إياد آغ غالي..ثعلب القاعدة ذو الخلفية اليسارية المطلوب للجنائية الدولية

ذات مصر

أكدت تقارير صحفية صدور مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد القيادي الجهادي إياد آغ غالي زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين فرع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل الإفريقي.

وتنشط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتسيطر على مساحات شاسعة بهذه الدول ومتهمة بشن العديد من الهجمات ضد القوات الوطنية وارتكاب فظائع ضد السكان المدنيين.

وكشف قضاة المحكمة الجنائية الدولية، أمس الجمعة، عن صدور مذكرة اعتقال بحق غالي بشأن الفظائع المزعومة في مدينة تمبكتو المالية في الفترة من 2012 إلى 2013.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إن آغ غالي، المعروف أيضًا باسم "أبو الفضل"، مطلوب لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية شمملت القتل والاغتصاب والاستعباد الجنسي والهجمات على مواقع تعتبر معالم دينية وتاريخية.

وبحسب فرانس برس، فإنه في منتصف عام 2017، أصدر القضاة مذكرة ضد أغ غالي الملقب بالثعلب، لكن الوثيقة ظلت طي الكتمان طوال السنوات السبع الماضية بسبب "المخاطر المحتملة على الشهود والضحايا.

وقال بيان إن المحكمة الجنائية الدولية "بناء على طلب المدعي العام، أصدرت مذكرة اعتقال بحق إياد أغ غالي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتكبت في شمال مالي بين يناير 2012 ويناير 2013".، وذكر البيان إن "غالي ليس معتقلا لدى المحكمة الجنائية الدولية".

وخلال السطور التالية نحاول التعرف على إياد آغ غالي ثعلب القاعدة الذي تبحث عنه المحكمة الجنائية الدولية.

النشأة والبدايات:

وُلد إياد آغ غالي في عام 1954 في كيدال، وهي منطقة تقع في شمال مالي وتعتبر معقلًا للطوارق .

تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مالي، وكان منذ صغره مهتمًا بالقضايا السياسية والاجتماعية المتعلقة بالطوارق خاصة أنه ينتمي إلى قبيلة الإفوقاس، إحدى القبائل الطوارقية المعروفة.

كان طفلا عندما نزع الرئيس المالي الراحل موديبو كيتا الزعامة من قبيلته في إطار مساعيه للقضاء على المشيخات القبلية.

تحدثت تقارير إن إياد آغ غالي كان من ضمن شباب الطوارق الذي عبر الصحراء إلى ليبيا خلال ثمانينيات القرن الماضي نتيجة الجفاف الذي ضرب أراضيهم، ويعتقد أنه تلقى تكوينه العسكري في صفوف "الكتيبة الخضراء" التي شكلها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي من الطوارق.

زعيم يساري

بعد عودته من ليبيا، بدأ إياد غالي نشاطه، بالإنضمام إلى الحركة الوطنية لتحرير أزواد وهي حركة تطالب باستقلال منطقة أزواد شمال مالي وكان وقتها أقرب إلى الفكر اليساري القومي منه إلى الإسلامي.

ولعب غالي دورا بارزا في تمرد الطوارق ضد الحكومة المالية قبل أن ترعي الجزائر اتفاق سلام بين الحكومة المالية والحركة أدى لتوقف القتال أواخر عام 1992، وتم إدماج العشرات من مقاتلي الحركة الشعبية في الجيش المالي، إلا أن غالي رفض أن يكون أحدهم، فتم تعيينه قنصلاً عامًا في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

وعقب رحيلة إلي السعودية، اختلفت التقارير وتضاربت المصادر حول إياد غالي حيث تحدثت البعض أنه تفرغ فيها لأعماله فلم يظهر على الساحة السياسية والعسكرية بأزواد، وبعضها تحدث عن انضمامه في موريتانيا إلى جماعة "التبليغ والدعوة" التي ترفض الخوض في السياسة، فيما تحدتث تقارير أخري أنه تعرّف إلى الفكر السلفي على يد مشايخ السعودية، لكن الثابت فعلاً أنه انضم لجماعة التبليغ، ثم تعرّف على الفكر السلفي بميول جهادية.

في 2003 ظهر إياد آغ غالي من جديد ولكن في دور الوسيط بين أجهزة المخابرات الغربية وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي للعمل على إطلاق سراح رهائن غربيين. 

وذكرت تقارير أن لقاءات إياد غالي مع قيادات القاعدة، خلال المفاوضات، جعلته يتعرّف أكثر وعن قرب على المسلحين المنتمين للتنظيم وأفكارهم.

تأسيس أنصار الدين

وفي 2011، أسس غالي حركة "أنصار الدين"، وهي حركة تصف نفسها بأنها إسلامية سلفية، تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، بجانب مطالب محلية تتعلق بحرية وحقوق سكان أزواد.

وتشكلت غالبية الحركة من الطوارق، لكن الطابع الإسلامي جلب لها أنصارًا من مختلف المكونات العرقية في المنطقة، بل ومن دول الجوار. 

وفي نوفمبر عام 2011 دخلت الحركة في تنسيق مباشر مع "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، كما دخلت معها في نفس التنسيق مع حركة "التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، التي انشقت عن تنظيم القاعدة.

وشنت جماعة أنصار الدين سلسلة هجمات على معسكرات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمم المتحدة.

وفي 26 مايو 2012 وقّعت "أنصار الدين" بزعامة إياد آغ غالي اتفاقًا مع "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"  نصّ على إقامة اتحاد بينهما تحت مسمى "المجلس الانتقالي لدولة الأزواد الإسلامية"، لكن خلافات حالت دون تنفيذ مشروع الاتحاد. 

وفي مارس 2013 أدرجت الولايات المتحدة حركة أنصار الدين على قائمة المنظمات "الإرهابية"، وحظرت على المواطنين الأميركيين الاتصال بها بأي صورة، كما صنفت في فبراير 2013 زعيم الجماعة إياد آغ غالي زعيما إرهابيا.

تحالف نصرة الإسلام والمسلمين

شهد عام 2017، الإعلان عن تحالف جهادي جديد بين الجماعات الجهادية في منطقة الساحل حيث توحدت عددا من الفصائل تحت راية تنظيم جديد هو "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". 

كانت جماعة أنصار الدين، بقيادة إياد آغ غالي، إحدى الجماعات الرئيسية في التنظيم الجديد إلي جانب كل من جماعة المرابطون، وكتيبة ماسينا، وجبهة تحرير ماسينا.

تم تعيين إياد آغ غالي زعيمًا لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، مما عزز دوره القيادي في الحركة الجهادية بمنطقة الساحل.

محاولات إغتيال

ورغم تعرضه للكثير من محاولات الإغتيال واستهدافه بشكل مباشر من القوات الفرنسية التي كانت تقود الحرب على التنظيم حينها، وكان إياد أغ غالي على رأس قائمة المطلوبين، لكن الرجل المشهور بـ "الثعلب" نجح في البقاء تحت الأرض رغم نجاح باريس في استهداف زعامات أخرى في التنظيم ضمن الدائرة القريبة منه.

خلال السنوات السبع الأخيرة راجت شائعات كثيرة حول صحة إياد أغ غالي، ذهبت بعضها إلى التشكيك في وجوده على قيد الحياة، وذهبت أخرى إلى أنه يتلقى العلاج في أحد المستشفيات الجزائرية، ورغم كل ذلك لم يكلف أغ غالي نفسه عناء الظهور لينفي كل ما يروج عنه.

أخر ظهور

وكان أخر ظهور لزعيم جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» إياد أغ غالي في ديسمبر الماضي أعلان خلاله الحربَ على روسيا بصفتها اللاعب الدولي الجديد في منطقة الساحل الأفريقي بعد رحيل فرنسا عقب سلسلة الإنقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة الساحل.

وخلال مقطع مصورا مدته 22 دقيقة، ظهر فيه إياد أغ غالي بزي الطوارق التقليدي الأبيض داعيا الشعوب المسلمة في المنطقة مساندة مقاتليه وهم يواجهون حكومات مالي وبوركينا فاسو والنيجر  التي وصفها بـالخائنة والمتحالفة مع مجموعة فاغنر الروسية الخاصة.