فاجنر وحميدتى .. من يستغل الآخر ؟

ذات مصر

مثلت السودان طيلة عقود حكم نظام رئيسها المعزول عمر البشير أهمية كبيرة للدب الروسي في منافسته الدؤوبة مع الولايات المتحدة على مناطق النفوذ والمصالح في الشرق الأوسط.

ولعب الموقع الجغرافي المطل على البحر الأحمر فضلاً عن الثروات الطبيعية في البلاد دومًا دورًا حاسمًا في التهافت الدولي على إقامة علاقات ووضع قدم أو ذراع أوايجاد حليف استراتيجي تراهن عليه يضمن لها تأمين مصالحها.

محمد حمدان دقلو زعيم ميليشيا الدعم السريع مثل النموذج المثالي الذي وجدت فيه موسكو ضالتها المنشودة بما يقدمه من عروض سخية تضمن تعاظم المصالح الروسية فيها.

وسنحاول في هذا التقرير رصد أهمية دعم «حميدتي» في السياسة الروسية، وآليتها في ذلك

 تعاظم محتمل للنفوذ الروسي في السودان بالتحالف مع «حميدتي»

حاولت موسكو مرارًا ايجاد موطيء قدم لها على البحر الأحمر عبر السودان، ونجحت في عقد اتفاقية باقامة قاعدة عسكرية هناك عام 2017 مع نظام البشير، قبل أن يقوم المجلس الإنتقالي بقيادة الفريق أول البرهان بإلغائها في 2019، فضلًا عن تعاظم محتمل لامتيازات موسكو في مناجم الذهب السودانية الواقعة تحت سيطرة حميدتي.

حميدتي مثل رهانًا هامًا لموسكو في هذا الملف الهام، بعد إعلانه أثناء زيارته لها مطلع 2022 قبوله منحها حق إنشاء قاعدة في بورتسودان، رغم تمتع موسكو بعلاقات رسمية مع الجيش السوداني تتعلق بالتدريب وبيع الأسلحة له.

حياد رسمي روسي مع تقديم دعم عسكري غير مباشر

لجأت موسكو لدعم حميدتي عبر أدواتها غير الرسمية المتمثلة في مجموعة فاجنر المقاتلة التي استخدمتها في حربها ضد أوكرانيا، واستخدمتها كذلك لدعم حليفها الليبى الجنرال خليفة حفتر، عبر الدفع بهم إلى السودان من الجنوب الليبي لمساعدة الميليشيات ودعمهم بالصواريخ.

تقارير إعلامية غربية صادرة عن  CNN الأمريكية تحدثت عن تحرك ملحوظ رصدته الأقمار الصناعية لقوات فاجنر الروسية من الأراضي الليبية إلى السودان.

ميليشيا الدعم السريع ومجموعة فاجنر العسكرية الروسية أجمعا عبر تصريحات منفصلة لقائديهما على نفي وجود أي دعم عسكري مقدم من قبل «مجموعات فاجنر» للميليشيا، بينما وصف يفغيني بريغوزين رئيس المجموعة العسكرية الروسية الخاصة، التقارير الإعلامية المشيرة لتورط مجموعته بأنها «محاولة استفزاز»، كما وصفت ميليشيا الدعم تلك التقاريربـ «الملفقة».

تصاعد حدة الخطاب الأمريكي  الروسي بشأن تواجد « فاجنر» 

واشنطن  لم تقتنع بنفي الجهتين وحذر وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن من معلومات وردت تتحدث عن تواجد كثيف لمجموعة فاغنر الروسية على الأراضي السودانية.

التفاعل الأمريكي لم يقتصر على إبداء القلق، بل حذرت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من الأضرار البالغة لاستخدام قوات فاجنر الروسية الموجودة في ليبيا في الأزمة السودانية.

وزير خارجية موسكو سيرجي لافروف خرج بعدها بساعات يتحدث عن ضرورة عدم التدخل الخارجي في السودان، ومذكرًا بالدور الأمريكي في تقسيمه إلى شمال وجنوب ومحذرًا من مخاطر تقسيم تتزايد مع التدخل الأمريكي في شؤنه، داعيًا في الوقت نفسه لضرورة العودة للحوار بين كافة الأطراف.