعة لفترة بعد وفاة زعيمها حسين الحوثي، قبل أن يسلم الزعامة لابنه الأصغر عبد الملك الحوثي. 

عبد الملك الحوثي هو الزعيم الحالي للجماعة د في صعدة عام 1979، تلقى تعليمه في المدارس الدينية الزيدية، وهو أصغر أبناء الزعيم الروحي للحوثيين بدر الدين الحوثي، ظهر إلى الواجهة بعد مقتل شقيقه حسين الحوثي عام 2004 وتوليه قيادة الجماعة بتزكية من والده.

وداخل أروقة الجماعة تحتفظ عائلة الحوثي بالسلطة ضمن دائرة الأسرة، إذ يتربع عبد الملك الحوثي بوصفه قائد الثورة على قمة منظومة الحكم لدى الحوثيين ومعه أفراد من أسرته وأصهارهم، ويأتي بعدهم الموالون للجماعة الذين قاتلوا إلى جانبهم منذ حروب صعدة ثم بعدهم الهاشميون.